النظام العالمي الجديد: من القطبية إلى التوازن

محمد المقرمي
الثلاثاء ، ٢١ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ٠١:١٢ صباحاً

 

انهيار العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي بنسبة ١٤٧٪؜ يكشف مقدمة انهيار الاقتصاد الأمريكي أمام الاقتصاد الصيني والسقوط من القطبية والتسليم بالتوازن في النظام العالمي الجديد.

يُقاس اقتصاد الدول على إجمالي الناتج المحلي؛ حيث كان في العام ٢٠٠٠ الناتج المحلي الأمريكي ٨ ترليون دولار تليها اليابان ٤ ترليون دولار ثم ألمانيا ٣ ترليون دولار وكانت الصين لا تتجاوز ١ ترليون دولار؛ حيث كانت لا تزال متأثرة بالحرب البادرة التي تفكك جراءها الاتحاد السوفيتي والنظام الاشتراكي الذي تعد الصين أحد أهم أعمدته، ونتج عنه اختلال التوازن العالمي لمصلحة أمريكا كقطب أوحد يتحكم بالعالم. 

بينما تصاعد الاقتصاد الصيني في العام ٢٠٠٩ ووصل الى ٨ ترليون دولار وبقيت اليابان وألمانيا في مكانهما القديم فهاتان الدولتان (اليابان وألمانيا) مع فارق بسيط تحت وصاية أمريكا منذ محاولتهما السيطرة على العالم وبسببها اشتعلت الحرب العالمية وانتهت حربها الثانية بتفكك ألمانيا وانهيار اليابان، بقيت اليابان مرتهنة في سياسيتها الخارجية لأمريكا وإلى اليوم بعد قنبلة هوريشيما التي لا تزال آثارها إلى اليوم.

استمرت الصين بالتوسع بشكل أفقي عبر الاقتصاد فوصلت مع نهاية العام ٢٠١٩ بإجمالي ناتجها القومي إلى ١٤ ترليون دولار واقتربت من أمريكا الذي يصل ناتجها المحلي إلى ٢٠ ترليون دولار في العام الذي يبلغ فيه الاجمالي المحلي العالمي للدول مجتمعة ٨٠ ترليون دولار وتتجاوز  الديون العالمية ٢٤٠ ترَليون دولار الأمر الذي سيرغم أمريكا إلى القبول بالصين كشريك مناصف في ريادة العالم خلال الخمس السنوات المقبلة وستتجاوز الصين أمريكا خلال العشر السنوات القادمة بأريحية، ولن يكون هناك انتصار للاشتراكية على الرأسمالية بمفهومها التقليدي؛ فيكاد يكون هذا الصراع قد رحل إلى اللاعودة، فالدول الاشتراكية اليوم قبلت بالنظام الرأسمالي كأمر واقع وبنت عليه نظامها الجديد مع الاحتفاظ الطفيف بالأصول.

إن انهيار النفط الخام الأمريكي اليوم بهذا الشكل المريع سيكون مؤقتًا لتسليم مايو في ظل ركود الاقتصاد  وتؤثر التجارة العالمية بعد توقف الطيران وحركات النقل على المستوى الدولي والمحلي بعد الإغلاق المؤقت بسبب كورونا التي تقول أمريكا أن مصدرها الصين.

قدمت الصين مع جائحة كورونا ٢٧ ترليون يوان وهو ضعف ناتجها القومي لتحافظ على اقتصادها وتمكنت من إدارة الأزمة حتى العودة التدريجية للحياة الطبيعية، بينما تغرق أمريكا اليوم وتتخبط لعدم قدرتها السيطرة على جائحة كورونا بعد الارتفاع المهول فيها لعدد الوفيات والإصابات والإغلاق شبه التام لاقتصادها.

ويأتي هذا الانهيار لتغطية العجز فواردات الحكومة الأمريكية قبل الأزمة لهذا العام ثلاثة ونصف ترليون دولار وبلغ الإنفاق قبل الأزمة أربعة ترليون دولار وأضافت مع بداية الأزمة ٢ ترليون لمواجهة كورونا مما يضطر أمريكا إلى اختلاق ألف سبب لمواجهة الصين التي أصبحت خصمها العنيد والمرشح الأكبر لحكم العالم، وقد بدأت ملامح هذه الحرب والتي ستنتهي بالتوافق على نظام جديد ينهي القطبية الأمريكية.

محمد المقرمي  ٢٠ أبريل ٢٠٢٠م

الحجر الصحفي في زمن الحوثي