الرئيسية > محليات > لا مفر من علي عبد الله صالح !

لا مفر من علي عبد الله صالح !

[caption id="attachment_11067" align="aligncenter" width="606" caption="علي عبدالله صالح"]علي عبدالله صالح[/caption]

دانا ستاستر - ترجمة دنيز يمين (صحيفة "السفير")

حطّ علي عبد الله صالح، الرئيس اليمني بالاسم، في نيويورك الأسبوع الماضي... الزيارة ببساطة غير مريحة...

بعد عام من التظاهرات السلمية المطالبة بتنحيه، وأشهر من المسيرات الحاشدة في صنعاء وإب وتعز وعدن، قُمع معظمها بالمجازر حينا، والاشتباكات الأمنية - القبلية أحيانا اخرى، وبعدما انتظر صالح حتى تشرين الثاني الماضي للتوقيع على المبادرة الخليجية المؤيدة أميركياً، وافق بموجبها على نقل صلاحياته (باستثناء صفته الرئاسية) إلى نائبه، وتشكيل "حكومة وفاق" بعد ذلك استعدادا لانتخاب رئيس يمني في 21 شباط الحالي.. يبدو ان الأزمة في اليمن سارية على قدم وساق، خصوصا بعدما "كوفئ" صالح قبيل مغادرته البلاد للعلاج، بنيله حصانة قضائية "شرّعها" القانون اليمني!

في أحسن الأحوال، يمكن اعتبار صالح حليفاً "سابقا" للولايات المتحدة، ودكتاتورا خُلع على يد شعبه.. في أسوأ الأحوال، يمكن القول انه مجرم حرب مسؤول عن مقتل مئات المدنيين وعن عقود من الحكم البائس.

ينطلق الغضب الذي يرافق زيارة "الرئيس" إلى الولايات المتحدة من شعورين: اولاً، حالة السخط العارمة اثر حصول صالح على حصانة قضائية بموجب مبادرة باركتها واشنطن وأقرها البرلمان اليمني. وثانياً، حالة الانزعاج الكبير من موافقة واشنطن على استقباله مع كل ما قام به خلال العام الماضي. المأخذان محقّان ومفهومان. في الواقع، ان الانتقادات المماثلة تعكس مدى مساهمة القرار الأميركي في إحياء المشاعر المعادية لأميركا في وسط مناصري "الديموقراطية" في بلد يؤرجحه العنف.

على واشنطن القيام بالكثير حيال الشعب اليمني. على الأميركيين ألا يخطئوا باعتبار اليمن "دولة ديموقراطية"، اذ ليس البلد الاكثر فقراً في المنطقة حتى على مشارف هذه الديموقراطية. ثورة اليمن أطاحت الاستبداد، لكنها تبقى بعيدة عمّا يظهر ان ثورة تونس قد حققته أو حتى عمّا من المتوقع ان يتحقق في مصر، ثورة اليمن تمكّنت فقط من إزاحة علي عبد الله صالح غير ان ما هي بحاجة إلى إنجازه هو تغيير الحكم ومؤسساته، وهذا ما لن يحدث بمجرد خوض انتخابات شباط. لن يكون هناك أي مقعد لتلك التيارات المحايدة التي قدّمت معظم التضحيات والتي شعرت بالغبن بعد العفو عن صالح... فرصة انتخابية واحدة ليست فِعلاً باتجاه الديموقراطية...

33 عاما من الحكم أُرسي خلالها نظام القبضة العسكرية الاستبدادية كان أشبه بمنظومة من القبائل تتشارك السلطة أحياناً، تحت عنوان سطحي تجميلي هو "الديموقراطية". ان إزاحة شخص واحد لن تغيّر في تركيبة النظام المتجذرة. فالقوتان المسيطرتان على البرلمان، حزب "المؤتمر" الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون)، تتمتعان بخيوط عنكبوتية عميقة تلف المجتمع القبلي اليمني. لذا، ان عزل صالح من الرئاسة لا يعني عزله من النظام، اذ لا يزال على رأس "المؤتمر" فيما ينشر أبناءه وأقرباءه في صفوف الجيش. بعد عقود من التلاعب بالسياسة اليمنية، من غير المرجح ان يبقى علي صالح جانباً اليوم.. رغم كل الشائعات التي تتوقع نفيه إلى مسقط.

لن يحصل الإصلاح السياسي في صنعاء بين ليلة وضحاها. لن يكون باستطاعة الولايات المتحدة تجاهل واقع ان صالح، بقوته الشخصية وقوة أقربائه، سيكون له اليد الطولى في رسم المرحلة المقبلة. اذا كانت واشنطن تريد فعلا دفع اليمنيين باتجاه الديموقراطية، فعليها العمل مع الجميع بمن فيهم صالح!

ان التزام أميركا بالترتيب الهش للبيت اليمني وعدم اقتراح بديل أفضل، يُعدّ فشلاً كبيراً في سجل السياسة الخارجية الأميركية. أما السماح لصالح بتلقي العلاج في نيويورك فيأتي انعكاسا لإدراك أميركا بأن اللعبة طويلة، وانها لن تقوم من خلال القيادات الحيادية بقدر ما ستكون من خلال دور صالح ونفوذه.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي