قراءة أولية " لملف" تبادل الأسرى...! (1)

د. علي العسلي
الاثنين ، ١٩ اكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٥:٤١ مساءً

أولاً: _ التبادل وتوظيفاته وحكايته المؤلمة.. والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتهليلاتهما وتحليلي الخاص.. إن ملف الأسرى ملف إنساني والأسر والاختطاف والإخفاء جرائم ضد الإنسانية، فإذا ما حصل تقدم ما، في إطلاق من اعتقلوا ظلماً وعدواناً فلا ينبغي البتة شكر من أطلقهم، بل ينبغي فحص المفرج عنهم وسؤالهم عن وسائل التعذيب التي تعرضوا لها، وطبيعة كنه التحقيقات، ليتم الحكم على اصحابها أنهم قريبون من تحقيق السلام أو لا؟!؛ نعم! ينبغي سماع أقوال المفرج عنهم  وتدوين شهاداتهم وتوثيقها، ليعاقب الجاني طال الزمن أم قصر، وعلى الأمم المتحدة أن تحترم القانون الدولي الانساني، وأن تمتنع عن كيل  المديح و التبجيلات والتشكرات للجناة واستحسان امتثالهم لتنفيذ الاتفاق الذي وقعوا عليه، بل عليها أن تبحث وتحقق في طبيعة السجون وفي الانتهاكات التي تمت على المسجونين، وأن تبحث وتشبع بحثاً في المخطوفين غير المدونين في سجلات الطرفين المسلمة للصليب الأحمر الدولي؛ فهناك من سجن ولا احد يعلم فيه، وهناك من فقد ولا احد يعلم به ، وهناك من تم  اعتقالهم  وأُخرجوا خارج سياق التبادل الذي جرى ويجري، أو يتم اخراجهم بوساطات أو بدفع فدية عن كل مختطف، وهناك من يتم تبادلهم من تحت لتحت.. 

 

ولكل واحد اعتقل أو اختطف حكاية إنسانية تبكي وتدمي (فالبعض خرج فاقد الذاكرة ولم يتعرف على اهله، والبعض يروي أساليب تعذيب مورست ضد السجناء، فكانوا لا يرون الشمس لسنين، وحتى دورة المياه يحددها السجّان وليس الحاجة، والبعض خرج وقد تزوجت زوجته غيره..؛ فمن هول مأساة الأسر.. أحد الأسرى بعد خروجه يسأل أخاه فيقول له: " يا توفيق زوجتي عادها جالسة والا قد تزوجت" وأخ يجد أخاه في المطار كليهما أسرى واحد مع طرف والأخر مع طرف.. مأساة إنسانية عصرية بقسمات يمانية! ... الخ) .. ثم بعد هذا.. أيحق لمن عَذَّبَ  أو اخْتَطَفَ؟! ؛ أن يتحدث  عن الإنسانية..!؛ 

 

أو أن الأمم المتحدة تمنحه صفه إنساني، لأنه قد خطى خطوة مهمة بقبوله التبادل في ملف إنساني؟!؛  لقد اثخن السجان انتهاكاته الجسيمة على  مسجونيه، ثم عندما تَشَبّع من سجنهم وافق على اخراج بعضهم، وتحسب له، و يوظفها كملف سياسي، فيكافئ بموجبها بالاعتراف، بإمداده بالوقود، وبفتح الموانئ ووصول الأسلحة والدبلوماسيين إليه، فذلكم أنكى وأشد إيلاماً على المفرج عنهم، بل و على الإنسانية كلها ، إذْ كان اللازم والواجب ألا يختطف ابتداءً احداً، فلا ينبغي اعتقال المدنيين للمبادلة والمساومة و الابتزاز..!؛

وبعد أن هللت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على التبادل بأنه اختراقاً مهماً، واعتبرته دليلا على إمكانية تحقيق اختراق من خلال الحوار والتسوية.. وشدد الاتحاد الأوروبي على أنه يجب أن تُترجم روح الوفاق في تبادل الأسرى إلى حل سياسي شامل للصراع في اليمن...؛ 

 

إلا أن  تحليلي واستنتاجي البسيط يقول: أن حجم عدد الأسرى مهول.. والرقم المعلن عنهم مخيف، وهو لدليل على العنف ؛ وهو كذلك لدليل  على مدى الاجرام، وانعدم الإنسانية، حيث ذلك كله تبيّن في أجساد ونفسيات من أفرج عنهم مما يوحي بأنهم قد تعرضوا لشتي انواع التعذيب والامتهان والاذلال، ثم يأتي بعد ذلك من يقول بأن "إخراج" كم مختطف قد أظهر روح "الوفاق" للحل السياسي.. شخصيا أشك في ذلك جملة وتفصيلا، وإنما أرى أن ما تم هو عملية ضرورية ناور بها أحد الأطراف في هذا الصراع، وعملية التبادل هي بمثابة اعادة الروح للمنقلب وللمبعوث، ومحاولة من المنقلب لتسويق نفسه الشريرة بأنها خيِّرة، وهي محاولة "لعلّ وعسى" المجتمع الدولي يتساوق معهم في مجرى التفاوضات والحوارات القادمة.. إن استخدم الانسان اليمني للتوظيف السياسي هو مرتبة فوق جريمة الاعتقال أو الاختطاف ذاتها.. 

نعم!  إن روح الوفاق والاختراق الحقيقي للأزمة يتم من خلال الحوار، ومن ثمّ الوصول للحل الشامل، وسيكون  الأمل معقود عند استكمال تبادل كل السجناء، هذا ما أكد عليه  وزير الخارجية الأسبق ابو بكر القربى، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي ..؛ واضيف على ما قالوه انه بمجرد انتهاء عملية التبادل واخلاء السجون نهائيا إلا ما يتعلق  بالمجرمين الجنائيين، وتحويلها إلى إصلاحيات بالمعايير الدولية؛ في هذه الحالة وفقط يكون التبادل الذي جرى ويجري وسيجري  انفتاحا متقدما ومتميزا للوصول إلي الحل السياسي الشامل..!؛ اما ان يخرج أناس ويهجرون إلى خارج سكناهم واهاليهم فذلك ليس بتبادل على الإطلاق؛ إنما هو  جريمة جديدة فوق السجن يضاف إليه  التهجير، وإذا غامر وخاطر وقرر العودة إلى المكان الذي اعتقل أو اختطف منه، فمن الذي سيضمن له  عدم اعتقاله أو اختطافه مرة أخرى؟!؛ ثم هل تقبل الأمم المتحدة إن ترعى تبادل لنفس الأشخاص في قوائم التبادل الحالية مستقبلا؟!؛ وهل ستُعدُّ ذلك  انجاز ومقدمة للحلول السياسية؟!؛ 

أقول انه  لا معنى لأي تبادل يؤدي إلى عودة للسجن، أو إلى سجن أخرين أبرياء، فأي تبادل سيفضي إلى ذلك لا معنى له، ولا هو بالانفراج المرجو بل ذلك يشير إلى التوظيف السياسي السيء لملف إنساني، ولمصالحهم الاستراتيجية والتكتيكية ليس إلا..! 

.. يتبع..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي