الرئيسية > عربية ودولية > من اليمن للجيزاوي.. تاريخ الأزمات المصرية السعودية في نصف قرن

من اليمن للجيزاوي.. تاريخ الأزمات المصرية السعودية في نصف قرن

ref="http://voice-yemen.com/content/yemen/268.jpg"> يمن فويس - كتب :  عمرو والي: فجرت قضية المحامى المصرى أحمد الجيزاوى والذى ألقت السلطات السعودية القبض عليه بتهمة حيازة حبوب مخدرة أزمة جديدة بين مصر والسعودية انتهت بسحب المملكة لسفيرها بالقاهرة وإغلاق قنصليتيها جراء المظاهرات التى نشبت أمام مقرها للمطالبة بالإفراج عنه. مصراوى يستعرض أهم الازمات التى تسببت فى توتر العلاقات المصرية السعودية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتى قضية الجيزاوى. أزمة حرب اليمن فى عام 1962 كانت الشرارة الأولى لبدء الأزمات بين مصر والسعودية خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بسبب الخلافات التى نشبت بين البلدين بسبب حرب اليمن حين أرسل عبد الناصر وقتها القوات المصرية لدعم الثورة اليمينة بعد تولى الامام البدر الحكم. وكان سبتمبر عام 1962 هو بداية الانقلاب الذى انطلق بقيادة اليمنى عبد الله السلال ذو الفكر الناصرى، ومع تصاعد الاحداث بدأت مصر فى ارسال قواتها لدعم الانقلاب وتثبيت نظام الحكم الجديد فكانت البداية بإرسال قوات مصرية بدأت بكتيبة وانتهت بتعداد متغير من 50 الفا الى 120 الفا عبر الاعوام 1962 الى 1970 حين غادر اليمن آخر جندى مصرى رسمياً. وكانت السعودية قد أيدت الإمام البدر خوفاً من انتقال الثورة إليها وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، وانفقت مصر بسببها أمولا طائلة على هذه الحرب وخسرت كثيراً من الجنود، فكانت حرب اليمن من أسباب هزيمة مصر فى يونيو 1967 ولم تنته الأزمة بين مصر والسعودية التى كانت تحاول بكل ما تملك إعاقة التجربة الناصرية إلا فى أواخر حياة عبد الناصر فى عهد الملك فيصل بن عبد العزيز حين انتهت الأزمة بالصلح فى مؤتمر الخرطوم، عندما ساهمت السعودية لنقل الجيش المصرى من اليمن. تعاون سعودى فى حرب أكتوبر وظلت الأوضاع على خير ما يرام منذ وفاة عبد الناصر وقدوم الرئيس الراحل أنور السادات لتصل العلاقات بين البلدين لأزهى مراحلها من خلال الدور البارز الذى لعبته السعودية فى حرب أكتوبر عام 1973 بعد قيامها بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة الأمريكية واوربا فكان له بالغ الأثر فى الإنتصار المصرى ودليل على التعاون بين البلدين. كامب ديفيد.. وهزة عنيفة ولم تستمر تلك العلاقات المستقرة فترة طويلة فمع قيام السادات بتوقيع إتفاقية "كامب ديفيد" شهدت العلاقة بينهما هزة عنيفة للغاية من خلال القرار السعودى بقطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر ابريل 1979. وجاء تبرير الجانب السعودى وقتها أن مصر قبلت التمثيل الدبلوماسى مع إٍسرائيل دون مراعاة للمطالب التى يتطلع لها الوطن العربى لتحقيق السلام الشامل. وكرد فعل من جانب السادات شن الرئيس الراحل هجوماً عنيفاً للغاية على السعودية مبرراً ذلك بأن احتجاج السعودية على الولايات المتحدة الأمريكية هو فى الأصل لتخليها عن شاه إيران وقدومه إلى مصر واصفاً إياهم بعديمى المسئولية أمام الدول العربية كلها كجزء من مراحل التوتر التى مرت بها علاقة البلدين. وقامت السعودية بقيادة الدول العربية لعقد ما سمى بـ "جبهة الرفض" فى العراق، تم فيه تجميد عضوية مصر فى جامعة الدول العربية، ونقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس ونتج عن هذه الاتفاقية حدوث تغييرات على سياسة العديد من الدول العربية تجاه مصر وذلك فى الفترة ما بين أعوام 1979 إلى عام 1989، وصدرت قرارات بمقاطعة مصر اقتصادياً وسياسياً وعسكريا. واستدعت مصر سفرائها من سبع دول عربية هي السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وتونس، وقالت الخارجية المصرية حينها انها اتخذت هذا القرار نظرا لما صدر عن حكومات هذه الدول من تصرفات لا تتفق مع مقتضيات التضامن العربي. هجوم إعلامي ومقاطعة إقتصادية وقامت الصحف السعودية بشن حملة إعلامية كبرى انتقدت فيها السادات واتهمته بالتخبط والفشل في حل أزمات مصر وبيع القدس إلى إسرائيل ونهب ألوف الملايين من الدولارات التي قدمتها الدول العربية الغنية إلى مصر لتمكينها من الوقوف على قدميها. و أعلنت السعودية وقف شحن النفط إلى مصر بسبب توقيعها على معاهدة الصلح مع إسرائيل، كما قامت الحكومة السعودية بالاتفاق مع الحكومة الكويتية بسحب أرصدتها المالية المودعة لدى المصرف المركزي المصري التي بلغت ألفي مليون دولار، وصدر قرار بمنع الصحف والمجلات المصرية من دخول المملكة السعودية اعتبارا من 14 مايو 1979، وجاء رد الفعل المصري بإظهار أنه لا توجد خلافات جوهرية مع السعودية حول الهدف، وإنما الخلاف هو حول الأسلوب، وأن مصر ترحب بأية خطوة تتخذها السعودية لحل القضية الفلسطينية. السعودية والثورة المصرية ومع تولى الرئيس المخلوع حسنى مبارك بدأت العلاقات في التحسن التدريجى حتى وصلت لصورة كشفت مدى الترابط بين العائلة المالكة ومبارك خاصة ما قيل عن لجوئه للإقامة فى السعودية وتحديداً مدينة تبوك أو وجود بعض الإستثمارات الخاصة بمبارك بالسعودية أو عرض الجانب السعودى لدفع الأموال الطائلة نظير خروج مبارك من محبسه. وشهدت العلاقات بين البلدين توتراً منذ سقوط نظام مبارك، تمثلت فى تحفظ المملكة على دعم الاقتصاد المصرى، واتخاذها إجراءات متشددة ضد المعتمرين والحجاج المصريين، وهو ما أصاب العلاقات بحالة فتور لم تكن موجودة من قبل. وفى عام 1992 ظهرت قضية الجلد الذى يتعرض له المصريين وكانت البداية مع طبيب تعرض أبنه للإغتصاب من قبل مدرسه وقدم بلاغاً يتهم فيه المدرس باغتصاب ابنه، إلا أن المحكمة حكمت على الطبيب المصري بالجلد، لأنه لا يمتلك الدليل الكافي الذي يبرهن به على كلامه. وذكرت وسائل إعلامية عديدة وقتها تصريح شهير للرئيس المخلوع حين سأله أحد الصحفيين عن الحادث ليرد مبارك بجملة شهيرة وهى "هل نضحي بالعلاقات بين دولتين من أجل شخص واحد؟". جلد المصريين .. وموقف مخزى للخارجية وفى عام 2007 قامت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقبض على طبيب مصرى آخر وقاموا بجلده، بتهمة الخلوة غير الشرعية مع فتاة كانت تستدعيه لعلاج أمها المسنة حين طلب منها أن تظل والدتها بالمنزل ليذهب لها بنفسه بالإضافة إلى إلقاء القبض عليها بسبب سيرها فى الشارع دون محرم، وكان موقف الخارجية والحكومة المصرية مخزياً للغاية حيث لم تتخذ أى وسيلة أو قرار عنيف لوقف مثل هذا العمل. كما شهد عام 2008 قضيتين لطبيبين آخرين الأول حكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات وجلده 1500 جلدة بسبب إتهامه بالتسبب فى إدمان زوجة أحد الأمراء بعد إعطائها جرعات مخدرة لتسكين الآم العمود الفقرى التى كانت تعانى منها، أما الثانى فحكم عليه بالسجن 20 عاما، وجلده 1500 جلدة بعد إتهامه بجلب وشراء وسرقة أمبولات من عقاقير طبية محظور استعمالها وتداولها والاتجار بالمخدرات، وهتك عرض مريضاته من دون علمهن اللاتى يقوم بحقنهن. وكان رد الخارجية على القضيتين سلبى للغاية واقتصر على رفض الاتهامات الموجه إليها عن تقاعسها في الدفاع المصريين، وقامت وزارة القوى العاملة كنتيجة لهذا بإصدار قرار بمنع سفر الأطباء والعاملات المصريات إلى السعودية. أزمة الجيزاوى وجاءت فى النهاية قضية المحامى أحمد الجيزاوي والذى ذهب لأداء مناسك العمرة لتعلن السلطات السعودية القبض عليه وحبسه لمدة عام بتهمة حيازة أقراص مخدرة وتوضيح الجانب السعودى أن القضية فى الأصل بتهمة العيب فى الذات الملكية خاصة بعد قيام الجيزاوى برفع قضية فى وقت سابق للمطالبة بالإفراج عن معتقلين بالسجون السعودية لتشتعل المظاهرات فى القاهرة وأمام السفارة السعودية لينتهى الأمر بإغلاق السفارة وسحب القنصل السعودى من مصر لتثار أزمة جديدة بين البلدين هى الأقوى منذ عام 1979.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي