الرئيسية > شؤون خليجية > في السعودية.. هل يؤثر عجز الميزانية على مشروعات التحول العملاقة؟

في السعودية.. هل يؤثر عجز الميزانية على مشروعات التحول العملاقة؟

" class="main-news-image img

 

يتوقع أن تتكبد الميزانية السعودية لعام 2023 عجزا بسبب عدم وصول سعر برميل النفط 80 دولارا، وتقليص المملكة حجم إنتاجها من الذهب الأسود بهدف الحفاظ على معدلات الأسعار مرتفعة.

 

وقالت رئيسة الأبحاث وكبيرة الاقتصاديين في بنك الإمارات دبي الوطني، خديجة حق، الشهر الماضي، إنه إذا أبقى السعوديون التخفيضات الحالية للنفط حتى نهاية هذا العام، فإن الاقتصاد سينكمش.

 

ويواجه الاقتصاد السعودي خطر الانكماش بنسبة 1 بالمئة إذا أبقت المملكة خفض إنتاج النفط حتى نهاية العام الجاري، وفقا لتقديرات وكالة "بلومبيرغ".

 

ويثير التراجع الاقتصادي تساؤلات جادة بشأن استمرار الحكومة السعودية في الإنفاق الهائل على المشاريع التحولية الضخمة، بما في ذلك مدينة "نيوم" المستقبلية.

 

وبحسب موقع "أويل برايس"، فإن السعودية - أكبر مصدر للنفط الخام في العالم - تدفع الثمن الاقتصادي لتخفيض إنتاجها، لا سيما إذا لم تسجل الأسعار ارتفاعا ملموسا خلال النصف الثاني من العام الحالي.

 

لكن محللين تحدثوا إلى موقع قناة "الحرة"، أشاروا إلى أن السعودية سوف تستمر في الإنفاق على المشاريع الضخمة، حتى لو سجلت ميزانيتها عجزا خلال العامين المقبلين.

 

وعللوا ذلك بأن تلك المشاريع الكبرى تمثل أساس رؤية 2030 الرامية لإنهاء اعتماد اقتصاد المملكة الخليجية على النفط وتنويع مصادر الدخل.

 

"المحرك الاقتصادي القادم"

 

وقال المحلل الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، إن المملكة "تدرك جيدا" الفوائد العظيمة من تنويع مصادر الدخل، مما يجعلها تعمل على "تمكين" الاقتصاد غير النفطي.

 

وفي حديثه لموقع "الحرة"، قال الشوبكي إن السعودية "تسير بخطى ثابتة نحو هذا الهدف" حتى لو حدث عجز في الميزانية بسبب تراجع أسعار براميل النفط وتقليص الإنتاج مقارنة بالعام الماضي.

 

وكان الفائض الذي حققته الميزانية العام الماضي بفضل ارتفاع أسعار النفط من جراء غزو روسيا لأوكرانيا، سمح للسعودية بالمضي قدما في استثمارات كبيرة في المشاريع العملاقة التي يتبناها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

 

ويقارن المحلل الاقتصادي السعودي، علي الحازمي، بأسعار براميل النفط حاليا مع عام 2020 خلال ذروة وباء كوفيد-19 والتي تراجعت فيها أسعار العقود الآجلة للخام إلى ما دون الصفر.

 

وقال الحازمي في حديثه لموقع "الحرة" إن الانخفاض الكبير في أسعار النفط خلال عام 2020 لم يؤثر على تمويل المشاريع الكبرى آنذاك، موضحا أن الوضع هذا العام ليس بأسوأ.

 

وتابع: "المملكة تراهن عليها لتكون هي المحرك الاقتصادي القادم.. لا أعتقد سيكون هناك انخفاض في الإنفاق على المشاريع الضخمة".

 

ما هي المشاريع السعودية العملاقة؟

 

في عام 2016، أطلق محمد بن سلمان رؤية المملكة 2030 لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط الذي ظل لعقود هو العنصر الأساسي في الاقتصاد السعودي.

 

وتعد المشاريع العملاقة "الجوهر المحوري" لرؤية السعودية 2030 لتحقيق التنويع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وفقا لما تقوله المملكة الخليجية الثرية بالنفط.

 

وبحسب موقع "رؤية 2030"، فإن تلك الخطط الضخمة، التي يفوق عددها 20 مشروعا وبرنامجا، ستؤدي إلى فتح مجالات جديدة للنشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل، ودفع التنمية الاقتصادية بما يتماشى مع تلك الخطة الطموحة.

 

وتبرز تلك المشاريع في قطاعات مختلفة، بما في ذلك السياحة والترفيه والصحة والطاقة المتجددة والإسكان والثقافة والتطوير الحضري.

 

وتتصدر تلك المشاريع مدينة مستقبلية جديدة كليا تشيد على سواحل البحر الأحمر معروفة باسم "نيوم"، تبلغ تكلفة إنشائها حوالي نصف تريليون دولار.

 

ومن بين الخطط الأخرى مشروع "آمالا"، وهي وجهة سياحية فاخرة على طول الساحل الغربي للمملكة تضم فنادق فخمة ومراكز للتسوق ومنشآت راقية للبيع بالتجزئة.

 

كما تعد "القدية" واحدة من المشاريع السعودية الضخمة بالقرب من العاصمة الرياض لتكون تلك المنطقة الجديدة عاصمة للترفيه والثقافة والفنون.

 

وعلاوة على ذلك، أطلقت المملكة برنامجا باسم "صنع في السعودية"، وهو مبادرة لتنمية الصادرات المحلية من مختلف الصناعات والخدمات اللوجستية وتسويقها خارجيا.

 

وترتكز أغلب هذه المشاريع السعودية الطموحة على مفهوم التنمية المستدامة، إذ تطبق معايير بيئية في الإجراءات التشغيلية، بما في ذلك صفر انبعاثات كربونية.

 

وضع المملكة الاقتصادي

 

مع هبوط سعر البرميل وسط مخاوف من ركود اقتصادي محتمل، سعت السعودية لتخفيض إنتاجها من النفط الخام للحفاظ على الأسعار في معدلات مرتفعة.

 

وخلال شهر مايو، قال صندوق النقد الدولي إن السعودية بحاجة إلى أسعار النفط عند 80.90 دولارا للبرميل للحصول على التعادل في ميزانيتها هذا العام.

 

لكن هذا التقدير استند إلى إنتاج النفط السعودي البالغ 10.5 مليون برميل يوميا واستبعد الإنفاق على المشاريع الضخمة.

 

ووفقا لمستويات إنتاج النفط الحالية ومقدار الإنفاق نفسه على تلك المشاريع، فإنه يجب أن يرتفع سعر برميل النفط إلى 95 دولارا حتى تصل السعودية لتعادل في ميزانيتها، بحسب تقديرات "بلومبيرغ إيكونوميكس".

 

يشير الشوبكي إلى أن النمو الاقتصادي للمملكة العام الماضي كان يستند على متوسط سعر نفط يبلغ 100 دولار ومتوسط حجم إنتاج يبلغ 10.5 مليون برميل.

 

وفي العام الحالي، قال إن الظروف اختلفت جراء الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية التي يعاني منها العالم، بالإضافة الى تخفيض إنتاج النفط من أوبك والتخفيض الطوعي السعودي إلى 9 ملايين برميل يوميا

 

وأضاف أن "الاقتصاد السعودي ما زال يعتمد بنسبة كبيرة على النفط" وسط معاناة من "منافسة غير عادلة" مع روسيا التي تبيع الخام بأسعار تفضيلية في آسيا، وهي سوق معتادة للمملكة الخليجية، وفقا للشوبكي.

 

يقول محللون إن جهود السعودية لدعم أسعار النفط بتخفيض كبير للإنتاج سيؤدي إلى تباطؤ اقتصادها، الذي قد يتقلص هذا العام ويصبح أحد أسوأ أداء بين مجموعة العشرين، بعد أن كان أسرع الاقتصادات نموا في المجموعة العام الماضي، وفقا لموقع "أويل برايس".

 

ويقدّر صندوق النقد الدولي أن تؤدي التخفيضات المستمرة لإنتاج النفط في خفض نمو الاقتصاد السعودية من 8.7% خلال عام 2022 إلى 2.1% هذا العام، بعد أن توقع سابقا أن ينخفض إلى 3.1%.

 

ومع ذلك، يرى المحلل الاقتصادي السعودي أن تلك التقديرات تأتي متباينة بين الجهات الخارجية، مشيرا إلى أنه يثق بشكل أكثر بالأرقام الرسمية الصادرة عن حكومة المملكة.

 

وأشار إلى أن الاقتصاد السعودي لن يكون هو الأسوأ في مجموعة العشرين، بل إنه سيكون بموازاة اقتصادات الدول الأوروبية التي لا تزال تعاني من تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا.

 

وأوضح الحازمي أن السعودية تضع 3 سيناريوهات لسعر برميل النفط خلال اعتمادها للميزانية: سيء ومتوازن وإيجابي.

 

وقال إن كل السيناريوهات الثلاثة تشمل الإنفاق على تلك المشاريع الضخمة التي تسعى فيها السعودية لمردود بالمليارات بحلول عام 2030.

 

من أين ستمول السعودية المشاريع؟

 

وفي حال حدوث "العجز المتوقع" في ميزانية المملكة لعام 2023، ستلجأ السعودية إلى الاستدانة أو إصدار السندات الحكومية، كما يرجح الشوبكي.

 

وقال إن الرياض ستحرص على إبقاء تمويل المشاريع العملاقة، حتى لو كلفها الأمر الاستدانة على اعتبار أنها "تقلص الاقتصاد النفطي وتبني اقتصاد صناعي وسياحي وفي مجالات أخرى بعيدة عن النفط".

 

كما تحاول السعودية البحث في مواردها الطبيعية الأخرى بشكل أكبر، وهناك برنامج لدعم الاستثمار في المعادن بصورة واسعة ضمن "رؤية 2030"، بحسب الشوبكي.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي