جرحى الثورة .. شهداء لا يموتون

كتب
الأحد ، ٠٩ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:١٨ صباحاً

بقلم: - منال الأديمي

بعد أن انطلق أهل الوفاق بقسمتهم فرحين , وكانت المبادرة أمراً واقعاً علينا ,مضى الكل إلى شأنه إلا الجرحى بقوا في ذات المكان و الزمان عالقين في لحظات إصاباتهم الغادرة بقي معظمهم يقتسمون الألم ويلوكون الآمال بأن الوفاق ورفاق النضال لن ينسوهم ..
على جنبات المستشفى الميداني ومشافي الموت الحكومية ظلت تقرحات أجسادهم الرفيقة الوحيدة والمخلصة لهم في مشوار المعاناة واللامبالاة ،فلا تؤنس وحشة شعورهم بالخيبة والمرارة إلا صرخات آلامهم المتواصلة التي لا تتوقف إلا للحظات سماع وعود (عرقوب) بالتعويض والعلاج على نفقة الوطن الذي خرجوا من اجله يحملون أرواحهم على اكفهم رخيصة ليهبوها وبرضا تام،فكل شيء يرخص دونك يا يمن!! ..في ساعات النوم القليلة والآتية بالمسكنات يراودهم حلم اليمن الجديد يستيقظون على أصوات آلامهم التي لا تتوقف إلا لتبدأ بمضاعفات أشد وأنكأ..
لم يكن في حسبانهم أن يكون الخذلان واللامبالاة جزاء تضحياتهم الغالية فقد نساهم أهل الوفاق كما نسيهم رفاق الثورة إلا من بعض المواساة إذا ما سنحت لهم الفرصة وكان لديهم متسع من وقت في ضجيج الحياة المستمر وأتون العقاب الجماعي المتواصل ...
خذلناكم . .. نعم خذلناكم حين خلقنا الزيف والتضليل بلعنة اسمها الإعلام ، فكم من الأبواق صورت لنا بأن الأمور تمضي معكم على مايرام وأن ترتيبات علاجكم والعمل على نقل الحالات الخطرة منكم إلى الخارج تجري على قدم وساق دون مزايدة أوحسابات ضيقة بعيدة عن الإنسانية والضمير.
في الشهر الكريم كنا نبكي الشهداء على قناة «سهيل» وكان الأحرى أن نبكي أطفالهم الذين تركوهم أمانة في أعناق الثورة والوطن فخذلهم الرفاق والوفاق وأصبحوا اليوم يتجرعون مرارة فقدكم ومرارة الحاجة والعجز عن عيش نفس الحياة الكريمة التي كانوا ينعمون بها بوجودكم...
لم تتطرق تلك البرامج إلى المعاناة الحقيقية التي يعيشها أبناؤكم وعائلاتكم اليوم بعد غيابكم، فكل شيء على مايرام ، هذا ما نراه على إعلامنا الثوري..أتذكر حلقة الشهيد (أنيس القدسي) أسد الساحة والثوار كانت حلقة محزنة وفيها الكثير عن لحظات استشهادك وانتقالك إلى بارئك الرحيم العدل لكنها أغفلت حال زوجتك وأولادك الذين انتهى بهم الأمر في العودة إلى القرية مسقط رأس أبيهم البطل الشهيد بعد أن عجزتم عن مواصلة العيش في العاصمة حيت كانت لحظات أبيكم الأخيرة مؤكد بأن عائلة الشهيد (القدسي) لم تكن الوحيدة ولا الأخيرة في دراما معاناة أبناء الشهداء وعائلاتهم لا يختلف كثيراً حال الجرحى عنكم فمعظمهم قد باع كل ما يملك في مشوار العلاج وفقد ما تبقى في جسده من بقايا عافية وجهد على أرصفة الإهمال واللامبالاة ولا مجيب لاستغاثاتهم سوى صوت دوران دواليب كراسيهم المتحركة... في ممرات التسيب وانعدام الرحمة يطوون المسافة سريعاً مُنية اللقاء بكم فهناك فقط الشفاء والرحمة دون أي حسابات أخرى للبشر... كان آخر من سمعنا به وعن رحلة معاناته الجريح الشهيد عبدالإله الحميدي الذي أصيب بطلق ناري في جولة كنتاكي
رحلت و بتقرير طبي يؤكد أن سبب الوفاة الإصابة فقط بطلق ناري في الساق لم يذكر تقرير الوفاة جُرم من أهملوك إلى أن انتقلت إلى البارئ ... هناك حيث الراحة الأبدية انتهت رحلتك الشاقة عبد الإله وبدأت لعنة الشعور بالذنب والتقصير تلاحق كل أهل الوفاق ورفاق النضال الصامتين عنكم. لم يكن الحميدي أول من قضى ولن يكون الأخير في ظل اللامبالاة الحكومية وانعدام الضغط الثوري للمطالبة بسرعة إنهاء معاناتهم ورعايتهم على أكمل وجه ، فرفاقكم اليوم لا تصعيد ثوري لهم إلا بوحي من المنصة حتى رفيقة النضال غدت اليوم بحقيبة وزارية شأنها شأن أهل الوفاق وزراء بلا وزارات !! فيا حكومة الوفاق هانحن نعاتب الشرفاء منكم .. ونتوعد الفاسدين منكم ... بأننا لن ننسى القتلة ما دام الشهداء يعيشون بيننا .. قد تمزق الريح صورهم الملصقة على الجُدران .. وقد تبلى اللوحات التي تحمل صورهم و قد يخفي التراب أجسادهم ...لكن جرحانا سيبقون الشهداء الذين يمشون بيننا .. أجسادهم منابر إعلامية وبيان للناس بأن القاتل بلا ضمير وبأن العدالة لم تتحقق بعد و بأن الثورة لم تنته .. فجراحهم أدلة الجريمة .. وآلامهم شهادات في قاعات الحياة تدين الجناة..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي