الرئيسية > محليات > معاناة اليمنيين تتفاقم جرّاء عمليات القاعدة وانقسام الجيش ونقص الغذاء

معاناة اليمنيين تتفاقم جرّاء عمليات القاعدة وانقسام الجيش ونقص الغذاء

ref="http://voice-yemen.com/content/yemen/274.jpg"> يمن فويس - عبد الكريم سلام - صنعاء كلما اتجهت أنظار اليمنيين إلى ترقب الخطوات المُفضية إلى تشكيل ملامح التحول المأمول وفقاً للإستحقاقات المقررة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وكلما ارتفع سقف توقعاتهم بالتحول نحو المستقبل الموعود إلا وجدوا أنفسهم أمام ثقل الماضي وفي مواجهة تعقيدات الحاضر. فالرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي أصبح جزءاً من الماضي ما زال ماثلا بكل تأثيراته في قلب الحاضر يحاول إرباك مسار التغيير.. وتنظيم القاعدة الذي قيل إن الثورات العربية تجاوزته وسحبت كل أوراقه عاد إلى الظهور في اليمن بقوة رغم تعرضه للضربة تلو الأخرى من قبل القوات الحكومية.. والسكان المحليون الذين انخرطوا في لجان للمقاومة الشعبية ضد من يُطلقون على أنفسهم "أنصار الشريعة" ويتمددون في المحافظات الجنوبية بشكل جعل الكثيرين يُولون الإهتمام بهذه المشكلة وملابساتها أكثر من متابعة التوقعات المرتقبة من خطوات التغيير وفقاً للمبادرة الخليجية، خاصة مع تزايد وتوسع نشاط القاعدة في الآونة الأخيرة وبشكل مريب وبالتزامن مع إعادة ترتيب أوضاع الأطراف المعنية طبقاً لمقتضيات التسوية السياسية للأزمة. فاختطاف الأجانب من مناطق بعيدة واجتيازهم مسافات طويلة ونقاط تفتيش منتشرة على خط السير الرابط بين أماكن الاختطاف ومواقع احتجازهم دون اعتراض تبقى من الأمور المثير للريبة والشكوك. في هذا السياق، تبقى المواطنة السويسرية سلفاني إبراهاردن (35 عاما) التي اختطفت في منتصف مارس الماضي من أمام منزلها في مدينة الحديدة غرب البلاد ونقلت إلى شرقها في محافظة شبوة التي تبعد أكثر من 1000 كم دون أي اعتراض للخاطفين واحدة من أكثر العمليات التي تنفذها عناصر القاعدة إثارة للشكوك كونها تأتي في ظروف أمنية مشددة. ومن بعدها، جاءت حادثة اختطاف القنصل السعودي عبدالله الخالدي من محافظة عدن جنوباً إلى المناطقة ذاتها التي تُسيطر عليها، إضافة إلى اختطاف فرنسي يعمل ضمن منظمة الصليب الأحمر في اليمن، كما نفذوا هجوماً ضد مركبة تقل أجانب يعملون في شركات توتال الفرنسية، كل ذلك إلى جانب خوض التنظيم حرباً شبه نظامية في عديد من المناطق بعد أن سيطرت على مدنها وعلى آليات ومعدات ثقيلة غنمتها من القوات الحكومية. اتهامات متبادلة ويذهب مُراقبون إلى أن عودة القاعدة بهذه القوة وتعاظم تهديداتها على الرغم من تكثيف ملاحقة عناصرها مسألة لها علاقة بالظروف السياسية التي تمر بها البلاد وبالصراع بين أطرافه وانقسام الجيش بين أنصار صالح وخصومه. في هذا السياق، يرى نفس المراقبون أن أنصار صالح الذين مازالوا يسيطرون على عدد من مؤسسات الجيش وقوات الأمن يسهلون تمدد القاعدة بهدف إرباك عمل الحكومة وعرقلة عملية انتقال السلطة، فيما تغض قوات خصمه علي محسن الأحمر (المتهم بعلاقاته مع متشددين إسلاميين وبقيادات من تنظيم القاعدة) بدورها النظر عن تزايد نشاط القاعدة وتمددها بغية إظهار فشل أنصار صالح باحتواء التنظيم، وتسويق نفسه كمحاور أو محارب له، خاصة وأنه دأب منذ انضمامه إلى الثورة الشعبية على التأكيد بأن القاعدة "من صنع النظام السابق" وأنه وقواته قادرون على القضاء على الإرهاب المصطنع في اليمن. في المقابل، يتهم قادة في الحراك الجنوبي طرفي الصراع باستخدام ورقة القاعدة في الجنوب من أجل إيجاد أوضاع تساعد على التنصل من مواجهة استحقاقات المطالبين باستعادة دولة جنوب اليمن وتهدف إلى فرض أطراف محددة على طاولة الحوار الذي سيجري بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية "التي لا تعنيهم"، كما يقولون . القاعدة.. "وظائف سياسية لصالح الغير" وفي وضعية كهذه تسودها التجاذبات السياسية بين المتصارعين وتتزايد فيها مؤشرات نفوذ القاعدة يتعزز الإعتقاد لدى مختلف الأوساط أن القاعدة تؤدي وظائف سياسية لصالح الغير أكثر من خدمتها لأهدافها في إقامة دولة الخلافة الإسلامية التي ترفعها، فهذه الجماعة المتشددة في وضعها الحالي تبدو للمراقبين تفتقر للقاعدة الشعبية التي تشاطرها قناعاتها، إذ أن جل أعضائها الذين ينشطون في المناطق الخاضعة لسيطرتها هم من غير السكان المحليين ومن جنسيات عربية صومالية سعودية وأجنبية تزايد تدفقهم إلى البلاد بشكل ملحوظ مستغلين الإنفلات الأمني وضعف مراقبة سواحل البلاد وانشغال الجيش بصراع الأجنحة داخله. وقد تزايد تذمر السكان المحليين مع تنامي أعمال العنف من طرف هذه الجماعة وارتفاع وتيرته وبشاعته في الآونة الأخيرة باستهداف قوات الجيش والأمن بهجمات مروعة أو رجال القبائل من السكان المحليين أدت إلى سقوط المئات منهم بين قتيل وجريح، وتزايد العنف ضد المدنيين كقطع الأيدي والقتل من قبل محاكم أنصار الشريعة، ثم إعدام أعضاء التنظيم أنفسهم بتهمة التخابر، أو لرفضهم ارتداء الأحزمة الناسفة والقيام بأعمال كانت وراء ظهور المقاومة الشعبية من قبل السكان المحليين عبر "اللجان الشعبية" التي انبرت إلى صد تمدد القاعدة وسط تزايد الإتهامات بتقاعس القوات الحكومة عن مهماتها. ومع أن اللجان الشعبية استطاعت تحقيق مكاسب كبيرة، لكن المخاوف من استعادة القاعدة لزمام المبادرة تبقى قائمة، لاسيما في ظل تزايد الشكوك بتواطئ طرفي الجيش من أجل الكسب السياسي، إضافة إلى الغموض الذي أحاط بعملية إطلاق الأسرى الـ 73 الذين اعتقلهم "أنصار الشريعة" في الهجوم على معسكر للقوات الحكومية مطلع مارس 2012 أطلقوا عليها تسمية "قطع الذنب". فثمن صفقة إطلاق الأسرى التي جرت الأسبوع الماضي مازال غامضاً، لأن الإفراج جاء بعد ساعات من التهديد بقتلهم وتزايد التوقعات باستخدامهم كورقة للمساومة والمقايضة إلا أن التخلي المفاجئ عنهم دون مقايضتهم بأسرى، أو برفع حصار عنهم، ولا بحصولهم على فدية كما يحصل عادة في مثل هذه الحالات يفتح الباب بوجه كل الاحتمالات، خاصة بعد تواتر الأنباء القادمة من مناطق المواجهات بأنهم تلقوا - بعد العملية - دعماً لوجستياً وإمدادات تموينية وغذائية من محافظات أخرى كالجوف ومأرب والبيضاء. وقد أعادت تلك التطورات مجدداً طرح علاقة القاعدة بمراكز النفوذ في البلاد بعد أن نجحت "اللجان الشعبية" في تكبيدهم خسائر جسيمة. وفي ظل الرهانات المتعلقة بمعادلات الربح السياسي للفاعلين على الساحة السياسية، يبقى الخاسر الأكبر عامة الناس سواء كانوا من سكان المناطق التي تدور فيها المواجهات، أو من بقية أفراد الشعب اليمني في عموم البلاد الذين أصبحوا عُـرضة لمعاناة مضاعفة بسبب المواجهات المسلحة وعمليات خطف الأجانب الناشطين في المجالات الإنسانية. فالنازحون من السكان المحليين بسبب الحرب يعيشون أوضاعا بالغة السوء ومن بقي منهم في مناطقهم الأصلية يعانون من أجواء حرب شرسة، في الوقت الذي ارتفعت فيه وتيرة تحذيرات المنظمات الإنسانية من نذر كارثة إنسانية في البلاد. فقد ذكرت منظمة الإغاثة الدولية «أوكسفام» أن عشرة (10) ملايين يمني لا يملكون ما يكفي من الطعام، أما برنامج الغذاء العالمي فقد كشف أن 45% من سكان اليمن لا يملكون ما يكفيهم من القوت، ويعاني النصف منهم من انعدام الأمن الغذائي وهم بحاجة إلى مساعدة طارئة من المجتمع الدولي، لكن استمرار المواجهات مع القاعدة وانقسام الجيش واستغلال أطرافه لتلك الأوضاع من أجل تحقيق مكاسب سياسية علاوة على خطف الأجانب المتطوعين في الأعمال الإنسانية (كما هو حال المتطوعة السويسرية المختطفة منذ ما يقارب الشهرين) يجعل اليمنيين واليمن تحت رحمة القاعدة وانقسام الجيش. واقع الحال هذا المريب والمريع في البلاد، لا يقلل من الشعور بمخاطره إلا ما أعلنه الرئيس الإنتقالي عبدربه هادي في أول خطاب له منذ انتخابه عن اعتزامه العمل على "إنهاء الانقسام في الجيش وتطهير البلاد من متطرفي القاعدة"، وهو الخطاب الذي أعاد شد أنظار اليمنيين إلى ممكنات التحول والتغيير وانتشالهم من المعضلة المزدوجة المتمثلة في انشقاق الجيش وتصاعد نشاط القاعدة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي