مرتكزات التعلم الاشتراطي بحسب نظرية بافلوف

د. عبدالقوي القدسي
الاثنين ، ١٠ أغسطس ٢٠٢٠ الساعة ٠٩:٠٧ مساءً

 

تحدثنا في مقال سابق عن تجربة بافلوف، والتي كان أهم نتائجها ارتباط الاستجابة بالمثير، وأشرنا إلى المثير غير الشرطي (الطبيعي) والذي يُولد استجابة بمجرد حدوثه، فالجوع يتولد عنه البحث عن الطعام والعطش يتولد عنه البحث عن الشراب، وهكذا.. بينما المثير الشرطي وهو الذي يتم التحكم به وتترتب الاستجابة عليه، فصوت الجرس الذي يعني انتهاء الحصة يتولد عنه استجابة الطلاب والقيام من مقاعدهم والخروج من الحصة. يرتكز التعلم الاشتراطي عند بافلوف   على عدد من المفاهيم الأساسية:

1. التكرار: إن التكرار يؤدي إلى سهولة استدعاء الاستجابة الشرطية، فالإكثار من الأمثلة وطرح الأسئلة واستخدام وسائل تعليمية متنوعة وتكرار الكلمات يؤدي إلى التعلم، وربط الكلمات بالصور كذلك فعندما تقدم للطفل صورة أسد  وتكتب كلمة أسد بجوارها، فإن الطفل بالتكرار وإقران الكلمة بالصورة يتعلم وتنطبع الصورة مع الكلمة في ذهنه، فإذا أخفينا صورة الأسد وأظهرنا للطفل كلمة أسد، فإنه يستطيع استدعاء الكلمة وقراءتها.  2. الاقتران الزمني: يفسر بافلوف بأن حدوث المثيرات بفاصل زمني قصير يساعد على تكوين بؤرتين للإثارة في جهازه العصبي الأولى هي بؤرة إثارة خاصة بالمثير الأصلي وهي الأقوى والثانية هي بؤرة إثارة خاصة بالمثير الجديد، وإن الآثار تنتقل من البؤرة الأقوى إلى البؤرة الأضعف مكونة ممراً عصبياً يعمل على ارتباطهما فتحدث الاستجابة المنعكسة.

3. التعزيز: هو حدوث المثير الأصلي بعد المثير الشرطي فالمثير الأصلي يُحدث تعزيزاً للمثير الشرطي ليصبح قادراً على استدعاء الاستجابة الشرطية. فالطالب- مثلاً - عندما يجيب عن سؤال المعلم فيكافأ معنوياً أو بجائزة مادية فإنه يتحفز في المرات القادمة على المبادرة للإجابة، وهكذا.

4. التعميم: إذا تكونت استجابة شرطية لمثير معين، كالجرس مثلاً فإن المثيرات الأخرى المتشابهة للمثير الأول يمكن أن تؤدي إلى نفس الاستجابة، فالطفل الذي عضه كلب وتكونت لديه استجابة الابتعاد عن الكلب، فإنه حتماً سيبتعد عند رؤية حيوانات تشبه الكلاب.

5. الانطفاء والاسترجاع التلقائي: يتضمن الانطفاء تقديم المثير الشرطي باستمرار ولمرات متتالية بدون تقديم تعزيز، وهذا يقود إلى تلاشي الاستجابة الشرطية تدريجياً وفي النهاية تختفي وتسمى هذه الاستجابة شرطية مطفأة (Extinction) . فصوت الجرس المؤذن بانتهاء الحصة وبداية فترة الراحة إذا إلغاء فترة الراحة، فإن التلاميذ بعد فترة لا ينطفئ عندهم الحماس عند سماع صوته؛ لأن فترة الراحة قد ألغيت . والطالب عندما يطلب الإذن له بالإجابة أكثر من مرة، ولا يتم التجاوب معه في كل مرة، يصل إلى الإنطفاء. وعندما يجيب الطالب بشكل صحيح ولا يجد تعزيزاً إيجابياً في كل مرة ، فإنه لن يبادر  إلى الإجابة لاحقاً؛ لأنه وصل إلى ما يسمى بالانطفاء.

يحدث التعلم بالتكرار والتعزيز، ويحدث التعميم لدى المتعلم من خلال جملة المثيرات التي يستخدمها المعلم وكلما كانت وسائل المعلم المتنوعة فعالة كان التعلم فعالاً، فالمعلم إذاً يقوم بإبداع وسائل التعلم التي تثير المتعلمين وتدفعهم للاستجابة، فالقصة والمسرحية، والانفوجرافيك واللعب والمناظرة والحوار والتعليم ضمن فريق والأنشطة الصفية واللاصفية كلها تُعد كمثيرات تدفع المتعلمين للاستجابة والتفاعل والتعلم. ويمكن من خلال قانون الانطفاء معالجة بعض السلوكات السلبية للمتعلمين، وفي المقابل الحذر من وصول البعض إلى العزوف عن التعلم. 

دور المعلم أو الأستاذ الجامعي محوري وهام في ترتيب المثيرات الكفيلة بجذب استجابات المتعلمين وحدوث التعلم، ولذلك فإننا نؤمن بالمعادلة التالية: مُعلم فعال + مُتعلم فعال = تعلُّم فعال.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي