الرئيسية > محليات > خفايا عن علاقات مهمة تكشف لأول مرة بين رأس النظام اليمني السابق والعناصر المتطرفة وكيفية تعامل النظام معها خلال السنوات الماضية وكيفية التعامل مع هذه العناصر في المرحلة الراهنة والمقبلة

خفايا عن علاقات مهمة تكشف لأول مرة بين رأس النظام اليمني السابق والعناصر المتطرفة وكيفية تعامل النظام معها خلال السنوات الماضية وكيفية التعامل مع هذه العناصر في المرحلة الراهنة والمقبلة

يمن فويس - يتطرق هذا الحوار مع القاضي حمود الهتار، وزير الأوقاف اليمني السابق، إلى جملة من القضايا الملحة في الساحة اليمنية، وبالأخص ما يتعلق منها بمكافحة الإرهاب وتنظيم القاعدة، وخاصة أن الهتار كان رئيسا للجنة الحوار الفكري مع العناصر الإرهابية والمتطرفة في اليمن.

ويكشف الهتار، في الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في العاصمة صنعاء، عن قضايا وخفايا مهمة في ذلك الحوار ومراحله المهمة عندما أشرف عليه، وعن علاقات مهمة، تكشف لأول مرة بين رأس النظام اليمني السابق والعناصر المتطرفة وكيفية تعامل النظام معها، خلال السنوات الماضية، وكيفية التعامل مع هذه العناصر في المرحلة الراهنة والمقبلة.

والهتار قاض يمني شهير قبل أن يكون سياسيا ووزيرا، وسبق له أن عمل في مجال حقوق الإنسان عندما كان رئيسا لمحكمة استئناف العاصمة صنعاء، غير أنه انشق، مع «الثورة الشبابية»، عن نظام صالح بعد أن قتل العشرات من الشباب على يد قوات الأمن والجيش في قمع المظاهرات.. وإلى نص الحوار:

* سبق أن كنتم رئيسا للجنة الحوار الفكري مع عناصر «القاعدة» وغيرهم، فلماذا فشل الحوار مع هذه الجماعات المتشددة؟

- لم يفشل الحوار ولكن فشل النظام في تطبيقه واستيعاب مخرجاته، فمشكلة الجماعات المتشددة (المتطرفة)، فكرية والفكر لا يواجه إلا بالفكر والمشكلات الفكرية لا تحل عن طريق القوة لأنها تزيدها قوة، والحوار هو السبيل الأمثل لتغيير الأفكار والقناعات والسلوك وتصحيح المفاهيم والتقريب بين وجهات النظر، وحينما كان الحوار أولا في سياسة الجمهورية اليمنية لمكافحة الإرهاب منذ بداية عام 2003 وحتى نهاية 2005، تمكنت لجنة الحوار من إقناع 98 في المائة ممن شملهم الحوار بالعدول عن آرائهم وتغيير قناعاتهم من العنف إلى الرفق ومن الإرهاب إلى السلام من خلال الحوار الفكري الذي كنت أشرف عليه شخصيا، وهو القسم الأول من برنامج إعادة تأهيل لأولئك الأشخاص، أما القسم الثاني وهو المتعلق بدمجهم في المجتمع فقد كانت نسبة النجاح فيه أقل من النسبة المذكورة أعلاه بسبب حصر رأس النظام عملية التواصل مع المفرج عنهم في شخصيات أمنية وعسكرية مقربة منه وعدم مراعاة تلك الشخصيات لطبيعة التعامل معهم فهم لا يحبذون التردد على أبواب المسؤولين وكثرة المواعيد ولا يقبلون قبول العذر ما لم يكن ظرفا قاهرا، ومع ذلك فإن كل من شملهم الحوار الفكري واقتنعوا بنتائجه وتم الإفراج عنهم بموجب تلك النتائج لم يعد أي منهم إلى ما كان عليه من قبل ولم يحدث أي حادث إرهابي خلال السنوات الثلاث المذكورة، وإن عاد أي منهم في الوقت الراهن فهو بسبب الرعاية اللاحقة وكان نجاح هذه التجربة وما تحقق من أمن واستقرار في اليمن محل إعجاب وتقدير العالم واستياء النظام لما في ذلك من تفويت الفرصة على كل من كانت لديه رغبة في استخدام «القاعدة» ورقة لتخويف الآخرين بقصد الحصول على مزيد من الدعم المادي والعسكري والأمني وابتزاز الخزينة العامة، فسارع بعض رموز النظام إلى الحديث عن رجوع بعض من شملهم الحوار إلى ممارسة العنف، وهذا غير صحيح فالذين رجعوا هم أولئك الأشخاص الذين تم التفاهم معهم بواسطة بعض القيادات العسكرية والأمنية ولم يخضعوا لحوار فكري ثم أوقف البرنامج في نهاية 2005، على خلاف ما جرى في المملكة العربية السعودية فحينما توفرت الإرادة السياسية صدر قرار إنشاء مركز المناصحة وتشكيل اللجنة وتم توفير الإمكانات اللازمة للمركز وتوجيه وسائل الإعلام الحكومية بإجراء المقابلات والمناقشات والحوارات عبر وسائل الإعلام وإعداد الكتب والبرامج والمطويات والإصدارات وتنظيم حملة السكينة العامة ودعمها ماديا ومعنويا وتشجيع واستيعاب العائدين من خلال مشاريع تعليمية وتدريبية وترفيهية وتنموية، وعندما رجع بعض من شملتهم المناصحة إلى العنف ظهر عبر وسائل الإعلام حينذاك الأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مدافعا عن برنامج المناصحة، وقال إن رجوع بعض من شملتهم المناصحة لا يؤثر على سلامة البرنامج وأكد استمرار المملكة في برنامج المناصحة، ويتضح من خلال المقارنة بين اليمن والمملكة وجود الإرادة لدى القيادة السياسية للمملكة لمكافحة الإرهاب وعدم وجود هذه الإرادة لدى القيادة اليمنية، حيث لم يصدر قرار منها بإنشاء مركز الحوار وتشكيل اللجنة، وإنما حدث تكليف شفهي ولم يتم توفير الإمكانات اللازمة لها، فقد عملت أنا وزملائي بشكل طوعي وجهود ذاتية ولم تقم الجهات الإعلامية والثقافية والإرشادية بأي جهد يذكر في مواجهة التطرف، وكان اهتمام وسائل الإعلام العربية والإسلامية والدولية بتجربة الحوار في اليمن أكثر من اهتمام وسائل الإعلام اليمنية، والأغرب من ذلك أنه عندما كنت في وزارة الأوقاف تقدمت بمشروع استراتيجية لترسيخ الوسطية ونبذ التطرف ولم تحظ بأي دعم ولم يضف إلى موازنة الوزارة ريال واحد لهذه الاستراتيجية.

* ما هو تفسيركم لتنامي نشاط التنظيم في اليمن في الآونة الأخيرة وظهوره العلني واستيلائه على مناطق بأسرها؟

- هناك أسباب عدة منها: عدم وجود إرادة سياسية لدى النظام السابق لإنهاء الإرهاب في اليمن، وغياب التربية الوطنية والأمن الفكري لتحصين الشباب من الأفكار المتطرفة، والانفلات الأمني وخروج عدد من المحافظات والمديريات عن سيطرة الدولة منذ ثلاث سنوات، ورغبة النظام في انتشار «القاعدة» واستمرار العمليات الإرهابية للقضاء على الحراك السلمي الوحدوي في المحافظات الجنوبية والشرقية أولا ثم ثورة التغيير تحت مبرر مكافحة الإرهاب، وتعاون بعض القيادات العسكرية والأمنية في تسليم مدن جعار وزنجبار ورداع لـ«أنصار الشريعة» وتمكينها من الاستيلاء على الأسلحة والعتاد العسكري الذي كان موجودا في معسكر الأمن المركزي ومصنع الذخيرة في أبين والكتيبة المشتركة في دوفس وأسلحة أخرى شجعتهم على الاستمرار في المواجهات العسكرية، وعطاء «القاعدة» حجما أكبر من حجمها من خلال الخطاب الإعلامي والسياسي للنظام لتخويف الغرب ودول الجوار من خطر «القاعدة» في اليمن بهدف الحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي والأمني والعسكري، وإيقاف برنامج الحوار وما ترتب عليه من فقدان الأمل لدى أولئك الأشخاص في إمكانية العيش بسلام إذا ما تخلوا عن العنف، وانقسام الجيش والأمن وغياب العقيدة العسكرية الصحيحة لدى الجيش والأمن.. فقد كان الجيش جيش الرئيس والأمن أمن الرئيس فالجيش والأمن الوطنيان لا يدافعان عن الأشخاص بل عن الأوطان والقيم والمثل العليا، والضربات الاستباقية غير الموفقة والاستخدام المفرط للقوة في غير محله وما ترتب عليه من قتل النساء والأطفال والشيوخ في المعجلة أبين وقتل أمين عام المجلس المحلي بمحافظة مأرب.. أكسبت «القاعدة» تعاطفا شعبيا، والتدخل العسكري الأميركي المباشر والمعلومات غير الصحيحة التي تقدم إليهم من الجانب اليمني.

وضمن الأسباب أيضا: بعض رموز النظام السابق يسعون إلى تحويل اليمن إلى صومال آخر نكاية باليمن ودول الجوار، وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الأشخاص الخارجين على القانون ومن ساعدهم في الاستيلاء على الأسلحة والعتاد العسكري، وعدم تعاون الكثير من المواطنين في المحافظات الجنوبية والشرقية مع السلطة في مواجهة «القاعدة» بسبب سياساتها وممارساتها في تلك المحافظات وعدم وفائها بالتزاماتها في إصلاح الأوضاع ووعودها التي قطعتها للأشخاص الذين وقفوا معها خلال عشرين عاما مضت، واستغلال «القاعدة» لبعض المناطق المحرومة من الخدمات الأساسية والمشاريع التنموية رغم امتلاكها مقومات اقتصادية نفطية وزراعية وثروة سمكية، وغياب المعلومات الصحيحة عن نشاطها وتحركاتها نتيجة الصراع القائم بين جهاز الأمن القومي والأمن السياسي والاستخبارات العسكرية وما أشيع مؤخرا من وجود تنسيق بين بعض قيادات الأمن القومي وعناصر «القاعدة» لتصفية بعض ضباط الأمن السياسي واستهداف عدد كبير من ضباط الأمن السياسي ومقاره من دون غيره، وهروب عدد من المطلوبين أمنيا بسبب انتمائهم لتنظيم القاعدة من المملكة العربية السعودية إلى اليمن نتيجة للسياسات المتبعة والإجراءات الصارمة التي اتخذتها المملكة لمكافحة الإرهاب وعدم وجود ذلك في اليمن، وضعف التأهيل والتسليح للجيش والوحدات الأمنية بشكل عام واقتصاره على الوحدات التي تحت قيادة أقارب الرئيس السابق.

* عندما كنتم رئيسا للجنة الحوار مع هذه الجماعات، هل لمستم جدية لدى نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح في القضاء على ظاهرة الإرهاب؟

- لم تكن هناك جدية لدى نظام صالح للقضاء على الإرهاب لعدم وجود إرادة سياسية بسبب رغبة بعض رموز النظام السابق في استمرار العمليات الإرهابية للقضاء على الحراك السلمي في الجنوب أولا ثم ثورة التغيير السلمية ثانيا تحت مبرر مكافحة الإرهاب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تخويف دول الجوار والغرب من خطر تنظيم القاعدة بهدف الحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي والأمني والعسكري.

* بعيدا على انشقاقكم عن نظام صالح، هل فعلا لعب دورا في دعم ورعاية هذه الجماعات؟ وكيف؟

- دأب النظام خلال 33 عاما على خلق الأزمات وإذكاء الخلافات القبلية والصراعات والتناقضات السياسية للاستفادة منها في الاستمرار في الحكم تجسيدا لمبدأ «فرّق تسد»، أما عن علاقة نظام صالح ودوره في دعم هذه الجماعات فهناك وقائع عديدة تشير إلى تلك العلاقة منها: حصر التواصل مع المفرج عنهم بأقارب الرئيس ومقربيه، وإيقاف التحقيق في حادثة استهداف السفارة الأميركية في صنعاء عام 2007، وعدم الاهتمام بالتقرير الذي رفعناه إلى الرئيس في 15-2-2009، عن الأوضاع في محافظة أبين والذي أشرنا فيه إلى وجود عصابة مسلحة قامت بنهب الممتلكات العامة والخاصة بمدينة جعار وقامت بإعدام 5 أشخاص خارج إطار القانون، وذكرنا في التقرير أن تلك الممارسات تنذر بخطر قادم وأوصينا باتخاذ الإجراءات القانونية للتحقيق في وقائع النهب والقتل وتقديم المتهمين للعدالة وإجراء بعض الإصلاحات الإدارية والأمنية ولم يتحقق من ذلك شيء بل تم طلب أفراد تلك العصابة إلى صنعاء وعقد لقاء بينهم وبين بعض رموز النظام في دار الرئاسة، ولا ندري ما الذي دار في ذلك اللقاء ثم صرفت مكافأة لكل واحد منهم وعادوا إلى محافظة أبين سالمين غانمين، وأيضا دخول جماعة «أنصار الشريعة» إلى مدن جعار وزنجبار بمحافظة أبين واستيلاؤهم على ما كان في معسكراتها وإداراتها من أسلحة من دون مقاومة تذكر من الجهات الأمنية والعسكرية التي كانت مرابطة هناك، واستمرار «اللواء 25» في المقاومة والمواجهة مع تلك الجماعة لمدة 3 أشهر تقريبا من دون تقديم أي دعم له من قيادة المنطقة الجنوبية والسلطات المركزية، وتمكين جماعة «أنصار الشريعة» من دخول مدينة رداع والاستيلاء عليها من دون مقاومة، والاعتداء على الكتيبة المشتركة بمنطقة دوفس وما ترتب عليه من قتل وأسر للجنود والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والعتاد العسكري، والاعتداء الأخير على موقع عسكري في منطقة الملاح بمحافظة لحج.. كل هذه الوقائع تثير تساؤلات عدة حول علاقة النظام السابق بهذه الجماعة، وتكرار هروب السجناء المشتبه بانتمائهم لـ«القاعدة»، وإذا جرى تحقيق محايد فستتضح حقيقة هذه العلاقة.

* إلى أي مدى تمكنت «القاعدة» من اختراق القوات المسلحة والأجهزة الأمنية اليمنية؟

- حالة الانقسام في الجيش والأمن وغياب العقيدة العسكرية الصحيحة وانخفاض الروح المعنوية وغلاء المعيشة وتدني مستوى دخل الفرد.. أسباب تجعل الجيش والأمن عرضة للاختراق غير أن الأفكار المتطرفة مرفوضة لدى الشعب اليمني عموما والجيش اليمني خصوصا، وما حدث في أبين ورداع لا يعبر عن حقيقة اختراق، ولكن ربما عن تقصير أو توجيهات صدرت إليهم بالتغاضي عن توسع «القاعدة»، أما حادثة دوفس الشنيعة فننتظر نتائج التحقيق فيها.

* سبق أن فر العشرات من سجناء «القاعدة» من معتقلات المخابرات في صنعاء وعدد من السجون في أكثر من محافظة.

- تكرار عملية الهروب تثير تساؤلات عدة حول كل عملية من تلك العمليات، وإن كان بعض المحللين لا يستبعدون وجود تعاون من بعض مسؤولي تلك الجهات بإيعاز من بعض القيادات العسكرية والأمنية.

* من واقع خبرتكم وتجربتكم السياسية، من أين يتم تمويل عمليات «القاعدة» في اليمن برأيكم؟

- كانت عمليات التمويل خارجية إلى أن تمكنت جماعة «أنصار الشريعة» من الاستيلاء على ممتلكات عامة وخاصة وأسلحة ومعدات عسكرية.

* جرت في الفترات الماضية، ومؤخرا، عمليات سطو على أموال بنوك ومرتبات موظفين حكوميين واتهمت «القاعدة» بالوقوف وراء تلك العمليات، فهل تعتقدون أنها يمكن أن تلجأ إلى السطو والسرقة لتمويل عملياتها؟

- كانت استراتيجية «القاعدة» قائمة على استهداف غير المسلمين والمصالح الغربية، وخاصة الأميركية والأوروبية، ولم يكن اليمنيون وأموالهم هدفا لـ«القاعدة» في يوم من الأيام، غير أن طبيعة تكوين جماعة «أنصار الشريعة» مختلفة عن تكوين تنظيم القاعدة، فقد ضمت جماعة «أنصار الشريعة» في عضويتها خليطا من الناس منهم المتأثر بـ«القاعدة» وأفكارها ومنهم من كان مع الحراك المسلح ومنهم من كان من أنصار النظام السابق ومنهم من جاء من خارج اليمن، لذلك فإن هذه الجماعة قد سلكت مسلكا مغايرا لتنظيم القاعدة في الحصول على الأموال من خلال أعمال النهب والسطو.

* ساهمت الولايات المتحدة في إنشاء وتدريب قوات مكافحة الإرهاب في الجيش اليمني وقوات الأمن، فهل تعتقدون أن هذه القوات قادرة على خوض هذه المعركة على الأرض؟

- طبعا، ساهمت الولايات المتحدة الأميركية في تدريب وحدات من الحرس الجمهوري والأمن المركزي على سبيل الحصر وقيادة هذه القوات بيد أقارب الرئيس ولم يلمس الناس أثرها على الواقع وربما استخدمت في غير الأهداف التي دربت من أجلها، ولو كانت قادرة على خوض المعركة على الأرض لما احتاجت الولايات المتحدة الأميركية إلى التدخل العسكري بموافقة من الحكومة اليمنية.

* لكن هناك من يعتقد أن العقيدة العسكرية للجيش اليمني ليست المطلوبة بسبب الولاءات في هذه المؤسسة، الأمر الذي ينعكس على أدائها.

- انقسام الجيش وغياب العقيدة العسكرية الصحيحة واختزال الوطن في شخص الرئيس واعتبار الجيش جيش الرئيس والأمن أمن الرئيس وانخفاض الروح المعنوية.. من أهم أسباب تدني مستوى الأداء وتحقيق الانتصارات للجماعات المسلحة يوما بعد يوم.

* ما هو الحل - من وجهة نظركم - للقضاء على التنظيمات الأصولية في اليمن؟ وهل ما زالت هناك إمكانية للحوار معها، أم أن الحل الأمني والعسكري هو الخيار الأفضل؟

- هناك فرق بين الإرهاب والأصولية، ولعلك تقصد «الإرهابية»، فمصطلح الأصولية جديد ومفهومه عند المسلمين يختلف عن مفهومه عند غيرهم، فالأصولية عند المسلمين تعني العودة إلى المنابع الصافية والمتمثلة في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية والاستفادة من تجارب الآخرين بما لا يخالف نصا قطعيا من كتاب أو سنة أو إجماع، ونحن متعبدون بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية ولسنا متعبدين بأقوال الأئمة والفقهاء عملا بقوله تعالى «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول»، والرد إلى الله رد إلى كتابه والرد إلى الرسول رد إلى سنته، فهي مرجعية نصوص وليست مرجعية أشخاص، ولسنا متعبدين بأقوال علماء الدين كما هو الشأن بالنسبة لغير المسلمين.

أما بالنسبة للجماعات والتنظيمات الإرهابية فإن مكافحة الإرهاب ينبغي أن تسير على خطين متوازيين: الأول الحوار الفكري لاقتلاع الجذور الفكرية للتطرف والإرهاب، والثاني الأمني والعسكري ضد الخارجين على القانون من دون غيرهم، ويجب أن يكون الحوار أولا لأن القلم واللسان يصنعان ما تعجز عنه أحدث الأسلحة وأذكاها، وقديما قال سقراط «الكلمة مفتاح القوة».

* كيف تقرأون مخاوف شريحة واسعة في الشارع اليمني من سيطرة «الإسلاميين» على الحكم في اليمن من خلال الثورة أو العملية الديمقراطية؟

- ليس هناك ما يبرر المخاوف من وصول الإسلاميين إلى الحكم في اليمن أو في غيره ما داموا يؤمنون بالديمقراطية طريقا للوصول إلى الحكم، وأن وصولهم إلى الحكم كان عن طريق الانتخابات المعبرة عن الإرادة العامة للشعب، لكن البعض يريد الديمقراطية التي تضمن له الوصول إلى الحكم وتكفل له القضاء على معارضيه، وهذه ليست ديمقراطية ويجب أن نسلم بنتائج الديمقراطية وأن نحترم إرادة الشعوب، وأدعو جميع الأحزاب والجماعات الإسلامية إلى الاستفادة من تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا.

* ألا تعتقدون معي أن النظام السابق ما زال يحتفظ بخيوط عديدة للعبة السياسية، أم أنه «كرت محروق» كما هو في التعبير الدارج؟

- يجب التفريق بين الرئيس السابق وأقاربه وبين «المؤتمر الشعبي العام»، فعلي صالح قضى على تاريخه وأحرق أوراقه وأوراق بقية أفراد أسرته من خلال تمسكه بالحكم وقمع المظاهرات والاعتصامات السلمية وقانون الحصانة مهما حاول بعضهم التمسك بمواقعهم العسكرية، أما «المؤتمر الشعبي العام» فما زال شريكا في الحكم ولديه كتلة برلمانية مؤثرة وامتداد واسع في الساحة اليمنية، والمصلحة الوطنية تقتضي بقاءه من غير علي عبد الله صالح، وإذا أصر على استمرار قيادته لـ«المؤتمر» فسيخرجه من الحياة السياسية في أول انتخابات برلمانية أو محلية كما خرج هو.

* كيف توجزون مشكلات القضاء وحلولها في ظل المطالبات المستمرة باستقلاليته؟ وما هي المعوقات أمام ذلك؟

- مشكلات القضاء تاريخية وسياسية وقانونية وثقافية وإدارية ومالية واجتماعية، وقد قتلت هذه المشكلات بحثا ونقاشا، وهناك العديد من الخطط والبرامج المتعلقة بإصلاح القضاء وتحقيق استقلاله لكن المشكلة الكبرى التي وقفت وما زالت تقف أمام إصلاح القضاء واستقلاله هي عدم وجود إرادة سياسية لتحقيق هذه المطالب، ونتمنى أن توجد هذه الإرادة في ظل قيادة الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية خلال الفترة الانتقالية، فإذا وجدت هذه الإرادة فستعمل على إيجاد رؤية موضوعية لإصلاح القضاء واستقلاله وتوفير الإمكانات اللازمة والإدارة القادرة على التنفيذ، وسيحقق ما لم يحققه من سبقه من حكام اليمن.

* اليمن إلى أين في تقديرات وقراءات القاضي حمود الهتار؟

- حققت ثورة التغيير السلمية الهدف الأول من أهدافها وبدأت عجلة التغيير في الدوران ولن تعود إلى الوراء، وإذا تمكن الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق من ترسيخ الأمن وحل المشكلة الجنوبية في إطار الوحدة وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين وإزالة المظالم وترسيخ النهج الديمقراطي، فإن مستقبلا زاهرا ينتظر اليمن.

 

الشرق الأوسط


الحجر الصحفي في زمن الحوثي