الجالسون على هامش الحياة

محمد بالفخر
الخميس ، ٠٢ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ٠٦:٠٤ مساءً

آفات الفراغ في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل وتختمر جراثيم الفناء،

 إذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى ... الشيخ محمد الغزالي رحمه الله.

إن أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به شعبٌ أو جماعةٌ أو أفراد هو أن يعيش الانسان هامشيا على الحياة تافه الهوايات والرغبات عاطل الفكر، يستوي ليله ونهاره ولا فرق بين نومه ويقظته لو تحدثت معه ألف مرة فلن يخرج حديثه معك عن المستطيل الواقع بين معدته وركبتيه، قصصه لا تخرج عن قيلٍ وقال ورأيت هذا هنا وتلك قابلتها هناك.. لبست فأبليت وأكلت وشربت حتى ارتويت!!

العاطلين عن الفكر أخطر على المجتمعات من العاطلين عن العمل ولقد رأيت عاطلين عن العمل يحملون فكرا متقداً يحاولون اكتساب المعارف ويجددون أفكارهم بشكل جيد وبعضهم يعملون في حرف ووظائف تكفيهم السؤال وان كانوا يستحقون أفضل منها وبعضهم لم يوفق بوظيفة أو عمل ثابت ولا أدري اين يكمن الخلل؟ وايضا لن اتوقف هنا للحديث عن هذه الجزئية لعلي افرد لها مقالا خاصا.

الجالسين على هامش الحياة لم يكتفوا بكونهم عالة على الكون ورقم حسابي لا يضيف وجوده شيء ولن يخسر العالم بنقصانه شيء أيضا لكنهم يصدرون ضجيجا حولهم بترديد تُرهات سمعوها من هنا وسخافة لا يقبلها المنطق والعقل ربما وصلتهم من مصدرهم الوحيد لتلقي المعلومة (رسائل التدوير التي يمتلئ بها وتس اب)

هامشي الفكر والاهتمامات والتصرفات والهوايات ومن اغلق عقله وابتلع المفتاح مع احدى وجباته الدسمة للأسف كثير.

هل اختفت المهمات من الحياة حتى جنح البعض لسقط الحديث وأتفه الاهتمامات لتكون برنامجه اليومي وعلى مدار الساعة؟

اين الخلل؟

وما الذي جعل الناس يقذفون أوقاتهم كطفل وجد علبة فارغة على قارعة الطريق فهو يركلها أمامه لا يهمه اين سينتهي بها.

هل مصادر التعلم والثقافة اختفت وصعب الحصول عليها؟ على الرغم أننا نعيش في عصر أتيحت فيه مصادر القراءة والحصول على المعلومات كما لم يكن من قبل!

يقول ابن الجوزي رحمه الله في رسالة لطيفة نصح بها ولده على حفظ الوقت والاشتغال بما يفيد:

’’ واعلم يا بني أن الايام تبسط ساعات والساعات تبسط أنفاسا، وكل نفس خزانة فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم.. وانظر كل ساعة من ساعاتك بما تذهب فلا تودعها الى أشرف ما يمكن ولا تهمل نفسك وعودها أشرف ما يكون من العمل واحسنه وابعث الى صندوق القبر ما يسرك يوم الوصول اليه.

ولعل قائل يتعذر أن هؤلاء قوم لهم زمانهم ولنا زماننا كلا يا صديقي فالوقت والحرص على النافع فيه هو الوقت واستثماره هدف الناجحين وديدن العقلاء في كل زمان وحين.

يقول عباس العقاد رحمه الله:

 لست أهوى القراءة لأكتب ولا أهوي القراءة لأزداد عمرا في تقدير الحساب وإنما أهواها لان عندي حياة واحدة في هذه الدنيا وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة،

 والقراءة وحدها هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة لأنها تزيد الحياة من ناحية العمق وان كانت لا تطيلها بمقدار الحساب ... انتهى

الحجر الصحفي في زمن الحوثي