ما أشبه اليوم بالأمس

علي هيثم الميسري
السبت ، ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ١١:٤٦ مساءً

  ثقافة الإقصاء لجنوبيين من قـِبـَل جنوبيين آخرين لا تزال مستمرة وقائمة على مر المراحل والمنعطفات ، والأبناء يكررون أخطاء آبائهم وكان حـَريٌّ بهؤلاء الأبناء أن يستفيدوا من أخطاء أولئك الآباء ، ويبدو أن سلوك العنصرية والمناطقية والأنانية ثقافة تتوارثها الأجيال في تلك الجغرافيا من جنوب اليمن ، والتي جعلت الجنوب لقمة سائغة لكل الطامعين لضعفه في حال إنقسامه بسبب الصراعات لأطراف معينة على السلطة بالرغم من توفر مقومات القوة فيما إذا إلتحمت قوة الأطراف المتصارعة ، ومع كل نهاية صراع بين تلك الأطراف يكون الضحية والخاسر الأكبر هو شعب الجنوب .

     جميعنا يعلم أن من شروط التوقيع على الوحدة اليمنية هو إقصاء جماعة الرئيس الأسبق علي ناصر محمد بل وإبعادهم من اليمن وإلا لن يتم التوقيع على إتفاقية الوحدة ، فما كان من الرئيس علي ناصر محمد إلا القبول على مضض طالما وأن الأمر مرتبط باللـُحمة اليمنية فكان موقفه نبيل جداً يـُحتـرَم به ، وقبل الوحدة أي ما بين التوقيع عليها وإنتهاء أحداث يناير كانت التهمة جاهزة للرئيس علي ناصر بأنه عميل لأمريكا من خلال هتافات الآباء الرفاق : علي ناصر يا جبان يا عميل الأمريكان وكانت النتيجة هي تسليم الجنوب على طبق من ذهب لعلي عفاش ومن ثم إبتلاعه ، وليس ذلك فحسب بل كانت النتائج وخيمة على أولئك الآباء الرفاق أن وجدوا أنفسهم مشردين خارج اليمن بعد حرب 94 ، فما الذي إستفاد الرفاق حينها من إقصاء إخوتهم الجنوبيين حتى وإن إختلفوا في ما مضى ؟ .

     وها نحن نعيش نفس المرحلة السابقة وإن إختلفت الأحداث والمواقف والمشاريع ، وها نحن نرى الأبناء يحذون حذو الآباء بثقافة الإقصاء فخرجوا بإملاءات من دويلة الأوباش ضد رجل الدولة وثعلب السياسة والرمز الوطني المخلص الأمين سعادة الدكتور أحمد عبيد بن دغر حينما كان رئيس الوزراء مطالبين بإسقاطه وحكومته بحجة فسادهم ، ولم يهدأ لهم بال إلا بعد أن رأوه خارج أروقة مجلس رئاسة الوزراء ليس لأن حكومته فاسدة بل لأنه جنوبي ، فما الذي إستفاد هؤلاء الإقصائيين وما الذي جناه الوطن بإقصاء سعادته وما الذي تغير ؟ سقطرى أصبحت تحت قبضة دويلة الأوباش والإقتصاد إنهار وإنهارت معه العملة ولا زالت تهوي والعاصمة عدن يحكمها مليشيات تتار القرية والكثير الكثير من الكوارث ؟ فهل الوضع في زمن رئيس الوزراء الخلف أفضل مما كان عليه الوضع في زمن رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عبيد بن دغر ؟ وبما أن رئيس الوزراء الحالي ليس جنوبي فالأمر لا يتطلب الخروج لإسقاطه وحكومته على الرغم من الأزمة الخانقة التي نعيشها .

     ذئب عله أقوى رجل في الحكومة اليمنية وصوتها العالي معالي وزير الداخلية أحمد بن أحمد الميسري جنوبي من أبين هو أيضاً لم يسلم من ثقافتهم الإقصائية ، حاله معهم كما حال سعادة الدكتور أحمد عبيد بن دغر فهو غير مرغوب فيه في التسوية السياسية التي جاءت بها إتفاقية الرياض ، يحاربون بكل إمكانياتهم ويسعون جاهدون لإبعاده من الحكومة القادمة فقط لأنه جنوبي من أبين ولأنه الوحيد الذي كسر شوكتهم وكشف عوراتهم ووضعهم بأحجامهم الطبيعية ، فبعد هذا الشرح المختصر لسلوك هؤلاء الدمى المشابه لسلوك آبائهم نستطيع القول بأن الزمن القادم لن يكون حالهم يختلف عن حال آبائهم وسنراهم مشردين في أصقاع الأرض بل وسيكون حالهم أشد وأنكى من حال آبائهم ، فالسابقون الأولون أخطأوا في حساباتهم أما الحاليين خانوا الوطن وتسابقوا على بيعه وحينها سنقول ما أشبه اليوم بالأمس فتباً لهم من مخلوقات بغيضة .

علي هيثم الميسري

الحجر الصحفي في زمن الحوثي