في تعز.. نُقْتل كل يوم

كتب
الخميس ، ١١ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:١٠ صباحاً

بقلم: بسمة عبدالفتاح -
في تعز فقط تجد نفسك موصوفاً بأنك ابن المدينة المثقفة ، في تعز فقط تشعر أنك في مدينة وهبها الله تضاريس عجيبة وطقساً متقلباً في اليوم الواحد، في تعز فقط تشعر أنك في مدينة حميمة تنام بحضن جبل صبر ، وفي تعز فقط نُقتل كل يوم ..
نعم نُقتل كل يوم في المدينة المسماة صناعية ، والمسماة ثقافية ، وهذا القتل مع سبق الإصرار والترصد ، تعالوا نتساءل: لماذا أعلى نسبة إصابة في السرطان هي في تعز ؟ هل لأنها مدينة صناعية ؟ أم لأن أبناءها يزرعون القات ويبذلون له أجود السموم التي تعود على جيوبهم بالنفع وعلى الآخرين بالقتل؟.. كما أننا لم نعد نتذوق طعم الفواكه، أصبحت منفوخة أيضاً بهذه السموم، أم لأن مقلب القمامة الذي أصبح وسط منطقة سكنية في غرب تعز مفتوحاً على مصراعيه للمواشي لترعى من كافة العوادم الموجودة ثم تعود لحومها للأسواق لنأكلها ولا ندري ما الذي تحمله لنا؟ كما في هذا المقلب أدخنة لعوادم لا أحد يعلم ماهيتها حتى تُحرق وينتشر دخانها في الجوار ولا نعلم ما الذي تحمله من سموم، لكنها قاتلة .
لأسباب كثيرة -نخمنها نخطيء أو نصيب في تخمينها – يقُتل أبناء تعز بالسرطان كل يوم ، أبي قتله السرطان وزوج عمتي كذلك ، ووالد صديقتي ، ووالدة زميلي الصحفي زكريا الكمالي ، ووالدة زميلي الناشط رضوان الحاشدي ، كلهم قتلهم السرطان ، ، وكثيرون يموتون من دون أن يفصح أهاليهم بماذا ماتوا .. لم يعد هناك شخص إلا وله قريب أو صديق مات بالسرطان، وبصمت مفزع نتقبل كل يوم ضحايا جدداً ومع هذا كله فالمدينة التي يُقتل أبناؤها كل يوم بالسرطان لا يوجد فيها مستشفى متكامل لاستقبال مرضى السرطان ليخفف من أوجاعهم المستمرة ، ومؤسسة مكافحة السرطان تُمول من المحسنين ، والحكومات المتوالية لم يهمها وجود أي مؤسسة تكافح هذا المرض في تعز أصلاً فكيف ستبني أو ستمول ، ونحن نبكي ونتباكى كل يوم على موتانا بل قتلانا بهذا المرض .
ما يحدث لأبناء تعز هو قتل عمد بهذا التهميش المتعمد والطويل منذ سنوات خلت.. أما آن الأوان أن تنطلق حملات ومبادرات للمطالبة بالبحث والتقصي عن أسباب انتشار مرض السرطان بشكل مخيف في محافظة تعز ، لتوضع الحلول ، ألسنا في تعز نفخر بأن مدينتا هي عاصمة اليمن الثقافية ؟ ألسنا نفخر بأن تعز مفجرة الثورات ؟ ألسنا نفخر بأن تعز دائماً رائدة التغيير ؟ إذن لماذا الصمت وأبناء تعز يقتلون كل يوم ؟.

عن الجمهورية 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي