ما هو الفرق بين "بيان" الانتقالي و "تصريح" السفير السعودي ..؟!

د. علي العسلي
الأحد ، ٣١ مايو ٢٠٢٠ الساعة ١٢:١٩ مساءً

لاشك أن هناك فرق كبير بين بيان الانتقالي الأخير، وبين تصريح سعادة سفير المملكة العربية السعودية، فرق جوهري بين الاثنين في القول والفعل، الاثنين يتحدثان ربما عن نفس الهم ولكن واحد بلغة الواثق المعطي، والآخر بلغة الادعاء والمتأمل الأخذ، وبإمكانكم العودة للبيان وتصريحات سعادة السفير..

فقد تناولت  بعض المواقع خبر بيان  المجلس الانتقالي ووصفته تلك الموقع  بأنه  بيان عقلاني ومنطقي وغير متهور، إذ تخلى فيه المجلس عن الادارة الذاتية للجنوب.. شخصيا لم أرى أن هذا الوصف دقيق، فلربما من حيث الشكل جائز ، لكن من حيث المضمون فقد أشار البيان لما قام به المجلس عبر لجانه المشكلة من وحي تشكيل الإدارة الذاتية للجنوب والذي انيطت بها مهام إدارة المؤسسات  بعد إعلان الإدارة الذاتية، فعملت تلك اللجان تحت مظلة الإدارة الذاتية للجنوب، ويمكن الاستشهاد من البيان!؛ حيث جاء فيه:  "ولقد عملت فرق المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل مكثف لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية والحفاظ عليها حيثما أمكن، ولكن هناك حاجة إلى المزيد..." هذه الاشارة تعني المطالبة بالمزيد من السيطرة على المؤسسات ولا تعني التراجع مطلقا؛ بل هناك تفاخر بما تم والمطالبة بالمزيد، الشيء المثير للضحك أو للسخرية أو للاستغراب أن يربط البيان بين الحالة الانسانية والمجلس والمباحثات التي يجريها رئيسه بالرياض وبين مؤتمر المانحين الذي سينعقد  بالرياض افتراضيًا يوم الثلاثاء القادم، ومن ثمّ الادعاء بالدور والتأثير، وبالتالي الدعوة للمانحين بالتبرع بسخاء من أجل الجنوب، وإن إبداء الاهتمام بالجانب الانساني هو هروب من  تحمل مسؤولية الوفيات المخيفة بالعاصمة المؤقتة عدن  بعد اعلانهم سيء الصيت في الإدارة الذاتية للجنوب، فقد ورد تصريح منسوب للأمين العام للأمم المتحدة أن الكارثة الإنسانية في عدن هي الأعلى بالعالم  جراء جائحة "كورونا"  وأن نسبة  الوفيات من المصابين بلغت  ١٧ ٪  وهذه النسبة هي الأعلى بالعالم، وهذا البيان يأتي ايضا بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية أن أولوياتها في هذه المرحلة هو الجانب الانساني حيث دعت إلى عقد مؤتمر للمانحين سينعقد منتصف هذا الأسبوع ..!؛وكأني بالمجلس الانتقالي ببيانه قد استبق  ذلك المؤتمر الذي نوه وأشار اليه سعادة السفير السعودي إلى اليمن في تصريحه الأخير المتداول على نطاق واسع ، فالانتقالي حاول توظيف جهد السعودية لصالحه وكأن الذي يحدث هو بفضل وجود الزبيدي بالرياض .. فالبيان جاء تحت عنوان "أخر المستجدات الجارية في الرياض والأوضاع الإنسانية في الجنوب" فالمستجدات الجارية بالرياض أن الزبيدي هناك والايحاء لأبناء الجنوب أن الانتقالي أصبح شريك اقليمي يعتد برأيه ومقترحاته، وقد استطاع إقناع المملكة على التلازم  والتوازي بين المسارين الانساني الكارثي  بالجنوب والمسار السياسي.. و يأتي الملف الإنساني على رأس هذه المشاورات، وادعا البيان في ديباجته من أن الرئيس الزبيدي يجري مباحثات هامة قبيل انعقاد مؤتمر للمانحين  مع قيادة المملكة العربية السعودية؛ وفيه ما يوحي أو يشير إلى أن مؤتمر المانحين المزمع عقده قد يكون أحد تجليات المباحثات المذكورة، أو أنه جاء تلبية لمطالبة المجلس الانتقالي برئاسة الزبيدي بذلك؛ وركز البيان على  الجنوب وكأن المانحين  والمملكة قد اقتنعت بالإدارة الذاتية للمجلس عندما شكر المملكة لدعم مؤسسة  كهرباء عدن المسيطر إداريا عليها من قبله، وما هذا المؤتمر الا تتويجاً لاستكمال جهود المجلس في توفير الخدمات للعاصمة المؤقتة والجنوب؛ وكأن الأمر برمته متعلق فقط بالجنوب _بفعل جهود وفد المجلس" وليس من أجل اليمن..!؛ وهذا طبعا هراء افتراء وتطفل على ما تقوم به السعودية من قبل تشكل المجلس الانتقالي !، ومن قبل وجود الزبيدي في الرياض..!؛  وأعلن البيان عن موقف المجلس، حيث هناك  فقرة فيه  تقول :" يتمثل موقف المجلس الانتقالي الجنوبي في أن النهج الشامل فقط هو الذي سيعالج الأسباب الجذرية للمعاناة في الجنوب. ولهذا السبب قدمنا مقترحات ملموسة تستند إلى عمل لجنة الإغاثة والعمل الإنساني لدينا لحل قضايا رواتب موظفي الخدمة المدنية والكهرباء والمياه والصرف الصحي بدعم من شركائنا الإقليميين.".. هكذا يدعي المجلس انه قدم مقترحات ملموسة تتعلق بموظفي الخدمة المدنية والذي لم يسميهم الجمهورية هم  موظفو الجنوب فقط؟! _الذي واضح بالمنهج الشامل الذي سيعالج المعاناة للجنوبين_، أم موظفو عموم  الجمهورية اليمنية؟؛ وهل الحديث عن الكهرباء للجنوب وحده ام الجنوب والشمال أم مناطق سيطرة الشرعية ..؟! وهكذا...؟؟؛ وذكر البيان ايضا  أن كل ما قام به المجلس بدعم من الشركاء الإقليمين فمن هم شركاء المجلس الإقليمين؟؛ وهل السعودية تعتبر من شركاء المجلس الانتقالي الإقليمين..؟!؛ ورب صدفة خير من ألف ميعاد كما يقال.. فقد أدلى السفير السعودي لدى اليمن - المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن محمد آل جابر بتصريح؛ فيه من الرد الشافي والكافي على مثل هذه تلك لادعاءات التي  حملها بيان الانتقالي، فبين أن التحالف جاء لدعم الشرعية  ولا يزال يدعمها، _ولا يعقل طبعا أن تتبنى السعودية أي انقلابين أو متمردين ضد الشرعية المستضيفة لها _..!؛ و أكد سعادة السفير أن المملكة ستساهم بمبلغ 500 مليون دولار في خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن، منها 25 مليون دولار لمكافحة فايروس كورونا المستجد.. وتعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر المانحين لخطط الاستجابة الإنسانية سواء عبر الأمم المتحدة في اليمن أو بشكل مباشر لليمن..

وأشار كذلك سعادة السفير  إلى أن التحالف سيعمل جنباً الى جنب مع الحكومة اليمنية على استمرار تسهيل وتسريع إجراءات توريد المواد الغذائية والأدوية ومواد الطاقة الحيوية عبر ميناء الحديدة لضمان وصول هذه الإمدادات إلى وجهاتها المقصودة ولمساعدة الشعب اليمني في هذه الظروف العالمية غير العادية، إلى جانب استمرار التحالف على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية وتمكين جميع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الإنسانية التي تعمل في اليمن للمساعدة في ضمان صحة وسلامة الشعب اليمني." وبين البيان وتصريح السفير فرق  كبير وجوهري؛ فسعادة السفير يتكلم عن اليمن كل اليمن، بل أنه ركز على ميناء " الحديدة" تحديدا في وصول الأغذية والأدوية والمساعدات لمستحقيها  .. ونوه إلى أن تنظيم المملكة العربية السعودية بالشراكة مع الأمم المتحدة يوم الثلاثاء المقبل مؤتمر المناحين لليمن 2020م افتراضيًا استمرارا لدعم المملكة للشعب اليمني الشقيق خلال العقود الماضية .. نعم! يا انتقالي استمراراً للدعم للشعب اليمني خلال العقود الماضية.. هذه السعودية.. أما المجلس الانتقالي فعمره فقط عدة  شهور..!؛ فلماذا إذاً  كل هذا التطاول واستغلال وتوظيف مرونة المملكة مع المجلس؟!؛ وتلك المرونة والدلال  حدت بالمجلس الانتقالي  إلى  تقديم  نفسه وكأنه الرقم الأصعب تجاوزه، والأهم في المعادلة السياسية اليمنية والجنوبية منها على وجه خاض ..!؛

بينما الواقع يقول انه  لولا "الامارات" لما كان لأحد أن يشير إليه أو يذكره.. فقياداته  مجموعة منتفعين تضرروا من قرارات الرئيس، فتمردوا عليه..!؛ وجاءهم  الدعم  الإماراتي.. هذه هي الصورة الواقعية لهذا المجلس .. لا أقل ولا أكثر..فاعقلوا وترزقوا فتح الله عليكم، لكن  من غير إحداث الأذى بعموم اليمنين..!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي