خطبة الجمعة - قنبلة عنقودية لذنوب تتوسع!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الجمعة ، ١١ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٤:٤٨ مساءً

 

اولا: لو نظرنا لحياتنا لوجدناها حياة ضنك و تعب. لا نحن نعيش حياة الكفار الممتعة في الدنيا كما يقول الكل, و لا حياة الصالحين العابدين الزاهدين, الذين سوف ينتقلون للجنة برحمة الله و صبرهم و عملهم, فهل من المنطق ان نخسر في الجانبين بقلة عقلنا و طيشنا؟ ذلك يظهر بشكل واضح حولنا, تنم عن استغلال ضعف الاخر و حاجته اينما نظرنا حولنا. هنا نمارس الظلم و الابتزاز و أخذ المال بغير حق, و طبعا نجد لذلك حجج مختلفة اقلها نفسر ذلك شطارة و فهلوة و احمر عين. و السؤال, لماذا نخسر الدنيا و الاخرة؟ كون النهاية محسومة بمعنى ميت عنما قريب و سوف تختفي مهما سرقت و ظلمت و تجبرت. قد يقول من اجل مستقبل اولادي و اسرتي؟

لكن اولادك لا يحتاجون الا تعليم و تربية و عاطفة و ليس بالضرورة مال حرام و سرقة و بطش بعباد الله او البسط على حقوق الناس او استغلال احتياجتهم وقلة فرصهم. ماذا يهمك بهم باولادك و اسرتك ان كان هناك ما يكفيكم, حيث المفهوم الرباني واضح و يقول لن يقفوا سد منيع امام ذنوبك و لو تركت لهم ما تركت, فقوله تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى" واضحة كمنهج , بمعنى نفس مثقلة بذنوبها لن ينجدها ولد ولا بنت و لو تركت لهم ما تركت, و ايضا قوله "وكلهم آتيه يوم القيامة فردا" بمعنى الفردية, فلا ناصر ولا مجير, هنا تنته الاسرة و الجاه و الصفة, بمعنى تقف لحالك و لوحدك أمام ربك و دخلت بعملك جهنم و انت تفتكر انك كنت احسنت عملا, وهنا انت باختيارك من هدم حياته في المكان الاخر و لم تتوازن بعقلانية حسب قوله تعالي "اني جاعل في الأرض خليفة" بمعنى الاستخلاف والقيام بدور رباني.

ثانيا: قد تقول انا موظف دولة لم اسرق و انما كان اختصاصي وظائف و ازاحة اشخاص محسوبين على طرف و اتهام البعض انهم مع العدوان او مع الحوثة او تميع الجرائم في الحرب في الاعلام , فهل ذلك ذنب؟. و الاجابة ليس ذلك ذنب وانما قنبلة عنقودية لذنوب تتوسع كون انك في الامتحان اخفقت ايضا, فعندما ازحت فلان من وظيفة او خلقت وظيفة لقريبك او ساهمت بطمس حقيقة او غيرها, كنت فاجر, لم تكن عادل متزن انجمت اضرار لم تشاهد اثرها. هنا كنت في اختبار اخفقت فيه دون ان تشعر, فانت استغليت قوتك لفرمتت, الذي امامك و استغليت امكانياتك لتسترزق لنفسك و اهلك و جماعتك على حساب غيرك و مجتمعك و بلدك واستغليت موهبتك لطمس حقائق و كنت لا تشعر ان لكل شيء كتاب وان عبادتك ليست لها قيمة و لو دفنت حتى داخل الكعبة. لم تتذكر جوهر الدين و لا قولة رسوله " لن يزال المؤمن في فسحَة من دينه مالم يصيب دما حراما' . و الاصابة هنا بمفهومها الشامل كل شيء يضر الاخرين او يغير مجرى الحق, فكيف ان كنا نعيش الاضطهاد و الصراع و الحرب و استغلال حاجة الاخر و خوفه.

ثالثا: عندما يكون الانسان المسؤول في موضع قرار يحدد مصائر الناس و حياتهم فقد وقع عليه الاختبار امام الله لاسيما و سر وجود الانسان في هذه الحياة و تعامله بها هو سر الاستخلاف اي السلوك بمنهجية ربانية في حفظ حق الحياة لكل شيء حوله و صيانتها. حفظ حق الحياة فهمها للمسؤول يقتضي فهم معايير العدل و المساواة و حفظ كرامة الاخرين و عدم استغلالهم بحكم الامكانيات, التي صارت تحت يده من معرفة و قرارات و معلومات في الاستحواذ على الفائدة له و لاهله و اصحابه, لانه وقتها يكون قد سقط في الامتحان كإنسان طبيعي وسقط امام الله و بشكل فج و سقط امام المجتمع و امام من كان يحترمه. و انطلاقا من المفهوم الديني فالانسان الطبيعي بشكل عام خليفة بحكم خطاب الله لداود, و الذي هو خطاب خاص بمفهوم خطاب لمن يريد طريق الله "يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض, فاحكم بين الناس بالحقّ" و بحكم قوله تعالى " اني جاعل في الارض خليفة ", و التي لن افسر الاخيرة فقط بمفهوم قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن و جيلا بعد جيل كما درسنا, و انما افسرها بمفهوم الاستخلاف لفلان و هنا الاستخلاف لله في الارض بممارسة معايير عادلة واضحة دون اقصاء او انتقاء لما يناسبه و بما يخدمه هو او استمرار جماعته.

رابعا: الاستخلاف لا يعني فقط عند المسؤول او الحاكم و انما انت بحد ذاتك تقع في الامتحان بما تحت يديك اي خليفة لما تحت يديك اي راعي كما ورد في باب درجات المسؤولية في الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر "كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته". فمدرس المدرسة مستخلف في العمل من الله في الامانة, التي تحت يده و هم هنا الاطفال, يبني في فكرهم من دون تقصير و مستخلف في اهله في نفس الوقت من الله. فاذا لم يقوم بعمله كما يريد الله و باتقان و كان مدرك ذلك فقد وقع عليه الاثم لان طريق الله كانت واضحة و لكن طريق الشيطان تغلبت متمثلة بالكسل او الامبالاة او الانشغال باشياء ليست في صميم الامر. و الطبيب و المهندس و الطباخ و غيرهم ينطبق عليهم نفس الطرح. و كذلك قائد المقاومة او الجيش, الذي يرسل الناس للموت و هو يعلم انه لن ينتصر و انما من باب انا هنا هذا وقع علية الاثم, لان الله اعطاه العلم بامكانيات من يقاتل و كان له ان يفهم انه لن ينتصر و لكن طريق الشيطان كانت اقوى و صورت له ان الانتصار يقتضي ان نرهق العدو و ليس هناك ضرر ان نضحي "بشوية علشان الباقى يعيش" متناسيا ان كل شخص يموت هو بحد ذاته حياة كان الاجدر الحفاظ عليه. و كذلك الاعلامي, الذي يعرف الحقيقة و رغم ذلك يزرع الكذب و ينشر اخبار خاطئة او يبحث عن تبريرات رخيصة برغم ان الله اعطاه قدرة على تنسيق الكلام و التلاعب في العبارات فهذا وقع عليه الاثم و لم يمثل الاستخلاف. و المستشار الذي يتهم الاخرين بقصد الاقصاء و كذلك الوزير الذي لم ينظر الا الى قريبه و صاحبه في المنصب و اصدر قرار لصالح ذلك فكان خليفة فاسد و اثم احدث خلل في قوانين ربانية حتى لو يعيش و يصلي داخل الحرم, الشيطان يدخل هنا من باب التعليل ان المرحلة تقتضي ناس منا نثق بهم او هولاء افضل من جماعة فلان او ليس هناك اختيار وغير ذلك.

اخيرا: الكثير يمارس العبادات بشكل منتظم و مكثف, و التي كان الاجدر ان تهدف الى جعل الانسان يسيطر على غرائزه و تجعل المقياس الرباني امامه في كل خطواته لاسيما و عجلة الرحيل من المناصب في الدولة و من الدنيا تدور بشكل سريع لا يمكن لك بعدها اصلاح اي خطأ. و الكثير ايضا منا تعلم ان الفارق بين الانسان الناجح كمسؤول و الفاشل يكون في السيطرة على الافعال و الغرائز, و انا لم اجد الفرق بشكل اوضح الا بما يتركون من اثر في حياة الناس, لذا الانسان يشعر بالارتياح النفسي عندما يشعر انه ترك للمجتمع الكثير من الاعمال و الانجازات و قبلهما القيم و المبادئ. لكن قيادات الدولة في اليمن يشعرون في الارتياح ليس فيما ذكرت و انما في كيفية خدمة اهليهم و تأمين مستقبلهم على حساب المجتمع دون الحد الادنى للمعايير.

و كلما نقول بيطلع لنا الان موسى الانسان يقدم للحياة ما يبنيها يطلع لنا فرعون اخر العن من الذي قبله يدفع الكثير من المجتمع الى الحضيض و يزيد معاناتهم بسلوكه و نحن علينا نختلف في التبرير لذلك بقولنا حكم المرحلة و علشان الباقى يعيش, و في الاخير نستغرب, ليش حال اليمن من سيء الى اسوء.

واقم الصلاة

الحجر الصحفي في زمن الحوثي