خطبة الجمعة - الصدمة كمنهج و عقيدة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الجمعة ، ١٨ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٩:٢٩ مساءً

عقيدة الصدمة تطبق في سياسة الدول و الشركات بشكل دائما مباشر و غير مباشر كونها تشل حركة المجتمع و تجعل برمجته بشكل مختلف سهل يوافق هدف معين, لذا فهي هندسة سريعة لمجتمعات تترنح فكريا و اقتصاديا و سياسيا من الاخفاقات, و ليس بالضرورة الصدمة لمجتمعات فقيرة و انما ايضا متقدمة, هنا يكون الهدف تمرير قوانين صعبة تمريرها دون صدمة. فعلى سبيل المثال لصدمة المجتمعات المتقدمة احداث 11 سبتمبر خير مثال, حيث انها شلت المجتمع الدولي و بالذات الغربي, و تم فرض قوانين كان مستحيل فرضها مثل المراقبة و التصنت و المعتقلات و انظمة الكونترول و البصمات و البنوك وغير ذلك. و يكفي ان تفهم ان الشركات المستفيدة من انظمة المراقبة صنعت مليارات اي فقط في سوق الابواب الالكترونية بالمطارات الحديث عن ما يقارب 9 مليار دولار فقط الى عام 2019 يتحملها دافع الضرائب, لو لم تكن صدمة 11 سبتمبر لما وافق اي طرف با ستخدامها. 

الصدمة قد تكون مخطط لها بعناية فائقة, و قد تكون حدث طبيعي دون تخطيط مثل كارثة تسونامي حيث انتهت السواحل الجميلة بيد الشركات الاجنبية لبناء منتجعات كبيرة مُنع بموجب الصدمة و نتائجها الصيادون في تلاند و غيرها من العودة لقراهم على الشواطئ, و كأن القدر فقط عاقبهم الى الابد. و قد تكون الصدمة مجرد اعلان مشروع قانوني, و قد لا ينفذ اي يكفي التهديد به مثل اقرار قانون جاستا لمقاضة المملكة, مما جعلها تستجيب لكل ما يطرح امامها فيما بعد, و ايضا يمكن الصدمة تاخذ شكل اخر مثل ظهور داعش او اسلحة دمار شامل و هكذا.

و في جميع الاحوال هناك طرف سوف يستفيد من الصدمة و هو في الغالب ليس انت لانك المريض المستهدف لاعادة برمجته, المستفيد هو طرف اخر متحكم بالسوق الحر اي الراسمالية- اي ما يطلق عليه صعود رأس مالية الكوارث- كونها تبحث عن تشبع اكثر و فرص من تحت ركام الشعوب التي تترنح, مثل خصخصة شركات المجتمع او عقود نفط او اعمار او سيطرة او مصادرة اموال في بنوك كما حدث في ليبيا و اختفاء 100 مليار دولار ثروة ليبيا. الصدمة تسقط دول و مجتمعات ونحن نراقب ونرضى و على سبيل المثال لولا عقيدة الصدمة, ما كان اجتياح العراق ممكن, و لولا صدمة الربيع العربي ما كان ممكن السيطرة او تدمير المنطقة لدرجة انه نحن في النهاية نطلبهم يتدخلون, اي نشكرهم ونحمل لهم جميلة. و لولا صدمة تسونامي ما انتهت السواحل الجميلة بيد الشركات الاجنبية, ولولا صدمة جاستا و حرب اليمن ما دفعت المملكة 420 مليار دولار و لولا صدمة حصار قطر, لما دفعت بدورها ايضا 30 مليار دولار و هكذا. الكل مريض يجب ان يدفع امام صعود رأس مالية الكوارث و يشكر انه تم تخفيف معاناته. و لكي اسهل لك الامر و تفهم ما اقصد, كيف تحصل الصدمة و النتائج, ناخذك انت كمثل سهل.

تخيل انك تشتغل عندي ب الف يورو شهريا و زوجتك دخلت في راسك ان تتفاوض معي على رفع راتبك الى 1500 يورو كون المرتب لا يكفي طلباتها و الاطفال و تقول لك شوف الجيران, اي سوف تعمل صداع لك و انت لي, و سوف تصور لك انك قوى و مهم و لا تخاف او تتردد امامي انا -كممثل للراسمالية- اي كمدير. اليوم الثاني سوف تفكر و تناقش اصحابك في العمل و هم بدافع المصلحة لهم سوف يشجعونك تتحرك, اي لو مشى حالك سوف يطوبر الكل امام مكتبي يطلب رفع راتب كون الحياة صارت غالية و الشركة تحقق ارباح. اليوم الثالث كان الخبر عندي و بمجرد انك دخلت قلت لك قبل ان تتكلم كويس انك جئت عندي لان هناك موضوع مهم كنت اريد اكلمك به. انا امارس الان الصدمة معك بناء على معلوماتي حول مايدور, حيث سوف اطبق المثال "أتغدى فيك قبل ما تتعشى في" .

لذا سوف اقول لك شوف هناك مشكلة كبيرة معنا, و قد اجتمعنا في مجلس الادارة قبل كم يوم, و طرح في الاجتماع طرد ربع الموظفين, لكي نقدر نستمر في المنافسة و مع الاسف هناك من طرح اسمك انه لا احتياج لك برغم قناعتي انك سوف تتحسن في عملك و سوف تبذل جهد اكثر بحكم معرفتك لطبيعة العمل. لكن القرار بيد مجلس الادارة و لو تحب سوف احاول اتمسك بك و بالباقين لكن لا اخفي عنك الامر, ان الموضوع صعب كون نريد نقلص النفقات اي ليس هناك حجة ان نستمر دون نجاح و دون تخفيض الرواتب, و اقتراحي اذا وافقت عليه مع زملائك هو ان اقول لهم انكم موافقين نخفض الراتب للكل في الشركة بمقدار 20 في المائة و بذلك ننفع الجميع بدل الفصل و تضرر العمال, الذين ساهمون بخير عمرهم معنا. الى الان حصلت الصدمة بموجبها في ثواني تم اعادة برمجتك بالصدمة, مع العلم انك كنت داخل او مخطط تشتي زيادة من 1000 يورو الى 1500 يورو, و كون الصدمة حصلت و حسبت انك سوف تخسر كل شيء بهذه الثواني قبلت بحل المدير و هو خصم 200 يورو عليك, اي صار الموضوع لك وضع اخر و سوف تقتنع بذلك و قد تتحدث مع الباقين حول ذلك و تظنون انكم انتم من اتخذ القرار اي ديمقراطية و ساهمتم بالحل. و احتمال و انت عند الباب خارج من مكتب المدير, سوف يقول لك المدير معذرة-اي يقلد الادب والاخلاق- انني بدأت الكلام قبلك انت, نسيت تقول لي, لماذا جئت عندي و طلبت مقابلتي؟ سوف تقول له بسرعة كنت اتحدث مع الزملاء, كيف يمكن نرفع الانتاج للشركة و نقلل النفقات؟ و هو نفس ماطرحت سيادتك. اكيد سوف يقول لك القلوب عند بعضها. و سوف تعود للبيت تصيح فوق زوجتك و اطفالك انه لولا ذكائك و توفيق الله انك انطردت من العمل كونك سمعت نصيحة زوجتك و سوف تعطيها تأنيب ضمير و سوف تقول لها اقتصدي اكثر.

مختصر الامر الصدمة عكست الميزان عندك مع فرق انك الان سعيد جدا كونك احتفظت بالوظيفة برغم ان مرتبك بعد الصدمة صار 800 يورو و سوف تكون سعيد ان الامر جاء على ذلك, و لم يبقى الامر عند هذا الحد و انما صرت انا الراسمالية في نظرك مدير رائع و صرت تنشر معلومات في الشركة ان المدير انقذ الموظفين بخطة ذكية لابد من تفهمها و ممكن تعملوا لي ايضا حفلات و ذبائح و اصبح انتاج الشركة اكثر و الكل سعيد و السبب العقل الشيطاني للراسمالية. هذا شرح مبسط للعامة لعقيدة الصدمة في صعود رأس مالية الكوارث. واقم الصلاة

الحجر الصحفي في زمن الحوثي