في الحرم المكي، ويسأل عن القبلة!

كتب
الاثنين ، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٠١ صباحاً


بقلم: محمد عبدالله الموس

هناك شيء يذكرني بحال شقيقي وابن عمي رحمة الله عليهما، فهما من ضحايا صراعات الجنوب، كانا يصغراني كثيرا في السن، كان احدهما طالبا في الكلية العسكرية والآخر طالبا في كلية الشرطة، أيام كانت هناك كليات يعتد بها في الجنوب، وفي إجازتهما الأسبوعية كانا يحضران إلى منزل والدي رحمة الله عليه ويناما على سطح المنزل، يناما في العادة باكرا بحكم عادة طلاب الكليات العسكرية حيث السهر ممنوع.

حين التقيهم يوم الجمعة في بيت والدي كانا يرويان مغامراتهما في الليلة السابقة، تخيل معي عزيزي القارئ مقدار براءة ذلكم الجيل، فمغامرتهما عبارة عن فتح غطاء النوم (الطراحة) واختلاس نظرة على بنت الجيران من مسافة تتجاوز (500) متر تقريبا، وفي الليل، ثم إعادة الغطاء سريعا، أؤكد لك عزيزي القارئ أن المسافة بين بيتنا وبيت الجيران المقصود لن تتمكن أن ترى منها النائم على سطح المنزل الآخر ناهيك عن أن ترى اختلاسه لنظرة لا تتبين معها المقصود بالنظرة أهي بنت الجيران أو جدتها؟، حركات بريئة لا يخلو منها مجتمع تجعلنا نرددها كثيرا ونضحك في كل مرة وكأننا نسمعها للمرة الأولى.

ما يذكرني بذلك هي التعليقات التي تتبع موضوعات الكتاب على موقع عدن الغد العدني الأشهر، إذ لا تدري معها جدية المعلق أو هدفه أو مصداقيته وفيما إذا كان الهدف من التعليق تصحيح معلومة أو تطوير فكرة أو استحسان أو حتى نقد، لكنها تجري في بعضها بأساليب تخرج عن اللياقة وبعضها فيه قدر من المماحكة وتتم من خلال أسماء مستعارة، يخيل إلى احدنا أن البعض (يفش غلة) على (الكي بورد) وهو مختفي في الظلام، يجعل احدنا يأخذها باستخفاف.

في موضوعي على صدر عدن الغد (علمينا يا شبوة العز) أورد احدهم تعليقا ينصحني فيه بأن اطلب من قيادات (رأي) أن يقفوا مع الجنوب أو سيعلمهم.

يجب أن نقر بأننا ننطلق في تعاملنا مع الآخر من خلال أحكام وصور مسبقة تم شحنها في الذاكرة من زمن إلغاء الآخر الذي عصف بنا في الجنوب ردحا من الزمن، لذلك لا نقرأ بعضنا جيدا.

لو كنا نقرأ بعضنا بدون تعصب مسبق لعرف صاحب التعليق أن حزب (رأي) هو الحزب الوحيد الذي كان يرفع سقف طروحاته تماشيا مع نمو زخم الحراك الجنوبي وأوصل سقف طروحاته في مارس 2010م إلى الفيدرالية الثنائية، قبل ثورة شباب صنعاء بسنة كاملة واجه معها هجمة شرسة وصلت حد الانتقاد الخارج عن الذوق في مواجهة الأخ الأمين العام محسن محمد بن فريد لدى نزوله إلى محافظة ذمار لشرح الرؤية في إطار نزول قيادات الحزب للمحافظات.

هذا مع العلم انه لا يوجد حزب يمني تبنى وجهة نظر واضحة من القضية الجنوبية بشكل رسمي على الإطلاق، وكما نعلم فأن هناك فرق بين تبني الحزب، أي حزب، لرؤية رسمية للحزب وبين طروحات أعضاءه أو حتى قياداته مهما كان سقف هذه الآراء الفردية، هذا علاوة على أن حزب رأي قد تدارس خيارات نشاطه المستقبلي في حالتي الفيدرالية واستعادة الدولة، وأتحدى أن يكون حزب قد وصل إلى هذا المستوى من الجدية والمسؤولية بكامل قوام قيادته من الشمال والجنوب.

أما تاريخية موقف الحزب فلا يخفى على كل ذي بصيرة انه الأب الروحي لفكرة الجنوب العربي التي جرى تخوينه وتشويه تاريخه وتاريخ الجنوب بسببها، ولا أرى حاجة للتوسع أكثر من ذلك.

يا سادتي .. أن سؤال البعض عن موقف (رأي) من قضية الجنوب، قديما وحديثا، كسؤال ذلكم الأبله الذي كان يتجول في الحرم المكي يسال الحجاج عن وجهة القبلة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي