الرئيسية > رياضة > باولو ديبالا يتطلع إلى حقبة جديدة مع يوفنتوس

باولو ديبالا يتطلع إلى حقبة جديدة مع يوفنتوس

" class="main-news-image img

فرض النجم الأرجنتيني باولو ديبالا نفسه كرقم صعب داخل فريق يوفنتوس بعد حقبة طويلة من التهميش عاشها مع بطل الدوري الإيطالي في فترة المدرب السابق ماسيميليانو أليغري، لكنه يتطلع اليوم إلى كتابة التاريخ مع السيدة العجوز وبات ينظر إليه كخليفة للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.

لندن –  تختلف تجارب نجوم كرة القدم وتنقلاتهم بين الأندية وقد تتمايز أحيانا وتلتقي في نقاط مشتركة أحيانا أخرى، لكن تظل القاعدة الأساسية للنجاح وفق الخبراء والمحللين هي كيفية التعامل مع الأوقات العصيبة التي تتطلب عزيمة وقدرة على التحمل، والأهم من ذلك إصرار هذا النجم أو ذاك على فرض اسمه وكسب ثقة الجميع.

المثال بوضوح يجسده الأرجنتيني باولو ديبالا الذي مرّ بفترة تهميش مع يوفنتوس وكان قريبا من ترك الفريق، لكنه نجح في قلب المعادلة لصالحه وبات خيارا لا تنازل عنه ضمن تشكيلة “السيدة العجوز”.

كشفت تقارير صحافية إيطالية الأربعاء الماضي أن ديبالا يتطلع إلى مرحلة جديدة مع السيدة العجوز، خاصة وأن إدارة النادي باتت ترمقه بنظرة مغايرة تماما لما كان عليه الوضع مطلع الموسم.

وقالت صحيفة “لاغازيتا ديلو سبورت” إن هناك رغبة ملحة تحدو مسؤولي يوفنتوس في التجديد للجوهرة الأرجنتينية الذي بات أهم لاعب في الفريق بعد كريستيانو رونالدو.

وأكدت مصادر صحافية إيطالية أن ديبالا لا يمانع في التجديد والبقاء كي يصبح أحد رموز النادي، لكنه يستهدف الحصول على أعلى راتب من بعد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي لا يمكن الوصول إليه.

ديبالا يستهدف الحصول على أعلى راتب من بعد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي لا يمكن الوصول إليه

ويكشف محللون رياضيون أنه مهما كان مستوى أي لاعب وقدرته على التأقلم مع فترات القوة، فإنه معرض أيضا لفترات من الفراغ وخصوصا عند انتقاله إلى فريق جديد أو تواجده ضمن كوكبة من النجوم في ناد، ما يمنعه من البروز والتألق.

وتتعرض تجربة أي نجم عالمي إلى مرحلة من الفتور والتراجع، وإذا ما أحسن الأخير التعامل مع هذه الفترة للخروج منها فإن طريقه إلى النجاح سيكون معبدا لكن إذا فقد الثقة في النفس وتتالت خيباته فإن مصيره سيكون معروفا وهو الخروج من الباب الصغير وربما يتم التفويت فيه بأبخس الأثمان حتى.

ولأن عالم كرة القدم مليء بالنجوم الكبار الذين يراودهم حلم العالمية ومعانقة الألقاب، فإن افتكاك مكانة بين الأندية الكبرى يعتبر معجزة في حد ذاته خصوصا إذا كان هذا الفريق في قيمة يوفنتوس الإيطالي. وعاش ديبالا تجربة صعبة في يوفنتوس خلال الفترة الأخيرة وكان قريبا من الرحيل عن فريق “السيدة العجوز” قبل أن يقلب المعادلة لصالحه ويغيّر قناعات الإدارة والجهاز الفني، فيما يقر محللون رياضيون بأن اختباره الأشد كان مع إصابته بفايروس كورونا.

خطة مستقبلية يسعى يوفنتوس إلى وضع خطة مستقبلية تهدف إلى تأمين الفريق، ويعتبر ديبالا اللاعب المناسب لكي يتم بناء الخطة عليه في حقبة ما بعد رونالدو.

ويرغب النجم الملقب بـ”الجوهرة” في الحصول على 15 مليون يورو سنويا، في حين أن يوفنتوس على استعداد لرفع راتبه من 11 إلى 12 مليون يورو فقط، في الوقت الذي يتقاضى فيه حاليا 7.3 مليون يورو فقط حاليا.

ويأتي ديبالا في المركز الرابع من حيث قيمة الأجور في يوفنتوس، بعد كريستيانو رونالدو (31 مليون يورو)، وماتياس دي ليخت (8 ملايين يورو)، وغونزالو هيغواين وميراليم بيانيتش (7.5 مليون يورو).

وكان الأرجنتيني قريبا من الرحيل عن تورينو الصيف الماضي والانضمام إما إلى مانشستر يونايتد وإما إلى توتنهام الإنجليزيين، لكنه تمسك بالأمل وواصل العمل من أجل إقناع الجميع بأنه يود الاستمرار مع يوفنتوس.

ومنذ وصوله إلى تورينو في العام 2015 تعرض ديبالا إلى فترة فراغ كبيرة مع المدرب السابق لفريق السيدة العجوز ماسيميليانو أليغري. وكانت مشاركاته قليلة إلى أن جاء ماوريسيو ساري مع نهاية الموسم الماضي والذي أعاد بث الروح في هذا النجم وأحياه من جديد.

ويقف المتابعون للدولي الأرجنتيني على مسيرة متواضعة بدأها في الأرجنتين مع إنيستتوتو في عام 2011، لينتقل عام 2012 إلى نادي باليرمو الإيطالي. ولعب ثلاثة مواسم في باليرمو؛ موسمان في الدوري الإيطالي الدرجة الأولى وموسم واحد في الدوري الإيطالي الدرجة الثانية وفاز به في موسم 2013 – 2014. وفي عام 2015 انضم إلى يوفنتوس مقابل صفقة قُدّرت بـ32 مليون يورو، ومنذ ذلك الحين لعب أكثر من 100 مباراة مع فريق “السيدة العجوز” وفاز معه بثنائية الدوري والكأس في كل المواسم الثلاثة التي لعبها معه. وتم اختياره مرتين ضمن تشكيلة العام للدوري الإيطالي.

أما على المستوى الدولي فقد شارك ديبالا للمرة الأولى مع منتخب الأرجنتين الأول في عام 2015. وتم اختياره ضمن القائمة المشاركة في كأس العالم 2018. وسجل أول أهدافه في 20 نوفمبر 2018 ضد المكسيك.

وكثيرا ما يعيد النجم الأرجنتيني استحضار التجربة المريرة التي عاشها في يوفنتوس منذ قدومه إلى الفريق في ظل القرارات الخاطئة والمتسرعة التي ميزت مدربه أليغري وعادت بالسلب على الكثير من اللاعبين وأولهم ديبالا.

استحضر اللاعب “الجوهرة” هذه المرحلة من الموسم الماضي في حوار أدلى به إلى شبكة “سي.أن.أن”، حيث إنه “لم يكن لدى مسؤولو يوفنتوس رغبة في الاعتماد عليّ أو استمراري مع الفريق، وبدأت بالفعل بعض الأندية في إبداء اهتمامها بضمي مثل مانشستر يونايتد وتوتنهام، حيث دخلا في مفاوضات مطولة، وبعدها ظهر في الصورة نادي باريس سان جرمان”.

وقال “لم أتواصل مباشرة مع أي ناد، بل كانت مفاوضات مكثفة بين الأندية”. لكنه استدرك “ومع ذلك كانت رغبتي واضحة في تلك الفترة، وهي البقاء مع اليوفي، لم يكن عاما جيدا، وتراجع مستواي كثيرا في آخر 6 أشهر، ولم أكن أريد الرحيل بهذه الطريقة، لذا صممت على البقاء والعمل بكل جدية وبذل أقصى ما لدي”.

وأبرز ما يسجله التاريخ لهذا اللاعب هو كيف ضرب بنصائح مدربه أليغري عرض الحائط، واستغل فترة توقفه للإصابة وإجازة الشتاء بإيطاليا للظهور في عرض أزياء بأسبوع الموضة في ميلانو، متخذا من نصيحة بافل ندفيد نجم البيانكونيري ونائب رئيسه الذي علق على فعل الأرجنتيني حينها بأن “عليه (ديبالا) تغيير نمط حياته خارج الملعب”.

أما عن أوجه الشبه بينه وبين مارادونا، فإن أهم تعليق في هذه المسألة يُسجل لأسطورة القدم البرازيلية بيليه الذي أقر بأن “الشيء الوحيد المشترك بينهما هو أنهما يلعبان بالقدم اليسرى”.

ورأى محللون رياضيون أن في تعبير أسطورة القدم البرازيلية الكثير من الصحة، فلا أحد يمكن أن يكون مثل دييغو، والمقارنة بين ديبالا وأفضل لاعب في تاريخ اللعب “حماقة” تضر اللاعب أكثر مما تفيده.

لكن في الوقت نفسه لا يمكن إنكار موهبة وأهمية وندرة ما يقدمه باولو حتى ولو كان بعيدا بشكل شاسع عن أسطورة مارادونا، وإبقاؤه احتياطيا في كل موسم لعدة جولات إهدار لموهبته وإفساد لمتعة الجماهير واستفزاز للاعب الذي فكر يوما في الهروب من جحيم مدربه أليغري. واهتمت العديد من التقارير حينها بالتوتر القائم بين ديبالا وأليغري وأصبحت أي محاولة للإيهام بأن ما يجمع بينهما هي علاقة عادية بين مدرب ولاعب، أمرا سخيفا.

يوفنتوس يسعى إلى وضع خطة مستقبلية لتأمين الفريق، ويعتبر ديبالا اللاعب المناسب لكي يتم بناء الخطة عليه ما بعد رونالدو

وبات واضحا أن واحدا منهما سيغادر في نهاية الموسم الماضي، وفعلا فقط حصل الطلاق في النهاية ببقاء الأرجنتيني ورحيل المدرب الإيطالي.

ومثله مثل الكثير من النجوم الذين عانوا لفترات طويلة تحت قيادة أليغري الذي رغم قدوم العديد من اللاعبين الكبار والأموال التي ضخها النادي من أجل تحقيق اللقب الحلم وهو الفوز بدوري رابطة الأبطال، لكن الخروج المخيّب من المسابقة القارية عجل بالإطاحة به.

وانهال ديبالا بالمديح على مدربه الحالي ماوريسيو ساري مشددا على أن البيانكونيري يلعب بشكل أفضل في الوقت الحالي.

وأكد الأرجنتيني “بالتأكيد، الأمر لم يكن سهلا، لأن رغبة يوفنتوس كانت مختلفة، ولكن بعد إغلاق باب الانتقالات، لم يكن متاحا أمامي متسع من الوقت، ومع تولي ماوريسيو ساري المسؤولية، تحسنت كثيرا والفريق بدأ يقدم أداء أفضل، مما دفعني إلى البقاء وتقديم موسم مميز”.

إذا كان يوفنتوس مدركا لقيمة هذا النجم الثابتة فعليا فإن عليه ألّا يتردد في تجديد عقده، وهو ما يطمح إليه ديبالا أيضا الذي ترك الباب مواربا أمام إدارة الفريق للتحرك في هذا الشأن رغم أنه ألمح إلى أنه لا يريد الخوض في هذه التفاصيل.

وقال ديبالا “من الواضح أنني لاعب في هذا النادي وأنا سعيد لوجودي هنا. الناس يحبونني كثيرا وأنا أحب الناس كثيرا. لدي تقدير كبير للنادي وللناس الموجودين هنا، لدي علاقة جيدة مع الرئيس وبالتأكيد في مرحلة ما سوف يأتون للحديث معي، أو ربما لا.. لا أعرف”.

وأضاف “في لحظة ما قد يكون هناك تجديد محتمل، لكن ذلك يعتمد على يوفنتوس”، موضحا “في الوقت الحالي لا يوجد شيء، حقا. تبقى سنة ونصف السنة في عقدي، وهي فترة ليست طويلة، وأنا أفهم أن كل ما حدث (أزمة فايروس كورونا المستجد) ليس سهلا على النادي، ولكن تم تجديد عقود لاعبين آخرين.. لذلك نحن ننتظر”.

ما يــجمع عليـه المتابعون أن لدى ديبالا كل ما يتمناه أي ناد يبحث عن اللاعب الجوهرة، فهو استعراضي من الطراز الأول، وسيم، والأهم من ذلك أنه يجيد اللعب في عدة مراكز.

ويقر هؤلاء بأن أفضل مكان للنجم الأرجنتيني هو الدوري الإيطالي، فنجوم من هذا النوع تسهم في رفع قيمة المنافسة وتزيد الإثارة.

 وصحيح أن ديبالا ليس مارادونا لكنه يعتبر أحد أفضل 10 لاعبين في العالم حاليا، وربما يكون في السنوات القادمة من بين المرشحين لنيل إحدى الجوائز الكبرى على غرار الكرة الذهبية.

وكغيره من اللاعبين الأجانب الناشطين في دوري يعرف بحماسة جماهيره الكبيرة، فإنه يعطي قيمة كبيرة لوضعية هؤلاء وخصوصا السود منهم الذين يتعرضون إلى هتافات عنصرية واستهجان كبير داخل الملاعب، وقد أبدى في أكثر من مرة استنكاره الشديد لمثل هذه التصرفات داعيا إلى تحرك دولي للقضاء على هذه الظاهرة.

مناهض للعنصرية تطرق ديبالا إلى العنصرية التي عانت منها كرة القدم الإيطالية ولاسيما خلال الموسم الماضي، وتكتسب مناهضتها زخما إضافيا في الفترة الحالية بعد التظاهرات ضد مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد على يد شرطي في مدينة مينيابوليس.

ودعا الأرجنتيني إلى إيجاد حلول للعنصرية داخل كرة القدم وخارجها، مشددا على ضرورة أن تكون العقوبات الإيطالية أكثر صرامة.

وقال في هذا الخصوص “ما لم يكن الأمر كذلك، فعندئذ سيكون علينا كلاعبين أخذ زمام المبادرة حتى لا يستمر حدوث هذا الأمر، لأننا نتحدث عن واحدة من أكبر البطولات في العالم، يشاهدها الملايين، وإذا رأوا عنصرية دون اتخاذ أي إجراء، سيتشجع الناس ويستمرون في القيام بذلك”.

وعانى لاعبون في يوفنتوس من عنصرية المشجعين في الموسم الماضي، ولاسيما مويز كين (انتقل إلى إيفرتون الإنجليزي) والفرنسي بليز  ماتويدي.

وتنتقد المنظمات الحقوقية غياب العقوبات الحازمة في حق الأندية التي يقدم مشجعوها على ممارسات كهذه.

باولو ديبالا باختصار قصة محارب يأبى الرضوخ لمن يسعى للتقليل من مستواه الفني وقيمته كلاعب مميز عانق العالمية وبلغ درجة عالية من الاحترافية رغم أن بدايته كانت متواضعة، لكن أهم مشهد يرتسم في هذه القصة هو كيف قلب المعادلة وغيّر قناعات فريقه بعد أن كان على قائمة المغادرين ليصبح مرغوبا فيه داخل قلعة السيدة العجوز.  


الحجر الصحفي في زمن الحوثي