الى بشرى المقطري

كتب
الاثنين ، ١٣ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٢٠ صباحاً
  بقلم : مها بنت سالم الجويني بمناسبة رسوب مجتمعنا أمام امتحان الثورات وعدم إجابته عن أسئلة المواطنة أكتب إليك سيدتي المتهمة بالردة والكفر على المجتمع الرفيقة بشرى المقطري . أكتب إليك من تونس ونحن نحتفل بذكرى مرور ستة وخمسون سنة على إعلان قانون منع تعدد الزوجات بتونس وصدور مجلة أحوال الشخصية التي منحت أمهاتنا: حق العمل والطلاق والتظاهر وكل مقومات المواطنة. و بعد مرور سنة من ثورتنا، لا تظني أن الامر في بلد الياسمين سيختلف عن ماهو موجود عندكم، فهنا التكفير والتضليل والكذب والتشهير بالمختلف، والسجن والقهر وعصا الجلاد، بات خبزنا اليومي. هنا العودة إلى الوراء من خلال الحنين للتعدد والعرفي والنواسة و المسيار وما حلل الرحمان في نكاح حطب جنهم. هنا يتذكرون الأندلس و طاجاكستنان وسيف الخليفة البتار، و يبكون ماضي الفتوحات الاسلامية وينقاشون حول أحقية الخلافة بين علي وأبي بكر و يتذاكرون ما حصل في سقيفة بني ساعدة، ويختلفون في ماهية الباس الشرعي للمرأة (النقاب فرض أم مستحب)، في مهد الثورات نشهد صحوة القرون الوسطى وما قبلها. أما بعد سنة أولى ثورة، لا تكفي النوايا الطيبة لتصنع ثورة بيضاء كما كنت تعتقدين، و لا تكفي الشعارات المبدئية والتحركات الاجتماعية لهزيمة قوى الفساد المتغلغلة في أجهزة الدولة، مادامت عقول الأغلبية لم تتحرر بعد ولم تتجاوز منطق "إمشي جنب الحيط" و"خليك بحالك" و"ربنا على المفتري". أظن أن خير أمة أخرجت للناس خلقها الله لتستكين ولتتحلى بأخلاق العبيد والتابع فقط، أمة تعيش بطولات دونكيشوتية وعنجهية فضفاضة، أمة مسلمة لا تستسلم أمام العقل بل تحارب عقولها المفكرة وتقتل الربيع فيها، أمة ترفض كلمة "مشاركة" كصفة للمرأة، أمة تباع فيها الكنائس والأديرة و يحاصر فيها الإبداع -تم عرض دير بولاية قابس بتونس للبيع- و لا يمنع فيها شراء الغلمان و النساء و قتل البنات؟ ماذا تنتظرين من رسالتك؟ حسب النظام السائد وما تحميلنه من أفكار فأنت سيدتي مواطنة طالحة، ولست بمستوى المرأة المسلمة العربية التي تأمن فتاوى العلماء ومراكز التجميل حيث لون الأظافر يناسب لون الحقيبة التي تناسب بدورها شكل الحجاب الذي أفتى بلباسه الشيخ الجليل. ما بك يا بشرى؟ فبلقيس ماتت وماتت بعدها جميع الملكات الحرائر الواتي يسألن ويعتمدن العقل في التحليل والتفكير. سألت نفسي هل ستصل رسالتها لشعب أغلبه لايقرأ و لا يفتح الكتب، شعب برتبة رعية يأتمر بأمر خليفته، و المرأة فيه كائن نصف بشري لا تزال أسيرة الفراش والبخور وتسدل حجابها أمام الذكور إلتزاماً بأعراف القبيلة. وتسألت أيضاً هل سيفهم العرب أن بشرى مواطنة وليست بجارية و إقامة الحق عليها جريمة في حقها وفي حق الإنسانية؟ وقلت لنفسي كيف سأوزع رسالتها في تونس ونحن نشكو إنقطاع المياه في سيدي بوزيد وقفصة وقصرين، وفي تونس بتنا بعد الثورة محرومين من حق التظاهر ويتعرض شباب الثورة للهرلسة والإيقاف بموجب قانون الأخلاق الحميدة، ناهيك سيدتي عن غياب محاسبة قتلة شهداء ثورتنا والتضييق على كل نفس ثوري في تونس. كيف أساندك ملكتي وأنا مكسورة الجناح ومحبطة من حصيلة سنة كاملة من الثورة؟ و لكن وحدة الألم والوجع وحلم الحرية جعلني أتوجه إلى مقر منظمة العفو الدولية لأسألهم المناصرة، لكنني تفاجئت بأن الامانة العامة للمنظمة لم تقم إلى الآن ببحث حول إنتهاكات حقوق الإنسان باليمن. ورغم ذلك العديد من شباب المنظمة أبدوا التضامن معك ورأيت فيهم إلماماً بقضيتك. فحرية التعبير لها فرسانها وجنودها في كل أصقاع الأرض. يقول أبي القاسم الشابي :"لا عاش من لم يعش سيداً" و أنت من أسياد هذه الأرض الطيبة فلاتخنعي لقيدهم وواصلي وكوني شرارة النار التي ستحرق ظلم أنظمة الفساد. و أعلمي أن لك في قرطاج رفاق وإخوة يعتزون بك وينتصرون لقضيتك دون شروط. دمتي صوتا حرة.. سلامي لحفيدة بلقيس بقلم الكاتبه التونسيه : مها بنت سالم الجويني  
الحجر الصحفي في زمن الحوثي