الرئيسية > تكنولوجيا > ما تقتله التكنولوجيا في رمضان

ما تقتله التكنولوجيا في رمضان

 

يمن فويس - سهيلة بورزق :

شهر رمضان هو الشهر الفضيل الذي يدخل على العالم الاٍسلامي بالرحمة والمحبة والخير، وهو من أهم أركان الاٍسلام، يأتي مرّة كل عام ليجمع العائلات المغاربية حول مائدة واحدة فتتعانق القلوب وتتفتح الأرواح على التسامح والجمال.

ومن أهم ما يميّز هذا الشهر الكريم هو اٍلتفاف الأسرة المغاربية أمام الشاشات الفضائية للاٍستمتاع ببرامجها الثقافية ومسلسلاتها الهادفة ومسابقاتها المعرفية، ليس هذا فقط فقد أصبح الكومبيوتر من أهم الأجهزة التكنولوجية التي يجب أن تتوفر في كلّ بيت حتى تغطي حاجات الفرد الواحد في البحث عن المعلومة، لكنّني من جهة أخرى أقول ان هذه المساحة التي أخذتها تكنولوجيا الكومبيوتر في البيت غيّرت عادات الكثير من الأسر ليزدحم وقتها بالاٍستقلالية وعدم مشاركة الأهل الحديث في مواضيع مختلفة حول الحياة والعلاقات الاجتماعية وما شابه ذلك، بل ان الكثير من الزوجات المغاربيات يشتكين من عزوف أزواجهم مشاركتهن جلسة حميمة للحديث والنقاش وتبادل الآراء ويفضلون قضاء وقت فراغهم أمام الكومبيوتر العجيب الذي يجيب بوفرة عن كلّ سؤال.

وكما تشبّهه احدى الصديقات فهو العشيقة الناطقة بكلّ لغات العالم والتي لا ترفض طلبا كان في السياسة أو في الدين أو في الحب، ربّما كان جهاز التلفزيون أرحم بكثير في وقت سابق، على الأقل تستطيع الأسرة المغاربية الواحدة الجلوس أمام هدف واحد للاٍستفادة والخروج منه بروح المشاركة في التعبير عن الرأي وطرح الأفكار المختلفة حول مفهومه.

أعتقد أن من سعادة الأسرة المغاربية التعبير عن تقاربها الجميل في الشهر الكريم شهر رمضان المعظم و الالتفاف حول مائدة القرآن والأحاديث النبوية الشريفة والتسامح والمغفرة وتذكر منافع الدنيا ومضارها والتقليل من الذنوب والاٍحتفاء برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وتذكر فضل الله علينا بنعمه التي لا تحصى ولاتعد وأنّ الحياة استراحة قصيرة للاٍستعداد اٍلى دنيا الآخرة.

لذلك أرى أن التكنولوجيا على اختلافها في بيوتنا المغاربية عليها أن تكون وسائل اعلام فقط في شهر رمضان أو غيره حتى لا نحرق علاقاتنا الأسرية ونحوّلها اٍلى علاقات صنمية لا تنطق اٍلا عند الحاجة ولا تتوفر بصدق اٍلا اٍذا احتدمت المشاكل واشتعلت نيران الغيرة من آلة لا تهتم بمشاعر الآخرين بقدر ما تضع الاٍنسان في ورطة التخلي عن مسؤوليته تجاه أهله وأولاده وأقاربه.

دعونا اٍذن ندخل هذا الشهر الكريم بقلوبنا ولنتذكر أنّ العائلة هي أوسع معلومة تكنولوجية فوق الأرض وأن الله أقوى في رحمته وفي جمعه لنا كاٍخوة وكأبناء وكأزواج.

نحن بحاجة اٍلى أن نلتقي أكثر في وقت تتفرق فيه جميع الأمور، وفي وقت انحصرت فيه العلاقات الاٍنسانية وأصبحت بعيدة عن حقيقتها فتحوّلت مع الزّمن اٍلى لا شيء، ولا يمكن لهذا اللاشيء أن ينهض بداخلنا الاٍنسان الحقيقي مرّة أخرى اٍلا اٍذا حاربناه بالاٍيمان الصادق، وها قد جاء الشهر العظيم لكي يحرّك فينا أمل التراحم والحب.

دعونا اٍذن نلتقي أكثر من مرات وأكثر من مرات المرات وشكرا جزيلا يا الله لوجود رمضان في حياتنا فهو المغفرة الخالصة المحببة لكل مؤمن صادق يهفو اٍلى محبة الله عن نية وصفاء واخلاص.

ولننسى التكنولوجيا عن استدراك لطيشنا فيها ولنخفف آلام من نحب بالتقرب منهم والسؤال عن أحوالهم والتواصل معهم وفتح صفحة جديدة مع الأعداء، صدقوني فحتى حب الأعداء رحمة في شهر الله وحده يعلم عظمته.

ورمضانكم كريم.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي