الرئيسية > عربية ودولية > لا توقعات بشأن الإتفاق عن الهدنة في غزة

لا توقعات بشأن الإتفاق عن الهدنة في غزة

" class="main-news-image img

تراوح جهود الوساطة المصرية - القطرية مكانها، إذ تتواصل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس» عبر وسطاء في القاهرة والدوحة، إلا أن جميع المؤشرات تؤكد أن إعلان هدنة ثانية في قطاع غزة «لن يكون وشيكاً»، فيما جددت مصر تأكيدها أهمية وقف شامل لإطلاق النار، بوصفه المسار الوحيد لاحتواء الأزمة الإنسانية في غزة، محذرةً من اتساع رقعة الصراع في المنطقة.

 

 

 

وقال مصدر مطلع على مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة «حماس»، الاثنين، إن المفاوضات غير المباشرة «مستمرة وهناك محاولات لتضييق فجوة الخلافات التي تبدو كبيرة بالفعل».

 

وأوضح المصدر، لوكالة أنباء العالم العربي، أن فرص التوصل لاتفاق «قائمة، لكن لن يحدث ذلك على الفور ولا قريباً»، وإن ما يجري العمل عليه حالياً هو تضييق الفجوة بين الطرفين.

 

وأضاف، رافضاً ذكر اسمه: «هناك وساطات على أكثر من صعيد لكنها تسير بشكل متناسق وتصب في ذات الطريق، ويحاول المصريون والقطريون برعاية دولية تقليص ما يعترض المفاوضات من فجوات». وأشار المصدر إلى أن حركة «حماس» وضعت سقفاً عالياً ترى إسرائيل أن من المستحيل تنفيذه خصوصاً فيما يتعلق بمسألة انتهاء الحرب ووقف كل العمليات العسكرية، وتوقع أن تتنازل «حماس» جزئياً عن هذا المطلب لكنها في النهاية لا تريد أن تخسر كل أوراقها.

 

وحسب المصدر فإن حركة «حماس» تدرك أن ورقة القوة الموجودة بحوزتها حالياً هي المحتجزون الإسرائيليون، وإذا أطلقت سراحهم فلن يبقى بحوزتها شيء تفاوض عليه، بالتالي لجأت إلى هذا السقف العالي من المطالب. وأضاف: «لكن في النهاية نعتقد أنه يمكن التوصل لاتفاق يخفف حدة العمليات العسكرية في غزة ضمن إطارٍ مرحليّ بحيث تُنفَّذ صفقة على أكثر من مرحلة وليست جملة واحدة».

 

اختبار إسرائيل

ويعتقد المصدر أن فرص التوصل إلى اتفاق على مرحلة واحدة «بعيدة جداً»، خصوصاً أن حركة «حماس» تريد اختبار إسرائيل على مدى مراحل التنفيذ، كما أن الحركة تعتقد أن كل فئة من المحتجزين يمكن أن تحقق إنجازاً مختلفاً عن الفئة الأخرى. وأضاف: «بالنسبة إلى حركة (حماس) هناك تصنيفات للمحتجزين، فمنهم الرجال كبار السن، والمجندات، والعسكريون الشبان، وتريد الحركة ثمناً مختلفاً مقابل كل فئة».

 

ونوه المصدر ذاته إلى أن هناك إجابات منتظرة من إسرائيل يُفترض أن يعود بها رئيس الموساد بعد الحصول عليها من المسؤولين الإسرائيليين. كما أشار إلى أن إجابات حركة «حماس» هي الأخرى تتأخر، والقادة في قطاع غزة يحتاجون إلى إجابات من الموجودين داخل القطاع في ظل ظروف تواصل تبدو صعبة ومعقدة بينهم.

 

ومنذ نجحت الوساطة المصرية - القطرية بالتنسيق مع الولايات المتحدة في التوصل إلى هدنة إنسانية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تتواصل الجهود من أجل إقرار هدنة جديدة، إلا أن الرفض الإسرائيلي المتكرر للمطلب الذي تصر عليه فصائل المقاومة الفلسطينية بضرورة وقف شامل للحرب قبل المضي قدماً في التفاوض يَحول دون التوصل إلى اتفاق».

 

وتعتقد إسرائيل أن نحو 130 من الأسرى والمحتجزين لا يزالون تحت سيطرة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، بينما قُتل 25 منهم على الأقل، حسبما أعلنت حركة «حماس» وفصائل أخرى في أكثر من مناسبة جراء القصف الإسرائيلي للقطاع.

 

وأطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، خلال الهدنة الوحيدة في القطاع حتى الآن، التي دامت أسبوعاً، أكثر من 100 من المحتجزين الإسرائيليين، مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية.

 

مفاوضات صعبة ومعقدة

من جانبه، أشار د.أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، والسياسي الفلسطيني، إلى أن المقترح المصري لا يزال هو «الطرح المركزيّ إلى الآن الموجود على الطاولة»، وأن المفاوضات الجارية حالياً «صعبة ومعقّدة»، لافتاً إلى أن الترتيبات الأمنية تحتل الأولوية في التفاوض الراهن وليس البحث عن أفق سياسي للحل.

 

وأضاف الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن التوصل إلى هدنة ولو مؤقتة سيكون مكسباً بالنظر إلى تفاقم المأساة الإنسانية في القطاع واستفحال معاناة المدنيين، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة أن تشهد الآونة المقبلة تحركاً أميركياً مكثفاً لضغط حقيقي على الحكومة الإسرائيلية التي قطع رئيسها بنيامين نتنياهو، الطريق على أي أفكار سياسية للحل بإعلان رفضه القاطع لحل الدولتين، ما مثّل -وفق رأيه- «اغتيالاً للرؤية السياسية المطروحة حتى من جانب واشنطن نفسها».

 

كانت القاهرة قد قدمت مقترحات قبل اغتيال نائب رئيس حركة «حماس» صالح العاروري، في بيروت في الثاني من الشهر الحالي، تتضمن 3 مراحل متتالية ومترابطة تنتهي بوقف إطلاق النار، إلا أن عملية الوساطة واجهت صعوبات عدة في أعقاب عملية الاغتيال.

 

وقف شامل لإطلاق النار

في سياق متصل، جدَّد وزير الخارجية المصري سامح شكري، دعوة بلاده إلى وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار في قطاع غزة، محذراً من خطورة الكارثة الإنسانية في القطاع، ومن امتداد رقعة الحرب في المنطقة.

 

وعقد شكري على هامش مشاركته في أعمال الاجتماع العاشر لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي الذي يُعقد في مقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل كثيراً من اللقاءات والمباحثات مع مسؤولين أوروبيين بارزين، في مقدمتهم جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ويانيز لينارتشيتش مفوّض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، كما عقد لقاءات مع عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين ومسؤولين معنيين بشؤون الاقتصاد والطاقة والمناخ في الاتحاد الأوروبي.

 

 

وأفاد المتحدث الرسمي للخارجية المصرية بأن الوضع في قطاع غزة استحوذ على الجانب الأكبر من تلك المباحثات، إذ أكد الوزير شكري ضرورة تبني الأطراف الدولية المهمة، مثل دول الاتحاد الأوروبي، مواقف قاطعة إزاء تحقيق الوقف الشامل لإطلاق النار بوصفه المسار الوحيد لاحتواء الأزمة الإنسانية في غزة.

 

كما تناولت لقاءات وزير الخارجية المصري في بروكسل كذلك التوترات الراهنة في المنطقة على خلفية الأوضاع في غزة، ومنها على الساحة اللبنانية، وفي العراق وسوريا، وتهديدات أمن البحر الأحمر، ونوه خلالها إلى أهمية عدم التعامل مع الحرب الحالية على اعتبار أنها بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وشدد على أن الأمر يرتبط بسلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية ضد حقوق الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المُحتلة، وأن تسوية ذلك النزاع لن تتحقق إلا بالعمل على وقف المعاناة الإنسانية، وممارسات العنف والقمع، واستئناف جهود عملية السلام التي تقوم على حل الدولتين وتسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي