تنظيم الزينبيات في عصابة الحوثي : مصيدة وهراوة ؟

توفيق السامعي
الاثنين ، ١٧ أغسطس ٢٠٢٠ الساعة ٠٨:١٤ مساءً

لم تبتعد الميليشيا الحوثية قيد أنملة عن منهج داعميها في إيران في كلِّ شيء، وتحذو في خطواتها وتكوينها لميليشيا إيرانية حذو القذة بالقذة في كل صغيرة وكبيرة، ابتداءً من الصرخة، والفكر، والإرهاب، وصولًا إلى إنشاء تنظيم إرهابي نسائي يسمى "الزينبيات"، ينتهج القمع بوسائل مختلفة بحق النساء اليمنيات، إمعانًا في الإرهاب والبطش ليصل إلى كلِّ مكوّن في اليمن، ولم تسلم منه حتى النساء.

الزينبيات.. الظهور للعلن

عقب سيطرة الميليشيا الحوثية على مفاصل الحياة في العاصمة واستتباب الأمر لها في 2015، ظهر للعلن ما بات يعرف بتنظيم "الزينبيات" النسائي، بعد أن كان عبارة عن تنظيم سري قديم مثله مثل تنظيم "الشباب المؤمن"، ليدخل هذا التنظيم الزينبي بيوتاً في صنعاء تحديدًا لإحداث مزيد من القمع والإرهاب بحق النساء المعارضات للانقلاب الحوثي عقب ظهور رابطة "أمهات المختطفين" تحديدًا.

استوردت الميليشيا الحوثية هذه الوسيلة من إيران وحزب الله في جنوب لبنان، وهما الراعيان للمشروع الحوثي، المخططان له في كل شيء، ومن خططهم هذا التنظيم النسائي الذي ظهر في إيران في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وفي لبنان في تسعينياته.

نشأ هذا التنظيم وتكوّن من عناصر الهاشمية السياسية، وليس من كافة الأسر الهاشمية، بل من عدد محدود منها، كبيت المتوكل، وبيت شرف الدين، وبيت الحوثي، وبيت عقبات، وبعض البيوت العتيقة، ولا يمكن بحال من الأحوال القبول بعنصر من خارج الأسر "الهاشمية".

عرف عند الهاشمية السياسية استخدام العنصر النسائي في عمليات الرصد والاستقطاب لهذا المشروع دون قيود أو محرمات، وكان يجري بشكل سري طيلة عقدي التسعينيات وبداية الألفية الثالثة في العقد الأول منه، وبقي بشكل محدود وسري للغاية وأشد حذرًا، ولا يعرفه إلا من كان يرصد حركة هذا المشروع المطّلع على خفاياه.

تطوّرت عملية هذا التنظيم ليكشف عنه علنًا في أبريل 2015م، عقب انطلاق عاصفة الحزم، وصار هذا التنظيم النسائي واحدًا من أهم الأذرع الإرهابية للميليشيا الحوثية، تلاحق به النساء اليمنيات في صنعاء، ويراد له أن يتمدد لاحقًا ليشمل بقية المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيا الحوثية في الشمال اليمني.

التشكيلات والمهام

لتنظيم الزينبيات مهام متعددة، منها العسكرية، والأمنية، والسياسية، والثقافية أيضًا، فضلًا عن الجوانب الاجتماعية المتعددة، ويتفرّع عن هذا الأخير مهام كثيرة.

أما الجوانب العسكرية فتقوم العناصر العسكرية المدربة في هذا التنظيم بتنفيذ عمليات عسكرية في مناطق سيطرة الشرعية لإقلاق الأمن وزعزعة الاستقرار، ومن ذلك على سبيل المثال لا حصرًا اكتشاف خلية نسائية في نهاية 2015، في محافظة مأرب، وقيامها بزرع عبوات ناسفة لاستهداف المصالح الحكومية، أو لاغتيال قيادات عسكرية، وتم مؤخرًا عرض هذه الخلية للمحاكمة أمام محاكم قانونية في مأرب.

وهناك خلايا لم يتم الفصح عنها في مدينة تعز، وخاصة في خطوط التماس بين الحوبان وحوض الأشراف.

أقامت الميليشيا الحوثية عرضًا عسكريًا للزينبيات وسط العاصمة المختطفة صنعاء، وظهر هذا التنظيم في تشكيلات مختلفة؛ نساء يحملن صواريخ كتف وقاذفات آر بي جي، ونساء بيدهن كلاشنكوف، وبعضهن يستعرضن برشاش 12/7 م ط المتوسط.

وأشار تقرير للأمم المتحدة الذي صدر مؤخرًا إلى اختلاق الميليشيا الحوثية هذا التنظيم "الناعم"، وحدد شبكة الحوثيين المتورّطة في قمع النساء اللاتي يعارضن الميليشيا، من خلال استخدام العنف الجنسي، برئاسة سلطان زابن، مدير إدارة البحث الجنائي في صنعاء.

وفي الجانب الأمني يقوم هذا التنظيم بقمع الاحتجاجات النسائية المختلفة، سواء كان لرابطة أمهات الشهداء أم لطالبات جامعة صنعاء، أم لأيٍّ من فعاليات الاحتجاجات الأخرى.

ويقوم تنظيم الزينبيات إلى جانب ما سبق بعمليات رصد وتجسس كامل للبيوت، والمجالس العامة النسائية، وصالات الأفراح والأتراح، ورصد آراء المعارضات، واقتحام المنازل، وتولي عمليات سطو ونهب البيوت واستحلال أموال اليمنيات.

شبكات حوثية لمهام قذرة

في تنظيم الزينبيات هناك شبكات نسائية متعددة لمهام قذرة، ومنها الاستدراج والاستقطاب الجنسي لشخصيات مختلفة لكسب الأنصار للهاشمية السياسية، وذلك من وقت مبكر، وهذا ما كشفته كثير من النساء اللاتي تم تحريرهن أو إطلاقهن من قبضة الميليشيا الحوثية، وأوضحته الناشطة سميرة الحوري -وهي إحدى النساء المختطفات- وكشفت عن عمليات اغتصاب في زنازين ومعتقلات الحوثيين.

وقام هذا التنظيم بمعية الميليشيا الحوثية الرجالية بتغييب وإخفاء مئات النساء في معتقلات وزنازين خاصة، واللائي بدورهن يلقين جحيمًا مركبًا بعد ذلك من خلال إنكار الاعتراف بهن من ذويهن، رغم أنهن ضحايا الإرهاب الحوثي؛ ولذا لجأت العديد منهن إلى الانتحار.

وعلاوة على الجوانب الأمنية والعسكرية فإن تنظيم الزينبيات يقوم بمهام تعبوية للاستقطاب والتحشيد الميداني، والقيام بمحاضرات نسائية، وعقد دورات ثقافية وتوعية ونشر مشروع السلالة العنصري في مجالس النساء، والتي تسمى مجالس "التفرطة"، والتنقل في مناسبات الأفراح والأتراح، وإقامة المناسبات "الدينية" المختلفة، كالمولد، ويوم الولاية، وميلاد فاطمة، وميلاد زينب، وهلم جرًا.

تدريب إيراني

وصل عدد "الزينبيات" -بحسب تقارير صحفية- إلى أكثر من 4 آلاف امرأة، تلقين تدريباتهن بدورات عسكرية على أيدي خبراء وخبيرات من إيران ولبنان والعراق، ونفّذت التدريبات في صعدة وصنعاء وذمار وعمران.

وتضمّ تلك القوة النسائية حاليًا -بحسب بعض المصادر- 10 كتائب وفرق وتشكيلات رئيسة، أبرزها: كتائب "الزينبيات"، ومجموعة "الهيئة النسائية"، وفرقة "الوقائيات الاستخباراتية"، إلى جانب 8 أقسام وفصائل تخصصية، بعضها تخضع لإشراف زوجات وبنات وشقيقات قيادات حوثية، وبعضهن يخضعن لإشراف قيادات نسائية تنتمي إلى سلالة زعيم الميليشيا.

وتعدّ الجامعات والمدارس والمنتديات الثقافية والمعاهد والمساجد أبرز الميادين التي تتحرك فيها "الزينبيات". وظهرت العديد منهن وهن يتدربن على إطلاق النار في مناورة شبه عسكرية.

الزينبيات الليبراليات

هناك فريق خاص من تنظيم الزينبيات يعرف بتنظيم الليبراليات السياسيات والحقوقيات، وهذا الفريق هو الأخطر على الإطلاق بين كلِّ فرق الزينبيات، فهو الفريق الأكثر تواصلًا واتصالًا بالمنظمات الأممية المختلفة؛ سواء عبر الأمم المتحدة أم المنظمات الحقوقية، وكذلك فرق التواصل الاجتماعي.

ويأتي على رأس هذا الفريق رضية المتوكل، وابتسام المتوكل، وأمل الباشا، وسماء الهمداني، وغيرهن كثير، وقد فتحت لهن كافة الأبواب الأممية، فضلًا عن وجود واجهات متعددة حقوقية، وإعلامية، ومنظمات مجتمع مدني، وناشطات سياسيات وإعلاميات وحقوقيات وأكاديميات وأديبات.

صحيح أن هؤلاء النسوة لا يسمين أنفسهن "زينبيات"، ويعتبرن أنفسهن فوق تلك التسمية، ومن أنشط هذا الجناح ابتسام المتوكل، وهي من النساء الناشطات منذ زمن مبكر، وذهبت إلى العراق لحضور دورات متعددة تحت لافتة الملتقيات الأدبية، وكان أستاذ تنظيمها الأكاديمي والسياسي العراقي طارق نجم عبدالله مدير مكتب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وذلك من بداية تسعينيات القرن الماضي حينما كان الجميع في جامعة صنعاء.

واستُخدمت بعض النساء الليبراليات من الزينبيات للاستقطاب الخارجي، وبلغ هذا الأمر حدّ العلاقات مع الأجانب على الرغم من تجريمهم وربما تحريمهم زواج الهاشمية بيمني غير هاشمي! ومن ذلك مثلًا لا حصرًا، الناشطة أطياف الوزير التي تزوَّجت برجل من جنسية فرنسية. وغيرها كثير ممن عشن في أمريكا وأوروبا.

. مجلة المنبر اليمني

الحجر الصحفي في زمن الحوثي