الرئيسية > محليات > رئيس الجمهوري: مسيرتنا نحو التغيير لا رجعة فيها ولا نتوقع تكون الأرض معبدة ومفروشة بالورد بالانتقال من الشرعية التقليدية إلى مرحلة الشرعية الدستورية

رئيس الجمهوري: مسيرتنا نحو التغيير لا رجعة فيها ولا نتوقع تكون الأرض معبدة ومفروشة بالورد بالانتقال من الشرعية التقليدية إلى مرحلة الشرعية الدستورية

 

يمن فويس – صنعاء :

وجه الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية خطابا وطنيا هاما إلى جماهير شعبنا اليمني في الداخل والخارج بمناسبة اليوبيل الذهبي لثورة الـ 26 من سبتمبر الخالدة.. فيما يلي نصه:

 بسم الله الرحمن الرحيم

 والصلاة والسلام على من أرسله الله هاديا للخير وموحدا للعالمين

 الآباء والأمهات.. الأخوات والأخوة والأبناء الأعزاء.

 شاءت الظروف وطبيعة المرحلة التي تعيشها البلد وما يفرضه واجبي نحو وطني أن يحل الاحتفال بالذكرى الخمسين لثورة سبتمبر الخالدة فيما أنا لست معكم، إلا أن ما خفف من وطأة غيابي في هذه المناسبة العزيزة كوني احمل معي قضايا بلدي وهموم شعبي باحثا عن دعم يدير عجلة اقتصاد منهار ومتلمسا لعون يساعدنا جميعا على استكمال السير في إنجاز مهمة التغيير بسلام ودون خسائر.

 الإخوة المواطنون: ونحن نعيش افراح متتالية لتخليد نضالات اصدق الوطنيين واشرفهم من الذين ارتضوا الموت وسعوا اليه بهدف صنع التغيير وتحقيق مستقبل افضل لشعوبهم فانني انتهزها فرصة لتهنئتكم بهذه المناسبة وهي ايضا لابناء قواتنا المسلحة والامن المرابطين في مواقع الشرف والكرامة.

 إن قيمة الثورات تتجسد بقدر ما تحمله من مشاريع بناء واهداف سامية تخدم الاوطان والبشرية وهو ما حملته اهداف ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من اكتوبر والذي آمن بها مناضلون وحملوا رايتها بعضهم لقوا ربهم وآخرون مد الله في اعمارهم ليروا نتاج نضالهم سواء من ثار ضد الحكم الامامي في شمال الوطن او من قادوا راية التحرير ضد الاستعمار البريطاني في جنوبه كرفاق نضال وتحرير في مواقع مشتركة او متفرقة تجمعهم نفس الاهداف وان اختلفت المطالب ، وهو ما يؤكد على ان اليمن وفي مختلف مراحل تاريخها القديم والوسيط وحتى الحديث والمعاصر ظلت الاسم الجامع لليمنيين على رغم التقسيم الذي طالها وصارت فيه دويلات وكيانات صغيرة.

 إن احتفالنا بالعيد الخمسين لثورة ال26 من سبتمبر وكذا العيد ال49 ل14 اكتوبر الذي قاد الى خروج المستعمر في ال30 من نوفمبر هو بمثابة الوفاء للشهداء والمناضلين وتذكير للاجيال التي لم تعان او تعيش مرحلة الاستبداد والاستعمار من ان ما تحقق هو بفضل هذه التضحيات التي صنعت الثورة وخلقت المتغير.

 وما دون ذلك فان الحديث عن عهد ما قبل الثورة هو حديث له علاقة بالماضي يهتم بتتبع تفاصيله واحداثه المؤرخون والباحثون والمحققون والعودة اليه في مناسبات كهذه يعد ضرورة فقط لاستخلاص العبر والاستفادة من الدروس ، واول ذلك ان أي حكم يقوم على اساس عصبوي او سلالي او قبلي او بواسطة الاحتلال الاجنبي غصبا عن رغبات الشعب فان استمراره يعد ضد سنن الحياة، ومهما طال استمراره فلا بد ان تسقطه ارادة الجماهير ، وهو ما تحقق من خلال ثورتي سبتمبر واكتوبر ولهذا فان السعي لمعرفة سلبيات عهد مضى يعد من قبيل التأمل والتحفز لعدم عودة ما يمكن ان يكون اجترارا لمرارة ماض نحتفل سنويا بالقضاء عليه.

 وصحيح انه لا يمكن الادعاء من انه وخلال العقود الخمسة الماضية قد تحقق كل ما ثار ضده شعبنا وحلم به لظروف ومعوقات بعضها موضوعي والاخر له علاقة بالارادات، الا ان ما يتوجب قوله هو ان كل من تحمل مسئولية هذه البلد قد عمل بقدر ما يستطيع عليه بحسب امكانياته وان ايا ممن سبقونا في الحكم قد حققوا شيئا قل او كثر ولم يقف أي من هؤلاء بالوطن من حيث استلمه وهو ما ينطبق على حكام اليمن السابقين شماله وجنوبه.

 الإخوة المواطنين :-

لقد بلغ نضالنا لحظة حاسمة ونجحنا مجتمعين بانقاذ البلد من دمار كان وشيكا وهو ما يحتم علي دعوة العلماء والسياسيين والمثقفين والمشائخ والوجاهات الاجتماعية وقادة الرأي لاغتنام هذه اللحظة والعمل على خلق الارضية الصالحة للتوافق حتى تتسارع عملية التحول الشامل.

ولم يعد بوسع أحد التسويف أو المماطلة لأن الجهود إذا توانت أو ضعفت الآن فسيكون ذلك بمثابة تفريط بفرصة توافرت الظروف لإنجاحها حتى اليوم على الطريق ينبغي أن يشجعنا على مضاعفة جهودنا للوصول إلى غايتنا لأن مسيرتنا نحو التغيير لا رجعة فيها وعلينا ألا نسمح للتردد أو المخاوف أن تثنينا عنه لأن عودتنا إلى الوراء ستكون بمثابة هزيمة لن تسامحنا الأجيال القادمة عليها لأنه سيعد تفريطا بحقها بالعيش في وطن آمن ومستقر والمسافة التي علينا أن نستكملها ليست طويلة ومع أنها ليست هينة ولا سهلة إلا أننا يمكن أن نقطعها معا ولا بد أن لهذا الإنجاز أن يستمر لأنه يقوم على مساندة شعبنا الذي حملنا أمانة الوصول بآماله وأحلامه لكي تكون واقعا وحقيقة.

لذا أريد أن يكون حديثي منصبا عن حاضر نبحث عن إصلاح ما أعوج فيه ليكون محطة انطلاق إلى مستقبل أفضل نريد تحقيقه وقد سرنا على الطريق رغم الكوابح التي خلقها واقع مشحون بالعداء والكراهية وتحملنا بصبر تبعات فعل التغيير الذي كان مؤلما للأطراف المختلفة وجعلتها متهمة أحيانا ومهددة أحيانا ومخربة في أحيانا أخرى.

فقط لأن سوء النوايا كان وراء كل تفسير يأتي بعد أي تغيير لم يؤد إلى إعادة إنتاج سلطتها في شخوص من تم اختيارهم.

 إلا أن ذلك لم يوهن من عزيمتي لأنني كنت متوقعا لما هو أكثر منه وأشد وقد كاشفتكم صادقا في خطابات سابقة مثلت نقطة تواصل بيننا من أن أيه عملية انتقال وبالذات حينما تكون بحجم ما نحن مقدمون عليه فإننا يجب أن لا نتوقع أن تكون الأرض معبدة ومفروشة بالورد وبالذات حين يكون الهدف الذي نريد تحقيقه هو الانتقال من الشرعية التقليدية إلى مرحلة الشرعية الدستورية والقانونية وهو ما نواصل السير لتحقيقه.

 إننا ندرك أن المصالحة الوطنية وبناء الدولة ستظل كلمات جوفاء إذا لم تكن مبنية على جهد منسق لاجتثاث الجذور الحقيقية لماضي الصراع والظلم باعتبار أن تماسكنا الاجتماعي وأمننا الوطني وبقاء ديمقراطيتنا تتوقف قبل كل شي آخر على تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب وضمان تحقيق العدل والمساواة في الحقوق السياسية والمدنية واحترام حقوق الانسان.

وإنني على ثقة من انه من الممكن والعملي بلوغ هدفنا المتمثل في تهيئة حياة افضل للجميع ونستمد ثقتنا من اننا نعلم ان هذه رؤية مشتركة لدى الاغلبية الساحقة من مواطنينا على اختلاف مستوياتهم وانتماءاتهم السياسية، ولهذا فاننا نعول كثيرا على ان يكون الحوار الوطني الشامل هو الحامل لكل ما يريد شعبنا تحقيقه باعتبار ان الحوار يجب ان لا يفسر بكونه ليس اكثر من تبادل افكار يقضي في النهاية الى ان كل طرف يحاول فرض مشروعه على الاخر، بل ان الغرض الاساس يتمثل بالوصول الى قناعات مشتركة حول ماهو البديل الافضل للبلد وهو ما تعمل اللجنة الفنية للحوار على الاعداد له بحيث يكون ضامنا لحرية حدودها السماء ومفسحاً لنقاش متسامح ينتج افكارا تقود لبناء وطن ودولة لا سلطة وحكومة او حزبا.

 وأقول صادقاً ليس لنا ولانملك خيارا غيره مع علمي ان هناك معوقات يتم خلقها بهذا القدر او ذاك، الا اننا سنحاول بجهد جمعي تجاوزها اذ وللاسف فان البعض مازال يخشى الديمقراطية ولكن هذه الخشية لا يمكن السماح لها بان تقف في وجه الحل الوحيد الذي يضمن الخروج بالبلد من مرحلة التوافق الى مرحلة الاستقرار لانه وبدون تحقيق ذلك ستكون اعاقتنا دائمة.

 شعبنا اليمني العظيم ..

 لقد اخترت المضي في قيادة التغيير عن قناعة وهو مسار صعب محفوف بمخاطر ومشاق هان وتهون امام تحقيقه كل تضحية، وكل ما اعد به ان ما يمكن ان يؤدي الى تعطيل مسار التغيير فانني لن التزم امامه الصمت والحياد وبالذات في مسألة هي بالنسبة للبلد مسألة مصير، وقد تأكد عزمي على المضي في ما عاهدت الله وعاهدتكم ولن استسلم وسأواصل حتى يصل البلد الى الضفة الامنة، متحررا من حمولات الماضي واثقاله وتبعاته وتأثيره شخوصا وافكارا واعتبر نفسي ملزما اخلاقيا ودستوريا بالمضي فيما بدأت لان ما اقوم به هو تنفيذ لارادة الشعب الذي استمد منه القوة والعزم لاستكمال المقاصد التي ارتضاها الجميع فيما حوته بنود المبادرة الخليجية لإخراج اليمن من أزمته ونحن نقدر دور المجتمع الإقليمي والدولي حق قدره في تحقيق هذا القدر مما تحقق من استقرار.

 الإخوة المواطنون جميعا: مع انتهاء الانتخابات واجهنا مهمة شاقة تمثلت في إعادة بناء ما استطعنا من مجتمعنا المحطم وتوفير أبسط الخدمات لشعبنا وقبل ذلك مواجهة خطر القاعدة الذي استفحل وتطاول قبل أن يقتحم جيشنا الأبي حصونه ويهدم أركانه واليوم هناك وسطاء يضغطون في مسألة القبول بحوار مع القاعدة أو أنصار الشريعة ودائما أقول إنه ورغم أن دماء عزيزة قد سالت ومساكن تهدمت وأناسا تشردوا إلا انه ومع ذلك يمكن الحديث عن فتح حوار شريطة أن تعلن القاعدة عن موافقتها علي تسليم أسلحتها وإعلان توبتها من أفكارها المتطرفة البعيدة عن الإسلام وتخليها عن حماية العناصر المسلحة من خارج اليمن وبحيث يكون ذلك بمثابة فتح باب للحوار إلا أن الوسطاء عادة ما يذهبون ولا يعودون مرة أخرى.

 لقد كانت مهمتنا في الأساس سياسية تقتضي تهيئة الظروف التي من شأنها ان تتيح إنتقال أمن للسلطة ومن ثم التهيئة والتحضير لانتخابات برلمانية ورئاسية إلا ان غاية مثل هذه ما كانت لتتم في ظل اقتصاد منهار وأمن منفلت ومجتمع مفكك ولذلك مشينا في المسارين السياسي والاقتصادي واعتبرنا أن كل منهما مكملا للأخر وبحيث يؤدي اختلال أي منهما إلي اختلال الأخر.

 وهو ما تحقق من خلال اجتماع مؤتمر المانحين وأصدقاء اليمن في الرياض ونيويورك وهو ما يمكن أن يعيد للاقتصاد اليمني الحياة وبالذات إذا ما غادر الوزراء مربع السياسة وتفرغوا لأعمال وزاراتهم بعيدا عن مساندة أحزابهم بالمناكفات التي لا تساعد علي البناء بقدر ما تؤدي الي الهدم والشعب بعد كل ما عانى لا يحتاج الي حكومة حزبية وإنما لحكومة مهنية تعمل لأجله وتلبي احتياجاته في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية والذي لا يمكن العثور علي حلول لها إلا عندما يلتزم الجميع بأن يكون الوطن والشعب مقدما علي المصلحة الحزبية الشخصية.

 ولذلك سيتم مراقبة اداء الحكومة وتقييم كل وزير ومسؤول وسيكون الحكم على الاداء والانجاز الذي حققه وليس بما اهدر به الوقت من تصريحات سياسية تضر اكثر مما تنفع .

 الإخوة المواطنون –

 وكما عودتكم ان اكون صريحا وصادقا معكم فانني لا اخفي عليكم ان التحديات لا تزال ماثلة ولا يزال هناك قدر من الشقاق والمناكفات ومحاولات لاستعادة الصراع بطريقة او باخرى وهي امور ستبقى مادام الحاملين لهذه المساوئ يرفضون التخلص من وهم ان كل واحد منهم هو مركز الكون الذي لا تستقيم الحياة إلا بوجوده.

 وما اسهل التخريب والتدمير بيد ان الذكر الحسن والخلود سيكون مصير اولئك الذي يشمرون عن سواعدهم للبنا ويصنعون السلام ويقدمون مصلحة شعبهم ووطنهم على كل طموح ذاتي او سلطة فانية.

 ولا يفوتني هنا وفي هذه المناسبة الغالية ان ادعو كل من اضطرته الظروف للخروج من وطنه ان يعود للمشاركة في بنائه ، اذا ليس هناك خط احمر ضد أي مواطن يمني مادام يحترم دستور البلد وقانونه.

 ولهذا الشعب – الذي تحمل الكثير بصبر المنتظر الفرج واثبت قدرة هائلة على التأزر في مواجهة الشدة واسقط المراهنة على تشظيه – في نهاية المطاف اقول للشعب : لا يمكنني ان اكون الا بك ومعك حتى نثبت للعالم اجمع من اننا قادرون على تجاوز التحدي ومن اننا نستحق حياة افضل ..

 اللهم إنك تعلم صدق نوايانا وحرصنا على المضي بهذا البلد الطيب إلى بر الأمان فأعنا ووفقنا لذلك وامنح رفاقنا على الطريق بمختلف توجهاتهم وأهوائهم نور البصيرة ونفاذها حتى يستبصروا ما ينفع الوطن وأهله.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سبأ


الحجر الصحفي في زمن الحوثي