التغيير السياسي في الخليج

عبدالناصر العوذلي
الأحد ، ١٠ مايو ٢٠٢٠ الساعة ٠٦:٠٩ صباحاً

المتتبع للشأن الخليجي والمراقب لما آلت إليه ديموقرافية المنطقة وتركيبتها السكانية يرى بما لا يدع مجالا  للشك أن التغيير السياسي في الخليج العربي آت لامحالة وربما ذلك  قريبا جدا خصوصا أن الأكثرية الآسيوية وعلى وجه التحديد الهندية   قد أعطيت مساحة واسعة في البناء والتنمية وأصبحت هذه الجالية تشكل حضورا قويا في التركيبة السكانية وهي  ركيزة أساسية  من ركائز الإقتصاد الخليجي حيث وهي تملك للعديد من الشركات والمؤسسات والبنوك التجارية ..

ومما يثير الإستغراب أن هذا التغيير  الديموغرافية كان ومازال  يتنامى يوما بعد يوم خصوصا في الإمارات تحديدا ومن بعد ذلك بنسب متفاوتة في  بقية بلدان الخليج العربي  التي أصبحت اشبه بولايات هندية وآسيوية  في ظل غفلة وعدم إدراك لما قد يؤول اليه وضع المنطقة من كثافة هذا الاستيطان القادم من شرق آسيا والقارة الهندية .

 ومما يشير إلى أن التغيير السياسي في الخليج قادم لا محالة أن الإمارات بطريقة لا استطيع فهما قد أوجدت لهذه الكيانات مراكز روحية عن طريق بناء دور العبادة للديانات  الوافدة   البوذية والهندوسية والصفوية والزرادشتية وغيرها مما قد أعطى لهذه الجماعات  كينونتها وديمومتها فالمراكز الدينية والفكرية هي التي تؤصل لهذه الكيانات و تعطيها  حق البقاء والتجذير لتصبح جزءا من التركيبة السكانية المتأصلة بالفكر من خلال هذه المراكز الروحية  .

 إن هذه الكيانات  المتكاثرة جاءت وقدمت إلى الخليج كعمالة  بغرض المعيشة فاستوطنت وتكاثرت ولم يكن ينقصها إلا وجود مراكز تعبئة دينية لتكون حافزا وموجها وداعما لأنهم قد أصبحوا أكثرية عددية وهذا الذي كان ينقصهم وهو دور العبادة وقد توفرت هذه  الأسباب وبنيت لهم دور عبادتهم وجاء كريشنا لينتصب في ابو ظبي معلنا بداية عهد جديد فلم تعد فيه جزيرة  العرب حكرا على الإسلام  ..

 وبهذا نستطيع القول أن شروط مواطنتهم قد اكتملت فهم يشكلون ثقل ديموغرافي واقتصادي  وفكري معترف به ولهذا  فمسألة التغيير السياسي  مسألة وقت لا أكثر وربما هم في طور التحضير لذلك لينطلقوا نحو المطالبة بحقوقهم الديمقراطية في الوصول إلى القرار السياسي والى احقيتهم في المشاركة في السلطة وقد قرأت سابقا مقالا للكاتب الإماراتي دكتور حسين غانم غباش وهو يدق ناقوس الخطر ويتساءل متى سيكون الخليج بقيادة غير عربية في ظل أكثرية هندية وآسيوية. 

و في احتفال الإمارات بافتتاح المعبد الهندوسي  قال أحد المسؤلين الإماراتيين  القائمين على الحفل وهو يمجد إله الهندوس  《 المجد للإله  كريشنا 》بما يدل على قبولهم بالتعدد الفكري وهذا مؤشر خطير جدا وهو بعطيهم حق التمكين سواء كان الإماراتي  قاصدا ذلك أو قالها مجاملة أو بعفوية أو  بجهل لكنها حملت معنى الترسيخ والتجذير  لجماعة أصبحت جزءا من المجتمع الإماراتي والخليجي بشكل عام .

اعتقد اننا كعرب لاتنطلق في في قراراتنا وتوجهاتنا من خلال مراكز بحث علمي وقرارنا السياسي بعيد كل البعد عن الدراسات البحثية الإستراتيجية ولذلك فهو قرار سياسي قاصر لأنه غير مبني على أسس علمية و لم ينطلق من   دراسات تبين المصالح والمفاسد لهذه الأفواج التي اجتاحت المنطقة العربية وتحديدا الخليج. والإمارات على وجه الخصوص .

والنتيجة أن الخليج العربي  منذ سبعينيات القرن الماضي وهو فاتح أبوابه للهجرة الآسيوية والتي أصبحت تشكل أكثرية عددية، وفتح لهذه الهجرة آفاق واسعة وتسهيلات كبيرة حتى وصل البعض منهم إلى تشكيل إمبراطوريتات اقتصادية مهولة تمسك عصب إقتصاد   البلاد  ومما لاشك فيه أن الإقتصاد دينمو الحياة ففي أمريكا يشكل اليهود عصب الإقتصاد الإمريكي ولذلك السياسة الأمريكية هي رجع صدى" لسياسة الكيان الصهيوني. 

وفي الخليج العربي يشكل الهنود  امبراطورية إقتصادية كبيرة والدليل ان تاجر واحد استطاع أن يتحايل على أكبر البنوك الخليجية  ويخرج منها بأكثر من  خمسة وعشرين مليار بدون أي ضمانات .

والسؤال الذي يطرح نفسه هل  سيظل الخليج منتظرا قدره لتغيير سياسي يصل إلى مركز القرار السيادي خصوصا في  الإمارات التي يشكل الهنود فيها  مانسبته أربعة ملايين نسمة .

 أم سيكون هناك إعادة ترتيب يعيد التوازن لصالح العرب في خليج لم يعد أكثريته عربية .

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي