الرئيسية > عربية ودولية > ما مصير دول الجوار في 2024 من حرب غزة؟

ما مصير دول الجوار في 2024 من حرب غزة؟

في الوقت الذي تسعى فيه العديد من القوى الإقليمية للوصول إلى وقف كامل لإطلاق النار، تستمر الحرب في غزة مُقتربةً من إتمام شهرها الثالث، في ظل عدم توصل طرفي الصراع إلى توافقات مستقبلية.

 

 

 

ويتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمواصلة الحرب للقضاء على حماس، بينما تصر الحركة على عدم المشاركة في أي محادثات دون وقف شامل للمعركة.

 

ومع بداية العام الجديد 2024، تتطلع مجموعة من دول العالم إلى إنهاء الحرب في ظل خسائرها الاقتصادية، أما بخصوص العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط فخسائرها أكبر من غيرها لأسباب متداخلة هي التي لم تتعافَ حتى الآن من تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. 

 

وتحمل الأوضاع الحالية تأثيرات عميقة على دول الجوار، من مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، في ظل تحذيرات المنظمات الدولية من التداعيات المستقبلية.

 

 

تأثر قطاعات حيوية

 

اللواء أركان حرب عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، يؤكد أن "الإصرار على مواصلة الحرب، سوف يترك تداعيات كبيرة على المنطقة، في ظل عدم توفر إرادة دولية لاحتواء الأوضاع".

 

وأضاف العمدة في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن "استمرار الحرب يزيد من التوترات الأمنية في جنوب لبنان والحدود الإسرائيلية مع سوريا، بالإضافة إلى تفاقم التوترات مع مصر والأردن".

 

وتحمل الحرب تأثيرات عميقة تتجاوز منطقة الشرق الأوسط، في ظل خسائر كبيرة تتحملها شركات متعددة الجنسيات لها نفوذ على دوائر صنع القرار العالمي، سواء كانت في أوروبا أو الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تأثر قطاعات حيوية، على رأسها قطاع الطاقة، الذي يعاني جرّاء الأزمة الأوكرانية، وفق تقدير "العمدة".

 

وفي السياق ذاته، قال أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة باريس، الدكتور عماد الدين الحمروني، لـ"إرم نيوز" إن "المناوشات الإيرانية الأخيرة تؤكد مدى خطورة تفاقم الأوضاع في المنطقة، واستمرار الحرب يعني احتمالية المواجهة الأمريكية الإيرانية التي تؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة تطال العالم بأسره".

 

وقد تدفع الحرب الكتلة السكانية الموجودة جنوب القطاع إلى كسر الحدود، والتوجه إلى شمال سيناء المصرية، وفق تقدير الباحث الفلسطيني في الشؤون الدولية، الدكتور منصور أبو كريم.

 

 

ولكنه يُرجّح، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، وجود قوات دولية داخل القطاع وعودة جزئية للسلطة الفلسطينية، لافتًا إلى أن "المعركة قد تستمر إلى نهاية الربيع وبداية الصيف المقبل، في ظل التحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي ميدانيًّا".

 

وأضاف أن "الحرب زادت من التوتر الشعبي داخل دول الجوار في منطقة الشرق الأوسط، ما يدفع بعض الشعوب العربية إلى التظاهر، والى الاستمرار في الاعتصامات، ما قد يؤثر على الأمن القومي لكثير من الدول".

 

ولفت إلى تداعيات الحرب الكبيرة على المستوى الإنساني والسياسي، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية على حركة التجارة الدولية التي تواجه تهديدات كبيرة في البحر الأحمر، مما قد تنعكس سلباً على عدة دول خصوصًا مصر واقتصادها.

 

ويرى الخبير المصري محيي عبدالسلام أن "الحرب أصابت إسرائيل بضربات اقتصادية كبرى، إذ وصل التضخم في تل أبيب إلى 35%"، مُتوقعًا عدم مواصلة تل أبيب حربها بعد نهاية العام الحالي في ظل خسائرها المستمرة.

 

وأضاف عبد السلام في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "استمرار الحرب يزيد من التأثيرات السلبية على اقتصاد دول العالم أجمع في ظل استهداف سفن التجارة العالمية، وزيادة الأسعار بنسب تجاوزت 20% و30% نتيجة تحويل مسار السفن إلى رأس الرجاء الصالح".

 

 

ويرى أن "إطالة أمد الصراع في الأشهر المقبلة سيؤدي إلى مشكلات اقتصادية عدة تطال الاقتصاديات الناشئة في جميع الدول، خصوصًا أن معدل التضخم ارتفع في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية بنسب تجاوزت 40%، وإذا استمرت حرب غزة فإنها سترتفع إلى مستويات غير مسبوقة".

 

وفيما يتعلق بمصر، يوضح عبد السلام أن "قطاع السياحة وتحويلات العاملين في الخارج تأثرت بالحرب، إذ انخفضت إيرادات مصر السياحية من 12 و13 مليار دولار إلى خمسة مليارات دولار، وتأثر دخل قناة السويس الذي يُتوقع أن يصل إلى أدنى مستوياته".

 

تداعيات كبيرة على مصر

 

من جانبه، اعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير إبراهيم الشويمي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "توطين الفلسطينيين في غزة يحمل تداعيات كبيرة على مصر التي تعاني اقتصاديًّا جراء ارتفاع الأسعار بنحو مستمر".

 

ولا تقتصر التداعيات على مصر فقط وفق "الشويمي"، ولكن تمتد إلى دول الجوار، متوقعًا تسلل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى دول أخرى في المنطقة مع تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر دول أخرى تعاني أزمات أمنية، على غرار ليبيا.

 

 

ومن جانبه، يرى الخبير في قضايا أمن الممرات والملاحة الدكتور رأفت محمود أن "تصاعُد التوترات الجيوسياسية، وخصوصاً الصراع في غزة يُسهم بصورة كبيرة في التأثير على التجارة العالمية، وبالتالي القطاعات الحيوية كالنفط والغذاء خاصة مع تصاعد الأحداث في منطقة البحر الأحمر واستهداف السفن".

 

وأضاف "محمود" في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "تهديد استقرار إمداد النفط من الخليج العربي سيؤثر في الممر الملاحي لبحر الصين الجنوبي، واستقرار اقتصاديات دول المنطقة".

 

وعن قطاع السياحة يرى الخبير المصري ماير مجدي أن "قطاع السياحة من القطاعات الهشة التي تتأثر بالأوضاع الأمنية"، لافتًا إلى أن هذا القطاع يُعدُّ من أهم مصادر الدخل القومي لمصر.

 

وقالت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف، في تقرير نشرته مؤخرًا، إن "مصر ولبنان والأردن من الدول التي قد تخسر ما بين 10 و70% من عائدات السياحة إذا استمرت الحرب في غزة أو اتسعت رقعتها".

 

وقال "مجدي" في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن "الأوضاع في غزة أثرت على شعور السياح بالأمن والأمان خاصةً ذوي الدخل المرتفع ومن المتوقع أن يتأثر قطاع السياحة في مصر حال استمرار الحرب".

 

ووصلت نسبة إلغاء الحجوزات السياحية في بعض المدن المصرية مثل نويبع ودهب وطابا (جنوب سيناء)إلى 50% أو أكثر، وفق مجدي.

 

وينطبق الأمر ذاته على الأردن، إذ أكد وزير السياحة والآثار الأردني، مكرم القيسي أن "استمرار الحرب في قطاع غزة سيكبد القطاع السياحي في المملكة خسائر تتراوح ما بين 250 إلى 281 مليون دولار شهريًّا، مع إلغاء حجوزات بنحو 60%".


الحجر الصحفي في زمن الحوثي