معركة صنعاء الكبرى

كتب
الاثنين ، ١٧ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٥٨ صباحاً

 

الجميع يشاهد ويراقب فصول الأحداث وممارسات بقايا عائلة صالح وهم يمارسون دكتاتوريتهم وهم خارج دار الرئاسة تجاه اليمن ومستقبله عبر الطقوس التي اعتادوا عليها فإستمرار مسلسل الاغتيالات للقيادات السياسية والعسكرية بهدف تعطيل مسيرة بناء دولة النظام والقانون في اليمن . 

كثير هم الذين تسممت عقولهم ويرددون ان سادس الخلفاء الراشدين حسب تعبير من يمجدوه انه تنازل لكن حقيقة الامر تؤكذ عكس ذلك وما تصرفات وحفلات صالح وعائلته الدموية الا دليلا على هوسهم وإدمانهم للسلطة وهذا امر اصبح بديهيا ولا يحتاج للتفكير كثيرا . فلم يعيش ويتواجد (علي صالح ) وزبانيته طوال اكثر من 3 عقود مضت الا في ظروف سياسية يملئها الخراب والدمار وما يحدث بين الحين والأخر من اغتيالات وتفجيرات لم تكن شيئا غريبا ابدا بل يتوقع حدوث اكبر من هذا ولست مبالغا في ذلك فالتسوية السياسية اليمنية والتي مكنتها الثورة الشعبية من الظهور عمليا تدخل حاليا معركة شرسة بين هوس السلطة وداء العظمة والطغيان كطرف ضد الامن والاستقرار وايجاد المعالجات لإنشاء يمن خالي من عاهات التسلط والظلم التي ملئت اليمن .

عنجهيات وظلم زعيم حوزة سنحان امر طبيعي ... فكثيرا ما نجد ونقلب في صفحات التاريخ وهو يظهر لنا بين الحين والاخر شخصيات حكمت ولها من غرابة السلوك والتفرد والاحساس بالعظمة والتفوق على بني البشر وكأنهم اله يعبدون من دون الله وهذا ما يجعلها تعيش حالة من الانفصام والسادية والوحشية التي تتفاقم بمرور الوقت حتى تصل احيانا مرحلة الجنون قد يعجز احيانا فيها الكتاب والمحللين عن تفسير مثل هذه الحالات الشواهد عبر الزمن . 

هؤلاء الذين اجرموا في حق الشعب اليمني وادعوا حبهم لليمن كذبا وزيفا لم يعتبروا من التاريخ بأن لكل مجرم بداية سوف يكون لها نهاية . فيمن اليوم تغير بعد ان كان داء الاستبداد منتشرا فيه والركوع لاوامره وبطشه واجب مقدس فاستحوذت بسطوته وبأبشع اساليبه على عقول كثير من الناس .

لقد رحل طغاة العصر ابتداء من موسوليني ،ستالين ،هتلر و فرانكو واخرينفما نعيشه اليوم في عالمنا العربي المعاصر الذي اختلف فيه نمط الحصول على الحقيقة فزاد وعي الشعوب و تغير الرأي العام وقناعاته نحول البعد عن التقديس والتلبيس بالباطل. ومهما طال امد الصعاب فلن يقهر الشعب اليمني وإن توجع وتألم فقد انتهى عصر اليمن التي كان يرسمها ويصورها الحاشية والمريدين والمستشارين والزبانية الذين يحيطون بصالح حامي الديار .... اولئك الذين أوهموه بالعظمة حتى جعلوه صنم من اصنام اليمن يعبث بالشعب اليمني فاذاقه مر الهوان والذل. فبعد ان كان يهتف بحياة من عبث باليمن بالروح بالدم نفديك يا (...) تحول الشعب اليمني الى المطالبة بالمحاكمة والتعطش الى رؤيته خلف قضبان العدالة .

صفحات التاريخ تعيد قراءة نفسها فالممارسات التي تمت بعد قيام الوحدة اليمنية في 1990م بمسلسلات الاغتيالات لابناء جنوب القلب اليمني وايضا تصفية العديد الشخصيات التي كانت تقاتل حوزة سنحان في ما يسمى حرب المناطق الوسطى عبر وسطاء قبليين ومشائخ و ايضا استخدام تقنية العقاقير السامة التي نجحت في طي ملفات الكثير من وقفوا في وجه نظام حوزة سنحان .

طبعا هذا النهج والممارسة ليست مستغربة لإن الهدف هو إيقاف حركة القطار الوطنية نحو الوصول الى محطة دولة النظام والقانون .ولذلك استخدم كثير من الاوراق لتنفيذ مخططات الخراب والهدم وخدع الكثيرين ونرى اليوم سيناريو الامس يتكرر تحت غطاء القاعدة وورقتها المكشوفة ببصمات بقايا النظام امر في دستور بقايا النظام هو امر واجب وجائز . 

ورقة القاعدة المكشوفة التي تستخدم المناسبات الوطنية في القتل والتفجير ابتداء من مايو وسبتمر ولا نعلم ما سيحدث مستقبلا تحمل ملامح قادم اكثر خطورة فبقايا النظام لديها اكثر من ورقة تستطيع ان تلعب بها (القاعدة – التمرد الحوثي – الانفصال) . 

فهوس السلطة ومعركة الانتقام لن تردع علي صالح من زرع قنبلة الفترة الانتقالية وما يتخللها من "صفقات"سياسية بين بقايا النظام ومخرجاته (القاعدة – الحوثيين- الحراك) وهذا ما يضع المشهد السياسي اليمني بين قوتين هي الأبرز حضوراً على الساحة السياسة اليمنية واقصد هنا ضد الطرف الاخر حزب الاصلاح وحلفائه طبعا من تشكيل اللقاء المشترك ... خصوصا ان الفرق اصبح كبير ويتسع يوما بعد يوم بين مخرجات نظام صالح و حزب الاصلاح الطرف الاقوى في اللقاء المشترك وما يظهر في الساحة من مناوشات واحتقان ينذرنا بقرب حصول كارثة خصوصا ان الذراع العسكري لبقايا صالح اصبح لديها رافد عسكري من امكانيات الحرس الجمهوري المادية التابعة لنجل الرئيس علي صالح . 

الامر ليس فيه مبالغة ولو رجعنا لتوسع الحوثيين في محافظات خارجة عن نطاق سيطرتهم في تعز واجزاء من اب والبيضاء وصولا الى التغلغل في العاصمة صنعاء يكشف لنا ان هناك تنسيق وترتيب على مستوى عالي لا يمكن ان يكون دون مساعدة تكوين الحرس العائلي ... الترتيبات وخلق خلايا مضادة لإنشاء دولة مدنية وقوية في اليمن اصبح يمر عبر المجتمع اليمني فلو امعنا النظر قليلا عن كيفية تجنيد الحوثيين لكثير من القبائل الهاشمية او ما يعرف بالسادة ودعمهم واحياء النعرة السلالية اضحى احد الاسباب لظهور تشكيلات جديدة في كثير من اجزاء اليمن ونشر الفكر الامامي ولذا لا ينبغي ان نستغرب من عملية التوسع وخاصة ان عملية الاغراء المادي والدعم اللامحدود تقف وراء ذلك .

ليس القصد هنا هو الوقوف ضد تجاه من يطلقون على انفسهم انصار الله فالدستور يكفل لكل شخص ممارسة معتقده مادام تحت الاطار الوطني وداخل البيت اليمني لكن التنافس لمواصلة الطريق نحو اعادة حكم عنصري مذهبي في اليمن واعادة تقبيل الأرجل و الركب قد ثبت فشله وعدم جدواه خصوصا ان غياب المشروع السياسي الواضح عن جـبـيـن جماعة الحوثي واصرارها على عدم التخلي عن حمل السلاح يطرح سؤال عن ماذا ترغب الجماعة في تنفيذه؟

"جموح الإخوان في الاستئثار بالسلطة "

بالرغم من الجموح السياسي لحزب الاصلاح في الوصول للسلطة وهذا ما جعله يرتكب اخطاء في الماضي بتحالفه مع نظام صالح في كثير من مراحل حكم صالح سواء قبل ظهور الاخوان كحزب سياسي او بعد تشكيل حزب الاصلاح لا يمنعنا ان نقول ان هناك توافقاً ومصالح مشتركة بين الإخوان المسلمين والتيارات القبلية والحزبية السياسية التي كان يعاديها في السابق مثل عدو الامس وحليف اليوم الحزب الاشتراكي . وهذا ما يحسب لحزب الاصلاح سياسيا بالرغم من التشويش على خطوات حزب الاصلاح باعتباره القوة السياسية المهيمنة على الساحة التي يمكن الاعتماد عليها نظرا لما تملكه من مقومات وقوة مادية وتحالفات عسكرية وقبلية اما سائر القوى الاخرى ، تظل في خانة تبعدهم عن المواجهه الرئيسية ضد بقايا نظام صالح وحلفائه .

"اليمن ضحية الصراعات السياسية "

الإخوان وحزبه الاصلاح يتصرفون بجموح من اجل السلطة لكن جماعة الحوثي جموحها واطماعها اكبر واخطر ولهذا نرى ان الإتجاه الذي اتخده الحوثيون نحو الهيمنة المطلقة دونما مشاركة وتطبيقهم لمبدئهم الذي يقول كلما كسبوا شبرا جديدة من الأرض يميلوا الى حكم المغالبة وليس المشاركة . وربما قد يعتبروا هذا المبداء في سجل الإنجازات للحصول على فرصة تاريخية لإقامة دولتهم .

وبذلك من حيث القوة يكاد يكون الطرفان الاصلاح والحوثي متساويين من حيث الدعم لا الشعبية لكن تظل الحسابات العسكرية على الارض و التصعيد بينهما امر واقعا ويجبرهما على حلين لا ثالث لهما اما حرب اهليه يغلبها طابع ديني او التوصل في النهاية إلى اتفاق تقاسم قد يكون الوصول الى هذا التقاسم بعد الدخول في صراع مسلح على اكثر من جبهة و ان كانت صنعاء هي الجبهة الرئيسية .

واختم...... بأن كثيرا من القيادات اليمنية تعاني من مرض الشيخوخة الوطنية خصوصا ان التاريخ اليمني حمل لنا حرب 68 م في صنعاء وحرب 13 يناير في عدن . وما قد جرى قد يحدث الآن بحذافيره وبالتالي فالسيناريوهات لزمن اليوم مفتوحة على كل الاحتمالات، والخوف هو أن تتحول البلد بأكملها إلى ضحية لتلك الصراعات والصفقات السياسية التي قد تحدث خصوصا ان الحروب الداخلية حملت بصمة الخارج وانتهت بصفقات مازال الشعب اليمني يحمل وزرها الى الان.

فصار من الواضح أن قوى الأمس ، الساقطة بفعل الثورة تعمل جاهدة من اجل خلط الأوراق خاصة بعد نشر شروط الحوار وموافقة الرئيس عليها وتكليف تنفيذ بنودها خصوصا ان سرقة الأسلحة من مخازنها وتصديرها إلى جهات معلومة وغير معلومة وبكميات كبيرة يقف ورائها المال والنفوذ المتسلط بيد بقايا عائلة المخلوع يفتح لنا احتمال كارثة قريبة الحدوث .فالتحالفات الجهوية والقبلية واخواتها من الأدوات الدينية والطائفية اصبح للاسف موروث لليمنيين وثقافة راسخة فاصبحت اليمن مع الاسف لمن غلب والاجماع الوطني من اجل اليمن غير قابل للتطبيق مع الاسف.

فالتصارع لم يعد على برامج ومشاريع تحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية للمواطن اليمني الذي مل الصبر ، بل صراع سلطة ونفوذ وامتيازات شرعية ودينية وقبلية وأخرى كثيرة اوصلتنا اليوم الى حمى الصراعات على المناصب والمكاسب واتساع دائرة الفساد وتغليبها للمصالح الحزبية والمذهبية والمناطقية الضيقة فاصبحت حافزا لليأس وزوال الآمال . فإلى متى يستمر الحال ؟

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي