اليمن ساحة لصراع إقليمي

عبدالناصر العوذلي
الثلاثاء ، ٢١ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ٠٤:٥٥ مساءً

 

نحن اليمنيون واليمن بشكل عام، ضحية الأقليم وسياساته الخاطئة، لم ينظر لنا الإقليم يوما ما  نظرة الأشقاء ولم يسع  لأحتوائنا والتعامل معنا من منطلقات الإخاء، بل مارس الإقليم علينا سياسة الإقصاء والتهميش وأيضا  الإنتقاص والتحقير من وضعنا وظل الإقليم وعلى مدى عشرات السنين يتعامل معنا تعامل الغني مع الفقير . 

عند تأسيس مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو 1981 لم تكن اليمن ضمن منظومته وتم تجاهل اليمن وحرمانه من التواجد في هذا الإطار  السياسي الإقليمي لأسباب واهية وكان بالإمكان لو وجدت النوايا الصادقة والنظرة الأخوية تأهيل اليمن ليكون دولة لاتختلف عن محيطها الإقليمي واليمن لديه من المؤهلات ماتجعله  يواكب التطور وينخرط في عملية البناء المجتمعي والبناء المؤسسي ليكون دولة عربية متكافئة مع  دول الجوار 

ولكن ابى محيطنا الإقليمي أن يجعلنا جزءا" منه وتركنا منبوذين هملا   وحين رفضنا العرب تغلغلت فينا العجم واصبحنا ساحة لأجندات عدة تحاول أن تجعل منا بؤرة توتر للإضرار اولا بالجوار وثانيا  للإستئثار بالموقع الجغرافي الذي يميز اليمن عن غيره من الدول وهكذا عصفت رياح الفتن باليمن وتصارعت فيه الأجندات الإقليمية والدولية وأصبحنا ساحة لصراع إقليمي ودولي لا يهدف لخير اليمن واليمنيين بل يريد تمزيقنا إلى دويلات  وجماعات متصارعة لا تستطيع بناء دولة قوية مستقرة ذلك أن مشاريعهم لا تستطيع التبلور والنجاح إلا في ظل الفوضى وعدم الإستقرار  وفي ظل اللا دولة .

كان يجب أن تكون اليمن إحدى دول مجلس التعاون الخليجي لأنها بحكم الموقع والتاريخ جزء لا يتجزأ  من النسيج الإجتماعي لدول الجزيرة والخليج ولكن كان هناك من يرى أننا غير مؤهلين لنكون ضمن هذا التجمع وهذا هو الخطأ الفادح الذي ارتكبته دول المنطقة لأن اليمن من منظور الأمن القومي العربي هي العمق الإستراتيجي والأمني للمنطقة برمتها وأي خلل  يحصل لأمن اليمن سينعكس سلبا على جميع دول المنطقة وهذا ما لم تفقهه  هذه الدول التي نأت بنفسها عن اليمن وظنت انها بذلك  تعزل دولة القات لأن هذه الدول  رأت فيه تخلفا  مع انه افضل من أصناف المخدرات التي يتم تهريبها من إيران إلى جميع هذه الدول وكان بالإمكان وضع  خطة لتقليص زراعة القات  لو أنه  كان من ضمن أسباب إقصائنا وكان بإمكاننا زراعة البن بدلا عنه والمحاصيل الاخرى ليكون اليمن سلة غذائية تغذي الجزيرة والخليج  . 

مازال اليمن إلى اليوم ضحية الإقليم فالكل يتصارع ويتقاتل على ارضه والدماء  التي تسيل وتسفك هي من دماء ابنائه لم تعد الأمور في نصابها الحقيقي  اصبحت هناك مشاريع واستثمارات اقتصادية حرفت مسار الحرب  التي ظاهرها إعادة الشرعية والدولة اليمنية وباطنها بناء كانتونات وجماعات مسلحة تدعم أجندات الفوضى وعدم الإستقرار  لأن هذه الأجندات لا تستطيع أن تمر وتنفذ في ظل وجود دولة يمنية مستقرة ولذلك يعمدون إلى عدم إتاحة الفرصة لعودة الرئيس والحكومة لتمارس عملها من الأرض اليمنية ففي ذلك نهاية للمشاريع التي تبلورت خلال الخمس السنوات المنصرمة .

لم يكن وصول الحوثيين إلى إسقاط صنعاء ثورة حوثية بل كانت خطة إقليمية رعتها ومولتها  الإمارات من خلال  هاجسها في إجهاض ثورات الربيع العربي والتخلص بعد ذلك من تيار الاخوان المسلمين والذين تراهم الإمارات  الخطر الذي يهدد كيانها ولأنها أيضا تنفذ سياسة غربية وصهيونية  عمدت الإمارات إلى دعم الحوثيين وهم جماعة مؤدلجة بفكر إيران والامارات تدرك ذلك ولكن الغريب هل  كانت  المملكة تدرك  هذه الخطورة وهي الملاصقة لليمن وتتأثر بما يدور فيه مباشرة أكثر من الإمارات التي لاتربطنا معها حدود وجوار ومع ذلك مضت سياسة الإمارات في دعم الحوثيين ماديا ولوجستيا واتاحت الفرصة لتمكين إيران من مقاليد الأمور من خلال مطيتهم الحوثية، وأدركت المملكة هذه الخطورة فكانت عاصفة الحزم التي انطلقت في  26 مارس2015 لتدارك الخطأ السابق  .

ودخلت الإمارات على خط التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ولكنها دخلت لتحقيق مالم تحققه سابقا من خلال تماهي النظام السابق معها والذي أعطاهم ميناء عدن عبر شركة موانئ دبي التي جمدته حتى جاء نظام الرئيس عبدربه منصور هادي والغى  ذلك العقد المجحف واعاد ميناء عدن إلى حضن الدولة اليمنية ومازالت الإمارات تنظر  بنظرة العداء للرئيس وللشرعية ولذلك سيطرت  على عدن وصنعت جماعات مسلحة تحفظ لها وجودها  ومنعت تواجد الرئيس والحكومة وبهذا نحن مازلنا ضحية للإقليم وسياساته الخاطئة ومع كل محاولات تذويب الهوية اليمنية وتفتيت المجتمع اليمني ومحاولة دعم الفوضى سيظل اليمن عصيا على كل اجندات ومشاريع التقسيم والتفتيت لأن اليمن دولة حضارة ولايمكن أن تستمر حضارة الطفرة النفطية في العصف بنا أو تفتيتنا لأنها دويلات  ناشئة لا تحمل خواص وخصائص دولة يمكن لها أن تستعمر اليمن   .  

اليمن يمرض لكنه لايموت وعلى ثراه تموت كل المشاريع الاستعمارية والقادمة من خلف البحار اليمن مقبرة الغزاة  ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي