الرئيسية > دنيا فويس > الجهود الأمنية لا تكفي لمقاومة ظاهرة المخدرات في المعاهد الثانوية التونسية

الجهود الأمنية لا تكفي لمقاومة ظاهرة المخدرات في المعاهد الثانوية التونسية

" class="main-news-image img

تواصل السلطات الأمنية في تونس جهودها الحثيثة للتصدي لظاهرة استهلاك المخدرات المتفشية بالأوساط التربوية بمختلف جهات البلاد، وسط توصيات المراقبين بأن المقاربة الأمنية لا تكفي لمكافحة الظاهرة.

 

ويوجد إجماع على أن الحدّ من استهلاك المخدرات في محيط المعاهد الثانوية التونسية، يتجاوز جانبه الأمني ليشمل معالجة العلاقة بين المربي والتلميذ والاهتمام بدور المتخصصين الاجتماعيين والنفسيين، فضلا عن استرجاع العائلة لدورها التقليدي في التربية.

 

ومن فترة إلى أخرى، تتمكن وحدات الإدارة العامة للديوانة (الجمارك)، بالتنسيق مع وحدات الإدارة العامة لشرطة الحدود والأجانب في إطار التصدي للشبكات المختصة في تهريب المخدرات بجميع أنواعها، من ضبط كميات هامة من المواد المخدرة.

 

 

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد اتهم في وقت سابق، من وصفهم بـ”اللوبيات التي تريد تحطيم الدولة والمجتمع بالمخدرات”، وتعهد بوضع سياسة كاملة لمكافحة الظاهرة، متسائلا “كيف تصل المخدرات إلى التلاميذ والمدارس؟”.

 

وتقوم شبكات دولية بمحاولة إدخال شحنات كبيرة من المواد المخدرة إلى تونس، برا أو جوا أو بحرا، وهي معدّة خصوصا للترويج بين صفوف المراهقين والشباب والتلاميذ، كما تجد شبكات ترويج المخدرات في تونس مجالا واسعا للتحرك في الوسط المدرسي، وخصوصا في صفوف التلاميذ، وتعمد هذه الشبكات إلى بث سمومها في هذه الشريحة التي تعد فريسة سهلة.

 

ونجحت الوحدات المركزية بإدارة الاستخبارات والأبحاث للحرس الوطني بالعوينة (قرب العاصمة تونس)، في اليومين الأخيرين، في تفكيك شبكة مختصّة في الاتجار بالمواد المخدّرة تنشط بولايات تونس الكبرى (العاصمة تونس وولايات أريانة وبن عروس ومنوبة)، أحد أطرافها محامية.

 

وتم حجز عدد 30 صفيحة بنية اللّون يشتبه في كونها مادة “القنب الهندي” تزن حوالي 3 كلغ. وعدد 01 سيّارة تستغل في نقل وترويج المواد المخدرة، كما قدّرت القيمة الجملية للمحجوز بحوالي 125 ألف دينار (40.41 ألف دولار).

 

ويرى مراقبون أن تجارة المخدرات شهدت تطورا لافتا، حيث تحولت تونس من منطقة عبور لتجار ومهربي المخدرات بين الجزائر وليبيا أو بين أوروبا والجزائر أو بين تونس وتركيا، إلى سوق سوداء لمختلف المواد المخدرة وخاصة القنب الهندي، والأقراص المخدرة بكل أصنافها وأنواعها.

 

وقال المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني إن “الظاهرة عموما أصبحت مستفحلة وأرقامها في تصاعد، حيث يتم حجز الآلاف من الأقراص المخدرة، وقبل 2011 كانت تونس دولة عبور وليس ترويج، لكن الآن هناك إحصائيات كبيرة وهناك العديد من الجرائم التي تتم تحت تأثير استهلاك المخدرات”.

 

وأكّد لـ”العرب” أن “الظاهرة ليست أمنية، بل ترتبط بعدة ظواهر أخرى، مثل العنف، استقالة العائلة من دورها، تقصير وسائل الإعلام في التحسيس بمخاطرها”، لافتا إلى أن بعض الدراسات تؤكد أن “ما بين 10 و15 في المئة من التلاميذ استهلكوا المواد المخدرة مرة واحدة على الأقل”.

 

 

وشدد الشيباني على أنه “عندما تريد ضرب مجتمع، تبدأ باستهداف شبابه، وهناك عصابات تسعى إلى تدمير المجتمع، والمدرسة أيضا أصبحت مجالا للعنف، كما أن العلاقة بين المربي والتلميذ تغيرت أيضا، وتواجد الأولياء أمام المؤسسات التربوية دليل على خوف الأسر على أبنائها”، متسائلا “كيف يتم منح رخصة لنشاط مقهى بجوار مؤسسة تربوية؟ وهذا ما يعني أن ذلك الفضاء سيصبح مستقطبا للتلاميذ حيث يمارسون التدخين ولمروجي المخدرات”.

 

ويعتبر الخبير الأمني أن “هناك فئة جاءت لتدمير البلاد بعد 2011 وضرب التعليم، وما تم في 10 سنوات سابقة هو تدمير ممنهج للمجتمع، تمظهر في استهلاك المخدرات وتزايد الجريمة”، مشيرا إلى أن “من 2018 إلى الآن تموت 69 امرأة بصفة شنيعة”.

 

ويرى الشيباني أن “الوقت حان لتأسيس إدارة عامة لمكافحة المخدرات بمختلف الأسلاك في تونس”، لافتا إلى أنه “يتم العمل منذ فترة على تفكيك شبكات ترويج المخدرات، وهو ما يستوجب أيضا محاربة كبار المروجين الذين يستهدفون التلاميذ”.

 

 

وتشير أرقام الإدارة العامة للحرس في تونس إلى أن السنة الماضية تم خلالها حجز أكثر من 380 كلغ من القنب الهندي و29 كلغ من الكوكايين ومليون و120 ألف حبة مخدرة، وهي تعد أكبر كمية من الأقراص المخدرة التي تم حجزها والتي قدرت بضعف الكمية المحجوزة السنة الماضية، أما بالنسبة لسنة 2022، فقد تم حجز 83 كلغ من الكوكايين و26 كلغ من القنب الهندي و676 ألف حبة مخدرة.

 

وتضاعف استهلاك التلاميذ التونسيين للمخدرات خمس مرات خلال العقد الأخير، من 2013 إلى 2023، أي من 1.3 في المئة عام 2013 إلى 8.9 في المئة سنة 2023، وذلك وفق مسح وطني قام به المعهد الوطني للصحة بتونس.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي