تغيب اليمن عن قمة طهران.. لمصلحة من

كتب
الاربعاء ، ٢٩ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٦ مساءً

الكاتب - عبدالله علي صبري

 

على عكس كثير من الدول التي تحكمها سياسات مدروسة، تتصرف صنعاء بشكل يوحي كأن اليمن غدت منحازة كلياً لطرف دولي مهيمن حتى وهي مدعوة لحضور قمة دول عدم الانحياز.

 

فبينما وجدت مصر الثورة في قمة طهران فرصة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية بعد 30 عاماً على انقطاعها، وفي الوقت الذي قررت الرياض حضور القمة بمستوى رفيع من التمثيل برغم الحرب الباردة بين السعودية وإيران، كشف مصدر صحفي أن الرئيس هادي سيتغيب عن حضور قمة دول عدم الانحياز في طهران المزمعة خلال أيام، وذلك احتجاجاً على "الدور الإيراني السلبي في اليمن"، بحسب المصدر، وعليه تقرر خفض مستوى تمثيل اليمن في القمة إلى أدنى من وزير الخارجية.

 

وتلقي قضية خلية التجسس الإيرانية بظلالها على علاقات البلدين التي تمر بحالة فتور منذ عدة سنوات، في مقابل تزايد النفوذ الأمريكي الذي وصل حد انتهاك السيادة الوطنية تحت ذريعة محاربة الإرهاب.

 

وبرغم التغيير في النظام الحاكم باليمن في ظل الثورة الشعبية، إلا أن سياسة صنعاء الخارجية لا تزال محكومة بمزاجية صالح وبقية نظامه، خاصة وأن التسوية السياسية التي رعتها واشنطن بمعية الدول الخليجية، اقترنت بوعود مغرية ذات صلة بدعم الاقتصاد والتنمية في اليمن، إلا أن الوفاء بهذه الوعود لا يزال معلقاً.

 

بحثاً عن هذا الدعم تستعد الرياض لاستضافة مؤتمر المانحين لليمن في الـ4 من شهر سبتمبر القادم، ولأن الجانب اليمني ليس واثقاً من نتائج المؤتمر، تتحدث وسائل الإعلام الرسمية عن اجتماع لمجموعة أصدقاء اليمن نهاية الشهر المقبل.

 

وإذ تمثل اليمن بوفد كبير إلى الرياض برئاسة رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة، وبوفد مماثل إلى نيويورك برئاسة الرئيس هادي، فإن الفشل هنا سيرتد سلباً على سياسات اليمن الخارجية بعد أن رهنت كل أوراقها بيد المحور السعودي/ الأمريكي، وأدارت ظهرها لمحور طهران الإقليمي، مع أنه كان بإمكان صنعاء تحسين علاقاتها بالجمهورية الإسلامية كوسيلة مشروعة للضغط على رعاة المبادرة الخليجية للوفاء بالتزاماتهم، بل وكوسيلة للتخفيف من آثار التدخل الأمريكي المباشر في اليمن.

 

قد لا تكون لصنعاء مكاسب عاجلة في حضور قمة دول عدم الانحياز بطهران، وقد تكون العلاقة بطهران أقل مردوداً من العلاقة بدول الطوق الخليجي ذات الموازنات النفطية الضخمة، بيد أن علاقات الدول لا تقوم على استجداء وتسول الدعم المادي، بقدر ما تقوم على تبادل المصالح، واليمن بموقعها الإستراتيجي تستطيع أن تساوم وتفاوض مختلف القوى الدولية والإقليمية من موقع قوة لو أرادت ذلك.

 

إن حال اليمن اليوم كما هو حال مصر بالأمس، فبرغم أن أكبر السفارات في طهران هي لدول الخليج بما فيها السعودية، إلا أن سفارة مصر بطهران لا تزال مغلقة على أمل أن يوجه الرئيس مرسي بفتحها مجددا أثناء حضوره قمة طهران، ولن يكون ذلك مفاجئاً، إذ لمصر أيضا سفارة في تل أبيب.

 

اليمن لم تغلق سفارتها في طهران، لكنها سحبت سفيرها منذ فترة ليست قصيرة، وقد تأثرت العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، لأن سفارتنا في طهران ترفض منح تأشيرة دخول للإيرانيين (والعهدة في هذا الكلام على السفير الإيراني بصنعاء). ورغما من ذلك لم تغلق إيران سفارتها من صنعاء أو تسحب سفيرها.

 

لنقارن وضع اليمن بوضع الإمارات العربية المتحدة التي تشتكي على الدوام من الاحتلال الإيراني لـ3 من الجزر الإماراتية، غير أن ذلك لم يمنع من استمرار العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين، بل إن الإيرانيين يشكلون نسبة كبيرة من المقيمين والعاملين في الإمارات، بعكس حالة اليمني المنبوذ في دول الجوار العربي!

 

ولنقارن الوضع مع السعودية التي أغلقت سفارتها بصنعاء لعدة أشهر بسبب حادثة اختطاف نائب القنصل في عدن، وحرمت آلاف اليمنيين من أداء مناسك العمرة لهذا العام. يحدث ذلك فيما إعلام صنعاء لا يكف عن الإشادة بالرياض وخادم الحرمين.

 

قديماً قالوا: من هان سهل الهوان عليه، واليوم فإن اليمن الجديد لم يفقه بعد متطلبات التعامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية في ظل الربيع العربي، وما يزال حكام صنعاء فراشين في أبواب ملوك وأمراء النفط، كما تحسر ذات قصيدة شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني. ولا عزاء للثورة وتضحيات الشباب.

المصدر - الأولى

الحجر الصحفي في زمن الحوثي