الرئيسية > شؤون خليجية > توقعات باستمرار التوجه السعودي في اجتذاب نجوم كرة القدم الدوليين..

توقعات باستمرار التوجه السعودي في اجتذاب نجوم كرة القدم الدوليين..

" class="main-news-image img

  يُتوقع أن تستمر موجة الإنفاق "اللافتة" في الدوري السعودي للمحترفين على اللاعبين، وذلك وفقاً لأحد المدراء التنفيذيين البارزين.

وقال بيتر هوتون، المدير البريطاني في مجلس إدارة الدوري: "أعتقد أن الميزانية مرصودة لسنوات عدة- كما تعلم، ولا أرى أن هذه العملية تتباطأ."

وقد جذب الدوري السعودي للمحترفين بعضاً من أكبر الأسماء في عالم كرة القدم منذ انضمام الفائز بالكرة الذهبية خمس مرات كريستيانو رونالدو في يناير/ كانون الثاني قادماً من نادي مانشستر يونايتد.

وتضم قائمة اللاعبين مهاجم ريال مدريد السابق كريم بنزيما والقائد السابق لفريق ليفربول جوردان هندرسون ولاعبين بارزين من نوادي تشيلسي ومانشستر سيتي وبايرن ميونيخ.

وعلاوة على ذلك، فقد قدم نادي الهلال السعودي الشهر الماضي عرضاً قياسياً عالمياً لمهاجم فريق باريس سان جيرمان كيليان إمبابي بقيمة 259 مليون جنيه استرليني.

وقال هوتون، الذي عمل مديراً تنفيذياً لدى يوروسبورت و"إي أس بي أن" و "آي أم جي" وفيسبوك: "لقد عملت في مجال الرياضة لمدة 40 عاماً ولم أرى في حياتي مشروعاً بهذه الضخامة وهذا الطموح والإصرار على النجاح."

وقال في حديثه لمحرر الشؤون الرياضية في بي بي سي دان روان ضمن مقابلة موسعة لصالح برنامج خاص بعنوان "القصة السعودية" على بي بي سي راديو 5 لايف، إن ما يجري "ليس بالضرورة أمراً سيئاً" إذا لم تكن كرة القدم الأوروبية ليست بالقوة التي كانت عليها.

ووضع هوتون أيضاً الانفاق السعودي في سياقه قائلاً: "لقد جعلت عالم الرياضة يتحدث عنها لكنها لا تعادل سوى رُبع أو خُمس ما أنفقته نوادي الدوري الانجليزي الممتاز هذا الصيف".

المال السعودي يُشكل واقع كرة القدم الجديد

وقال المدير الفني لنادي مانشستر سيتي، بيب غارديولا، إن القوة المالية للدوري السعودي للمحترفين "غيّرت السوق" الخاص بعمليات الانتقال وإن نوادي النخبة "يتعين عليها أن تدرك ما يحدث"، بينما أعرب المدير الفني لنادي ليفربول يورغن كلوب عن قلقه من الإغلاق المتأخر لنافذة الانتقالات في السعودية.

ووفقاً لموقع "ترانسفيرماركت"، فإن نوادي الدوري السعودي للمحترفين أنفقت 409 مليون يورو (352 مليون جنيه استرليني) حتى الآن هذا الصيف- وهو خامس أعلى إجمالي إنفاق في عالم كرة القدم وأعلى مما أنفقه الدوري الإسباني لكرة القدم والبالغ 254 مليون يورو (218 مليون جنيه استرليني). ويتصدر الدوري الإنجليزي الممتاز القائمة بإنفاق بلغ 1.37 مليار يورو (1.17 مليار جنيه استرليني).

ولدى إجابته على سؤال حول حجم التهديد الذي يشكله الدوري السعودي للمحترفين على القوى الراسخة في كرة القدم، قال هوتون: "إن الاستثمار من السعودية استثنائي. لقد كانت هناك عملية تسريع كبيرة".

ومضى قائلاً: " هذا لا يعني بالضرورة أن أوروبا لن تكون قوية في كرة القدم العالمية التي تمضي قدماً. ولكنني أقول إن ذلك ليس بالضرورة أمراً سيئاً. فمن الجيد أن تكتسب كرة القدم قوة حول العالم."

أسئلة حول "الغسيل الرياضي"

لقد استثمرت السعودية بقوة في الرياضة خلال السنوات الأخيرة وتُتهم باستغلال الأحداث الرياضية من أجل "الغسيل الرياضي" لسمعتها، فهناك مخاوف حيال حقوق الإنسان وحقوق المرأة في البلاد، بينما تعتبر العلاقة الجنسية المثلية غير شرعية، حيث يُعتبر الإعدام عقوبة محتملة.

وكان انتقال هندرسون إلى نادي الاتفاق قد جلب الانتقاد له بالنظر إلى دعمه السابق لمجتمع المثليين، ورداً على هذه القضايا، قال هوتون: "إن السبب وراء انخراطي في العمل في السعودية هو أنني رأيت بعض الأمور التي تحدث على الأرض"، وأضاف "زوجتي تعمل في مجال كرة القدم النسائية في الفيفا، وهي تدرك ما يدري في المملكة. وأنت ترى ذلك التغيير، وترى مدى الفرح الذي يجلبونه للمجتمع المحلي"، ومضى قائلاً إن "التغيرات التي حدثت على دور المرأة في المجتمع السعودي هي تغيرات لافتة وتمضي بسرعة كبيرة. من الواضح أن التغيير بعيون غربية كان يمكن أن يسير بسرعة أكبر، ولكنه سار بسرعة لافتة في سياق تاريخ المملكة"، وقال: "إنني أنظر إلى الدلائل التي أراها. فلديك الآن 50,000 مدرسة للبنات تلعب كرة القدم. ولديك ألف امراة مدربة لكرة القدم. في العام 2018، كان هناك 750 مدربة مسجلة. والآن هناك أكثر من 5,500"، وتابع قائلاً: "إذاً أنت ترى ذلك كدليل على التغيير، وترى التطور في كرة القدم النسائية كجزء من التغيير المجتمعي. وهذا بالنسبة لي هو عنصر الجذب الحقيقي في هذا المشروع".

وختم قائلاً: "الأمر لا يتعلق فقط بلاعبين مشاهير ورسوم انتقال كبيرة وأجور. وإنما هو أيضاً يتعلق بالبنية التحتية لكرة القدم السعودية برمتها، سواء كان ذلك يتعلق بالنساء أو كرة القدم الشبابية أو بصنع هرم كامل يعمل على إحداث نقلة حقيقية في الرياضة بهذه البلاد."

"نواد حقيقية بقواعد حقيقية من العشاق"

واستدعى صعود الدوري السعودي للمحترفين إجراء مقارنات مع الدوري الصيني السوبر الذي ينفق أموالاً طائلة، والذي تراجع بعد بداية سريعة، ولقد استحوذ صندوق الاستثمارات العامة في البلاد على أربعة من النوادي البارزة في الدوري السعودي للمحترفين، بينما هنالك مركز لاكتساب اللاعبين بصورة مركزية، ويعتقد هوتون أن مشاركة الحكومة في الدوري السعودي للمحترفين قد تكون نموذجاً لدول أخرى من حيث جمع الأكاديميات ودوري النساء ودوري الرجال واتحاد كرة القدم من أجل "وضع خريطة طريق للنمو تكون مترابطة، وليس أشخاصاً يتصارعون من أجل النفوذ".

ويقول هوتون إن "الدوري السعودي لديه 50 عاماً من التراث خلفه. وهذه منافسة حقيقية أننا نحاول أن نطور ونحدث لا أن نبدأ شيئاً جديداً"، ويضيف "إن الشيء الجيد بشأن العرض المقدم لإمبابي وتوقيع عقود مع لاعبين مثل روبن نيفيز هو أنها تُظهر أن الأمر لا يتعلق فقط بالبحث عن لاعبين قدامى. فالأمر يتعلق أكثر بمسألة ما الذي سيضيف قيمة وما الذي سيضيف ألقاً وعامل نجومية"، ويقول: "هنالك نواد حقيقية بقواعد عشاق حقيقية يشعرون بحماسة حقاً، تماماً مثلما كان عشاق تشيلسي أو مانشستر سيتي متحمسين عندما حصل التدفق الجديد للمال والنجوم على نادييهم. الأمر لا يختلف عن ذلك."

مكاسب تجارية

قال هوتون رداً على سؤال حول متى يتوقع أن يرى الدوري عائداً على استثماراته الهائلة: "يمكنني أن أرى توقعات بدخل قوي حقاً في غضون تسعة أو عشرة أعوام"، وأضاف "إن المهم بمكان رؤية الزيادات سنة تلو الأخرى والأبواب مفتوحة بالتأكيد. لقد زادت الإيرادات من التلفزيون ومن الرعاية. ولا أرى سبباً يجعل هذا الاتجاه يتباطأ"، وأكمل "عندما وقع رونالدو مع نادي النصر شهدنا فجأة اهتماماً من مؤسسات البث الدولية. وفي العام الماضي، انتهى بنا المطاف لأن نكون موجودين في أكثر من 170 منطقة حالما وقع رونالدو"، وختم هوتون قائلاً: "من الواضح أنه شيء استقطب اهتمام وخيال مؤسسات البث على مستوى العالم وكانت تلك دلالة إيجابية حقاً. وأنا واثق بأننا سنحصل على صفقة لحقوق البث في المملكة المتحدة للموسم القادم."

من يدفع أكثر!

اهتمت صحيفة الغارديان البريطانية بالضجة التي أحدثتها صفقات الدوري السعودي في كرة القدم العالمية، وقالت إن المال هو من يحكم كرة القدم منذ فترة طويلة.

وجاء بمقال للكاتب إليوت روس، أن المبالغ الهائلة التي يحصل عليها لاعبون مثل كريستيانو رونالدو، ليست سوى مرحلة جديدة من مراحل سابقة لضخ الأموال في هذا اللعبة التي يحبها الجمهور، لكن يملكها الآخرون.

وقال الكاتب إن كرة القدم هي "لغة مشتركة"، خاصة للأشخاص من مختلف الأجيال أو الخلفيات الثقافية الذين قد يكافحون للوصول إلى أمر مشترك بينهم، وأكد أن أحد الأطفال في أوروبا أخبره أنه مازال يتابع رونالدو في الدوري السعودي ومنبهر بأدائه مع فريق النصر. والنتيجة التي خرج بها أنه لا يهم في أي دوري يلعب رونالدو أو المكان المتواجد فيه، لكن المهم أنه مازال يحرز الأهداف ويحطم الأرقام القياسية.

وأوضح الكاتب أن البعض يعتبر أن كرة القدم خرجت عن تقاليدها العزيزة، وأن "اللعبة انتهت"، عندما نجد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يضخ أموالا هائلة في اللعبة الجميلة، لكن هذا كان يحدث من زمن طويل أيضا.

في البداية أخذ الدوري السعودي رونالدو من مانشستر يونايتد، ثم كريم بنزيمة من ريال مدريد، ونغولو كانتي من تشيلسي. والآن هناك عرض ضخم لكيليان مبابي، وهو مازال نجما ساطعا في أوج قوته، وكان المادة الرئيسية لوسائل الإعلام خلال الفترة الماضية وكان على رأس قائمة الرياضيين المطلوبين في السعودية.

هناك الكثير من التكهنات حول الأهداف الاستراتيجية للسعودية. يشك معظم الناس في أن الخطة تهدف في النهاية إلى "شراء" كرة القدم، تماما مثلما سيطرت المملكة على نخبة المحترفين في رياضة الغولف، وزادت الاستثمارات في الملاكمة وركوب الدراجات وسباقات الفورمولا 1.

وتساءل الكاتب، هل ما يجري حاليا هو خطة استثمارية جادة تهدف إلى تنويع وتنمية أصول دولة غنية بالنفط، أم مجرد علاقات عامة؟ هل الأمر "غسيل سمعة رياضي" عن طريق الإلهاء، لجعل السعودية تصبح مرادفا لكلمة كرة القدم في العالم، أم أن الأمر يهدف ببساطة إلى جعل المملكة حاضرة بقوة على المسرح العالمي فقط؟

ويوضح الكاتب أن استمرار المملكة في ضخ الاستثمارات، يعني أن دوري المحترفين السعودي يمكنه شراء المزيد من المواهب العالمية حتى لو قرر مبابي الذهاب إلى مكان آخر مثلما فعل ليونيل ميسي واختار الدوري الأمريكي.

وعلى كل من يرغب في مشاهدة أفضل لاعبي العالم في ملاعب كرة القدم والحصول على مقعد متميز فسوف يكون الدوري السعودي قريبا هو الخيار المناسب.

ويتساءل المقال عن التغيير الذي قد يطرأ على العلاقة بين المشجعين وكرة القدم التي ستصبح قريبا تحت سيطرة السعودية، كما تساءل أيضا عن ما إذا كان العالم سيظل يهتم بكرة القدم حتى على الرغم من وجود المال الذي أفسدها بالفعل، ويقول الكاتب إنه مع تحول مركز القوة في صناعة كرة القدم (نحو السعودية)، فإن العالم سيظل يتابع كرة القدم بنفس الشغف.

ويوضح المقال أن ارتباط المال بكرة القدم ليس حديثا، فمنذ أوائل التسعينيات، أدى نجاح عدد قليل من الاتحادات القوية في التسويق والترويج الناجح من خلال جمهور التليفزيون إلى زيادة تركيز المواهب في إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا، وكان هذا على حساب الدوريات "الأصغر"، والتي تحولت إلى مياه راكدة.

كما كانت هناك علاقة استنزاف للمواهب بين كرة القدم الأوروبية والقارة الأفريقية منذ فترة طويلة، وكانت تسير هذه العلاقة مباشرة على نفس الخطوط الاستعمارية القديمة، وفي التسعينيات تمت إعادة صياغة قواعد المنافسة الأوروبية لتستقطب الخليج. وقد أدى اكتناز المواهب إلى إفراغ بطولات الدوريات الأخرى من النجوم، وفي إنجلترا يتم الاحتفال بالدوري الإنجليزي الممتاز باعتباره قصة نجاح وطنية رائعة بغض النظر عن ذلك.

ويعتبر أصحاب المليارات الأمريكيون وصناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة التي تمتلك الأندية خيارا جيدا نسبيا وأقل سوءا في صناعة كرة القدم. فقد اختاروا جميعا الحفاظ على كرة القدم في موطنها (أي في الدول الأوروبية القوية)، مما سمح باستمرار الوهم وهو أن لعبة كرة القدم للجمهور، بغض النظر عن ارتفاع تكلفة التذاكر والاشتراكات.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي