شكل الفضيلة الدنيء!

كتب
الاربعاء ، ٠١ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٠٢ صباحاً

بقلم: أحمد شوقي أحمد أحياناً يكون التمسك بشكل الفضيلة كارثة..! فالفضيلة روح قبل أن تكون شكلاً، والتمسك بالشكل يعني الحصول على رضا الذات من خلال نظرات التقدير التي يمنُّ بها الآخرون المخدوعون بنا، بينما التمسك بروح الفضيلة يعني الحصول على رضا الذات من تقديرنا لذواتنا أولاً، ولأن ما نفعله يعبرُ عن جوهرنا وحقيقتنا، وساعتها يحق لنا الشعور بالرضا الحقيقي سواءً أسأنا أم أحسنا لأننا ساعتها سنكون صادقين مع الآخر وغير مزيفين.. والإنسان كتلة من الغرائز والرغبات المُختلفة، وبالتالي؛ فالتلبس بالفضيلة وتمثيلها، يقع ضداً مع طبيعة الحياة، فالفضيلة يجب أن تنبُع من كمية الخير داخل الإنسان قليلةً كانت أم كثيرة (كل واحد واستطاعته)، ولا ينبغي أن تكون حمولة فائضة على رغبانية المرء وحركته في الحياة، حتى لا تتحول إلى رذيلة مقنَّعة (نفاق) أو إلى رذيلة أصلية (اصطفاء الذات والتألي على الله أو التحدث باسمه)، ولهذا اهتمت الأديان كثيراً بتأنيب النفس ونكرانها حتى لا يغترّ الناس وتأخذهم العِزة بأنفسهم فيتسلطوا على الآخرين تحتَ دواعٍ مُختلفة بما في ذلك الفضيلة والاصطفاء.. ولهذا أيضاً كان من أهمِّ صفات الأنبياء التواضُع، فلو كانوا متكبرين لكان مُبرراً كل ما فعله أتباعهم المتغطرسين في حق البشرية من بشاعات! لهذا؛ كانت أخطَر الجماعات السياسية على البشرية هي الجماعات الدينية، لأنها في شكل استبدادها وقهرها للآخر لا تُظهر المصلحة أو السيطرة أو المُلك (وإن كان هذا الأصل في الباطن) بل تظهِر الفضيلة باعتبارها الخير الذي يحبه الناس ولا يصلون إليه، وإذن فإن سلطتها أقوى من كلّ السلطات الأخرى، لأنها تأتي من سُلطة الأُمنِيَة والهدف في خيال الناس، ولهذا فشكل الابتزاز هُنا من ابشع الأشكال! واستبدادُ الفضيلة في جوهره لا يرضى بأقل من الاغتيال، لأنه لا يقوم على فكرة التعايش، فالفضيلة نـَقائية وانتقائية بنفس الوقت، ولا تقبل شراكة الدَّنّس – ولو كان قليلاً – ولهذا فالغرور الذي يصيبُ صاحِب الفضيلة بأنه الأصفى والأنقى يجعلُه يسترذل عدوَّهُ أولاً، ثُم يعمل على اغتياله أو استئصاله ثانياً، باعتباره النقيض لما هو عليه من الطهارة والاكتمال.. وهنا تكمن خطورة التمسك بشكل الفضيلة، أو ادعاءها، أو التألي بها على الله واستخدامها للوصاية على وعي الناس ووجدانهم، ناهيك عن أن ينحى هذا الخطر منحى سياسياً، حيثُ الغرائزية في أبشع صورِها، فلطالما استخدمت السياسة مُختلف القيَم والأشكال والأفكار والطُرق في التعبير عن وحشية مصالح ممتهنيها، وحينما تكون الفضيلة أداة بيدِ السياسة التي تعبر عن فلسفة القوة، فإن الفضيلة ستُصبح مرزبة، أو لنقل عصاً غليظة بيد الشرّ الذي تصنعُهُ القوَّة باسم السياسة! على هذا الفهم ينبغي مُداواة الاستغراب الشديد من تصرُّف الجماعات الإسلامية والدينية عموماً، التي تستبدّ عليك وتقهرك وتسلبك وتستخدمك، ثُم تُطالبك بالامتنانِ لها على سلبها لك واستبدادها بك! إذ أنَّها تُمارس عليك كلّ ذلك باسم الفضيلة، وهُنا فهي تتعبد وتتقرب إلى الله بظُلمها لك، وعبثها بك.. وساعتها ليس عليك سوى أن تشكُرها على فضائليتها وعبادتها الشائنة (اظلِمني.. شُكراً)! ورأيي أن الجماعات الإسلامية ليست وحدها المُخطئة، بل الوعي الجمعي، القائم على المُزايدة والاصطفائية، فنحنُ دائماً ما نبحث عن المُلهمين والمُخلِّصين والأنبياء، وننسى ذواتنا وهي المسئول الأول عن تنفيذ كل ما نحلم به من مُثل، كما أن وعينا يستسلم للأدعياء بسهولة، حيثُ نخشعُ لمن يكذبون علينا كذباً مثالياً، ونرفض من يقولون الحقيقة العارية، وكتعبيرٍ عن أشد أنواع السَّخط على الأدعياء والمنافقين والمُرائين جاءت المأثرة الدينية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي يقول فيه: (أول من تسعر بهم النار يوم القيامة عالم ومجاهد ومنفق، أما العالم فيسأله الله يوم القيامة عن علمه فيقول: يارب تعلمت العلم وعلمته للناس فى سبيلك، فيقول له الله عز وجل: كذبت تعلمت العلم ليقال أنك عالم وقد قيل فيأمر الله فيؤخذ الى النار، أما المجاهد فيسأله الله عن جهاده فيقول: يا رب قاتلت فى سبيلك لتكون كلمتك هى العليا، فيقول له رب العزة: كذبت قاتلت من أجل أن يقال أنك شجاع وقد قيل فيأمر الله فيؤخذ الى النار، أما المنفق فيسأله رب العزة عن ماله فيقول: يارب انفقته فى سبيلك، فيقول له رب العزة: كذبت انفقته ليقال أنك جواد كريم وقد قيل فيأمر الله فيؤخذ الى النار). [email protected]
الحجر الصحفي في زمن الحوثي