صُنّاع الحياة وصُنّاع الموت

تيسير السامعي
الاثنين ، ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:١٨ مساءً

 

العالم يُسابق الزمن، من أجل إيجاد لقاح لفيروس "كوفيد 19" (كورونا) المستجد، هناك تنافس بين الدول، فكل دولة تسعى إلى أن يكون لها قَصْب السبق.

في أمريكا، الصراع محتدم بين الرئيس المنتهية ولايته وبين الرئيس المنتخب، وكل واحد منهما يريد أن ينال شرف اكتشاف اللقاح.

فقط في منطقتنا العربية، لا يوجد أي اهتمام بهذا الموضوع، ولم تقم أي دولة أو مُنظمة أو حتى جماعة بمجرد التفكير به، بسبب "أننا لا نفكِّر بالحياة".  كل تفكيرنا هو: كيف نقتل بعضنا البعض، وكيف نتفنن في صناعة الموت!!!

دول العالم أوقفت كل شيء، حفاظاً على حياة الناس، وسخّرَت كل إمكانياتها من أجل إيجاد حل، لإنقاذ أروح الناس. ونحن -للأسف الشديد-، رغم استفحال الوباء والانتشار السريع للفيروس، الذي قضى على أرواح الآلاف من الناس، مستمرون بالحرب، ونرفض حتى مجرّد التفكير في إيقافها، بل هناك من يسعى إلى استغلال هذا الوباء لصالحه، في تحقيق تقدّم لحسم المعركة. أي بشاعة نعيشها نحن!!لقد فقدنا الإنسانية، ونُزعت من قلوبنا الرحمة، وصرنا أشقياء، لأن "الرّحمة لا تُنزع إلا من شقي".

معقول العالم كله يبحث عن الحياة، وكيف ينقذ الناس من الوباء، ونحن نتفاخر بقتل بعضنا البعض؟!!  هل هذا هو دين نبي الرحمة محمد (عليه الصلاة والسلام)؟!! المصيبة الكبرى هي أننا نُسمّي القتل وسفك الدّماء "جهادا في سبيل الله"!!

 إنّه زمنُ التعاسة وانتكاس المعايير وضياع العقل والحكمة، واللهث وراء الشعارات البرّاقة، التي "ظاهرها الرحمة، وباطنها الكذب، والدجل، والخداع، والاستخفاف بالعقول".

ماذا سنقول لأولادنا في المستقبل؟ عن ماذا سنحدِّثهم؟ ما هي المُنجزات التي صنعها آباؤهم، حتى يفتخرون بها؟ سنقول لهم "في الوقت الذي كان العالمُ فيه مشغولاً بصُنع الحياة وإنقاذ أرواح البشر، كُنا نعيش معارك شرشةً، يقتل بعضنا بعضاً، وندمّر بلادنا".

ولننظر إلى واقعنا، الذي نعيشه، فأطفالنا ونساؤنا يعيشون الآن على الفُتات، الذي يتصدق به اللئام، لعله يعطينا دافعاً لنفكِّر كيف ننقذ أنفسنا وبلادنا.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي