تعز .. من الثورة إلى " المقاليع "

كتب
الثلاثاء ، ٣١ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٣ مساءً

[caption id="attachment_31162" align="aligncenter" width="180" caption="فكري قاسم"]فكري قاسم[/caption]

لا توجد أي علاقة شبه بين ما كانوا يعرفون قديماً بالشعراء الصعاليك وبين "المقاليع" الذين أصبحوا يسكنون منذ أعوام قليلة حي "وادي جديد" بمنطقة عصيفرة شمال تعز المدينة.

الشعراء الصعاليك كانوا يأخذون – عنوة – من مال الأغنياء ويعطونه للفقراء, بينما يقوم "المقاليع" بترويع الفقراء وضرب السكينة العامة في القلب.

وكمواطن يتكىء على سلطة القانون لا يمكنك الذهاب إلى وادي جديد والخروج منه دون أن يعلق في إذنك اسم "المقاليع", وهي

التسمية التي أصبحت تطلق على ثلة من أصحاب السوابق الفارين من العدالة, الذين عجز الأمن عن الإمساك بهم فهبطوا "وادي جديد" بسلام ليدفنوا قضاياهم الجنائية هناك.

ساعدت سياسة النظام السابق وحماة الثورة معاً أثناء تولي قيران مهام مدير أمن تعز على نفخ "المقاليع" فكبروا سريعاً كالبالونات.

كان لــ (قيران) هدف سياسي وراء تركهم يعبثون تحت حجة خطر الذهاب إليهم.

لقد أراد الرجل أن يضرب – بأفعالهم البلطجية – سمعة الثورة الشبابية, وللأسف حصل على مبتغاه بامتياز.

في المقابل أيضاً, أراد أولئك الذين قيل إنهم حماة الثورة أن ينفذوا إلى أقطار السلطة, ولن ينفذوا إلا بسلطان فكانوا "المقاليع" !

الشرعية الثورية والشرعية الدستورية معاً كلاهما غظ الطرف عن "المقاليع" وأصبحت تعز مُشاعاً لفوضى الطرفين.

ذهب قيران ولم تذهب فوضى "المقاليع". ومؤخراً أصبحت أعمال التقطع ونهب الأرضي وابتزاز الناس والتقطع للشاحنات التجارية علامة امتياز لهذه الفئة النابتة كنذر للقتل السهل.

وبالتأكيد هناك أعمال بلطجة يقوم بها أخرون وتحسب على أولئك الرتل من الرجال المضحوك عليهم باسم المرجلة.

في 15/2/2011 استشهد خالد أحمد قراضة جراء الاعتداء عليه من قبل "المقاليع", ولما سئلت – يومها – عن ذلك الأسم, قيل لي: إنها عصابة مسلحة تقوم بنهب الأرضي, وتتلقى الإسناد والإيواء من قبل أشخاص محسوبين على الثورة.

"خالد" الذي لقي حنفه – حينها – كان يدافع عن منزل أخيه "عبدالرحمن قراضة" الكائن في حي وادي جديد بعصيفرة .

أيامها كانت الحالة الأمنية والقضائية في تعز المشتعلة بالثورة, رثة. لم يتمكن أحد الإمساك بالقتلة أو حتى مساءلتهم. ومن يومها بدأت سيرة "المقاليع" تكبر وتكبر, حتى غدت كارثة بشرت بميلاد عصر الفتوات – مجدداً – في تعز.

إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي كانت "الجحملية" قبلة الفوضى وعاصمة العصابات.

لكن "الجحملية" الآن رغم مستوى الفقر المرتفع بين أهاليها, ورغم مستوى البطالة هو الآخر بين شبانها, غدت من أكثر أحياء تعز المتشيعة للقانون, ويقدم أبناؤها نموذجاً راقياً لتعزيز أمن المدينة وسكينتها.

ما الذي حدث آنذاك؟ لا شيء غير أن هيبة الدولة حضرت بقوة فاختفت ملامح الديولة .

بالنسبة إلى "وادي جديد" فإن بالون "المقاليع" الصاعد بتواطؤ من الكل لا يحتاج أكثر من أن يحضر دبوس الدولة فحسب.

طبقاً لمصادر بحثية هناك أكثر من 4 مقلوعاً يقطنون وادي جديد, أصبحوا يهددون – تماماً – أمن تعز, وستشعر بألم مضاعف يأكل عظمك وأنت تشاهد الدولة بكامل جهازها الأمني وهي تبدو كأي عجوز مقعد يتوسل الهيبة والسلامة من مجاميع فارة من السجن.. وأما الذي يشرخ الرأس ويصيب المرء بالإحباط – فعلاً - هو أن نسمع – ونعرف أيضاً – بأن هذه المجموعة الخارجة عن القانون تمارس القتل والترويع, مسنودة بحماية شخصيات اجتماعية معروفة ومؤثرة داخل تعز؛ يا للوضاعة..!

يتحدث ناس كثر: بعد كل ممارسة خارج القانون يأوي "المقاليع" إلى حضن منيع ومسنود ببنادق الثورة. لا بأس, تعز بحاجة ماسة لن تأوي – الآن – إلى إستاد شعبي يعصمها من الفلات.

إنه لمن المعيب على تعز الثورة.. تعز التي واجهت نظام "صالح" بكامل دباباته وأجهزته القمعية والقتالية, وسببت له الرعب. ان تنكمش أمام أمنها وهدوئها, وأن يرعها رتل من المسلحين المرعوبين أساساً من صحوة الوعي لدى الناس.

ببساطة متناهية, إن مسيرة واحدة كتلك التي كانت تتحرك في شوارع المدينة لإسقاط "عصابة صالح" قادرة الآن أن تعيد الكرة وتتحرك لإسقاط "المقاليع" ومن يعتصمون بحبلهم الهش.

السكوت حيال ممارسة الفوضى ونهب الناس وترويعهم وقتلهم, لا يقل بشاعة عن تلك الأفعال البشعة نفسها, ولابد أن ثورة تعز الأهم الآن هي الثورة ضد "المقاليع" وإعادة المدينة إلى مربعها الأمن.. إن الذي يتباطأ أو يتواطأ مع حالة الفلات هذه يضع نفسه – تلقائياً – في عدد "المقاليع" الذين تسببوا – مجدداً – في اضطهاد الناس الذين خرجوا ملء الشوارع يوم 11فبراير 2011, في ثورة نبيلة هدفها الأساس ركل عقدة الاضطهاد ذاتها

الحجر الصحفي في زمن الحوثي