الانتشار فكرة عبقرية تحتاج مثالية و قيم!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الثلاثاء ، ٢١ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ١١:٠٣ مساءً

كنت اتصفح الفيس بوك و طلع امامي صورة تقول هذه هي المسافة, التي قطعها العرب من الجزيرة العربية إلى اسبانيا, يقصد صاحبها في الفتوحات الإسلامية من أجل يقولون للاسبان "لا إكراه فى الدين" , و يقصد صاحبها التمسخر هنا. و هناك من يقول ان العرب لم يتجهوا الى افريقيا لنشر الاسلام و انما اوروبا و السبب النساء. و الصحيح من الاخر, افريقيا لم تشكل تهديد للامبراطورية العربية الاسلامية و انما الحروب و الغزوات كانت من الشمال و من الشرق بشكل مبسط حتى عندما كان العرب قبائل قبل ان يخرجوا من جزيرتهم.

و من هنا يكون الصحيح أن الإمبراطورية العربية الإسلامية مثلها مثل غيرها من الامبراطوريات لابد من حماية ذاتها و التوسع الى قلب التهديد لاسيما فقد حاربت بيزنطة العرب ٥٠٠ سنة و حتى الحروب الصليبة الاولى كانت نقط تجميعها القسطنطنية. الامبراطورية البيزنطية امتدت في حروبها ليس للشام و مصر و انما الى شمال أفريقيا و كذلك الحال مع الامبراطورية الفارسية فهي لم توزع ورود للشعوب المقهورة. العرب بنظر الفرس و الروم البيزنطيين كانوا مجرد بدو رعاة الشاة و الجمال لا اكثر و لا يجب ان يكون معهم كيان يذكر و لذلك حشدوا ٤٠ الف مقاتل للقضاء على دولة المدينة في بدايتها, و لذا كان طبيعي أن تولد دولة من رحم المعاناة و تعتق شعوب الأرض من الظلم و القهر و تسترجع الكرامة, وما معركة يوم ذي قار قبل الاسلام للعرب الا معركة ضد التجبر و الغطرسة و الظلم .

الادوات اليوم تغيرت لكن لازال التسلط الدولي موجود بشكل اخر و ما مع امريكا اكثر من ١٠٠٠ قاعدة عسكرية في العالم ليس بعيد عنا ولا تلك القواعد توزع ورود و حلوة و انما لتحقيق اهدافها و نشر فكرها و الهيمنة. اليوم الفكر تغير و لذا ليس من العدل التهكم على ناس ارادوا يكونوا احرار و امة قبل ١٤٠٠ سنة حتى و ان كانت هناك أخطاء فذلك من تدافع البشر. العرب لم يمن احد عليهم, انتزعوا اوطانهم بسيوفهم و شكلوا لهم دولة و بزمان قياسي و بطريقة عبقرية. لم يكونوا الاكثر و لكن كانوا الافضل في القيم بين ماهو موجود وقتها و هذا ما جعلهم ينتصرون على الظلم و التجبر و الغطرسة حتى و ان كانت هناك اخطأ. فبلاد العراق عربية و الشام عربية و قبائل المغرب تعود اصولها لنا, فهل نتركها تحت الاحتلال حتى لا يأتي شخص بعد اكثر من ١٤٠٠ سنة يقول كان المفروض ننهج اسلوب النقاش الناعم و نلتجىُ للامم المتحدة لنقول لبيزنطة ان تخرج ؟

الم يقرر الرومان إنهاء الدولة العربية الجديدة في المدنية, و التي تبعد عن عاصمتهم ومركزهم اكثر من ٢٤٠٠ كم, و خرجوا بجيوش عرمرمية تقدر ب ٤٠ الف مقاتل في تبوك, فهل نحن قلنا لهم تعالوا ارضنا؟ في اليرموك حشدت الامبراطورية البيزنطية ٢٤٠ الف جندي ضد العرب, فهل نحن قلنا لهم تعالوا ارضنا؟ و في القادسية حشد الفرس ٢٠٠ الف مقاتل و ٣٣ فيل ليس لتوزيع الحلوى و لكن لسحق العرب و في ارضنا. انتصرت دولة المدينة بدافع العدل و الحرية و الطموح و القيم و العقيدة و تم تحرير العرب من العبودية و التبعية الى ان ضيعها من ينتقد اليوم بهم .

التوجه لشمال افريقيا كان ضرورة لدولة مستهدفة خرجت من تحت الصراع لتحرير الشعوب المقهورة من ظلم الامبراطورية البيزنطية, و التي حكمت شمال افريقيا ايضا, و التي كانت مقاطعات بيزنطية ايضا و رغم دحر بيزنطة الا ان بقاء القسطنطنية برغم بعدها جعلها تستنفر اوروبا لحرب العرب و لم تتوقف الا بعد السلطان الفاتح. و بدل من ان تذرعوا المسافة من جزيرة العرب الى اسبانيا انظروا لحالكم فلولا ابائكم و سيوفهم و العقيدة لكانت اوروبا بعد النهضة اخذتكم كعبيد بدل الافارقة, و بدل من عرض التاريخ لنتعلم و نرتقي نحاول نقلل من ابائنا و اجدادنا و نحن اليوم عرة الامم. لم نسأل انفسنا كيف ل ٣٠ الف مقاتل ان يهزموا ٢٤٠ الف جندي في اليرموك و تقريبا مثلهم في القادسية و يحرروا شعوب مطحونة و فيها ملايين البشر, و كيف تغيرت ثقافة تلك الشعوب دون عنف؟ و كيف حكم المسلمون الهند ل ١٠٠٠ عام دون ان يجبروهم على الدين؟

العبقرية ان اجدادنا دخلوا اسبانيا و كانت خاضعة للإمبراطورية الرومانية و حاكم سبتة حسب الرويات الاسبانية و ليس العربية استنجد بالعرب في القيروان لتخليص الناس الظلم. و عندما وصل طارق لم يصل بمليون جندي و انما بسبعة آلاف رجل و بعده موسى ب ١٨ ألف رجل فهل يعقل ان تخضع الجزيرة الأيبيريه كلها للعرب و يقبل الايبرين التحول في ضربة واحدة الى الاسلام و يتركوا أعرافهم و تقاليدهم و ديانتهم و فوق ذلك يواصل العرب إلى فرنسا وهم ظلمة و مغتصبين؟ اما كان تحرير البشر من تجبر الظالمين كانت هي القيم والعرب كانت لديهم بضاعة هي الافضل و سوقوها.

النجاح و الانتشار فكرة عبقرية تحتاج محركات من المثالية والفضيلة والقيم مع تراكم الظلم في الطرف الاخر, و لكي يقبلوا بك كقوة جديدة و يتنازلوا على قيمهم يعني ان بضاعتك كانت الافضل اما كيف تم تصنيفك أو تصنيف عملك فيما بعد هل هو استعمار او فتح ليس مهم بقدر كيف الناس وقتها عاشت معك وما هو ميزان الدولة و ما تقوم به امريكا و الغرب اليوم الا نفس السياق مع اختلاف الادوات و العصر.

واخيرا بعد ١٠٠ سنة او ٢٠٠ سنة من الان سوف نذكر العرب انهم انتصروا قبل ١٥٠٠ سنة او ١٦٠٠ سنة لذاتهم و كرامتهم و طموحهم و انهم هزموا امبراطوريتين باقل من ٧٠ الف مقاتل و غيروا الكوكب, لكن لو نظروا بعد ٢٠٠ سنة لنا وما نعمل سوف يقولون العرب كانت ذيل الامم و بيئة الهزائم, كونهم شغلوا حالهم بتقيم عمل اجدادهم و نسوا هم ان يعملوا شيء. وقتها نكون نحن جيل الهزائم و الاخفاق و سلات الغذاء و الهدرة الفاضية و اجدادنا لازال لهم قيمة في بناء الحضارة الانسانية التراكمية بصوابها و اخطائها, التي تجني انت الان ثمارها.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي