التحالف والشرعية

عبدالناصر العوذلي
الجمعة ، ٠٦ مارس ٢٠٢٠ الساعة ١٠:٠٨ مساءً

 مشروع فارسي  داهم اليمن أراد أن يجعلها منطلقا للتمدد نحو الجزيرة والخليج هذا المشروع ينطلق من ثنايا قومية فارسية غابرة أراد أصحابها بعثها من جديد إلى واجهة المشهد العام في التحكم والسيطرة مستغلة بعض التباينات والاختلافات في المنطقة العربية  التي على ضوئها بنت قواعدها ورسمت استراتيجيتها وتغلغلت في اوساطنا من خلال مطايا تم اعدادهم فكريا وعقديا وعسكريا لتنفيذ هذا المشروع البغيض الذي يراد له أن يسود ليطمس قوميتنا العربية ويرسم خارطة جديدة للمنطقة العربية،وها هي اليوم أمام أعيننا تريد أن تتبلور هذه القومية المنقرضة، في محاولة  للعودة من جديد  !!!

لقد جاء التحالف العربي ليسند الشرعية اليمنية ويأزرها لتعود الدولة اليمنية بمؤسساتها وهيئاتها ليتسنى لها بسط نفوذها وإعادة هياكلها وأمنها وأمانها واستقرارها، وحين انطلق التحالف في مارس من العام  2015  بالضربة الأولى لعاصفة الحزم لم يكن الأمر من زاوية عودة رئيس إلى سدة الحكم أو إعادة شرعية تم الانقلاب عليها ولكن الأمر كان له أبعاد أخرى وهو  إستشعار  المملكة وقيادتها الحكيمة  للخطر المحدق بالمنطقة برمتها،  وجاء التحالف العربي ليشكل تكاملا مع الشرعية في حربها  للمشروع الفارسي القادم من الحوزات الإيرانية بعد أن صرح أحد كبار قادة هذا المشروع أنهم سيطروا على رابع عاصمة عربية في سلسلة انتشارهم خارج حدود إيران ..

إذا" التحالف ممثلا بالمملكة والشرعية في خندق واحد ومصير واحد ومصلحة مشتركة واحدة فاليمن هي  العمق الإستراتيجي والأمني والقومي للمملكة وتتأثر المملكة بما يتأثر به اليمن والعكس أيضا فالمملكة عمق اليمن الإستراتيجي وهي البعد الأمني لليمن بما تفرضه الجغرافيا والتاريخ وهذه الحرب التي يقودها التحالف بدعمه للجيش الوطني هي حرب مصيرية مقدسة  عليها يترتب مصير المنطقة العربية  كاملة فالحوثيون ومن ورائهم إيران يريدون الوصول إلى  السيطرة على المقدسات في مكة والمدينة  وليس اليمن فحسب،  وعلينا أن ندرك حجم الخطر والمخطط الدولي الذي يتماها مع المشروع الفارسي ويدعمه من تحت الطاولة في تحالف  مبطن غير ظاهر  لكنه يتضح من خلال التسهيلات لإيران لتعبث  بخصائص الدول العربية واحدة تلو الأخرى .

إن سقوط  《نهم 》 وبعدها  《الجوف》  يدل دلالة واضحة على وجود هوة بين التحالف والشرعية  أوصلت الأمور إلى هذا المستوى من غض الطرف للتمدد الحوثي الحامل للمشروع الفارسي  وهذه الإختلالات والإختلافات  الحاصلة بين التحالف والشرعية هي العامل المساعد لانتصارات  الحوثيين وهي العامل المساعد لهم في التحرك من جبهة إلى أخرى بكل أريحية مع نقلهم  لعتادهم وجندهم لمئات الكيلو مترات دون تعرضهم لأي أذى بل  يتم  إيقاف جميع الجبهات حينما يكثف الحوثيون هجومهم على جبهة معينة في أمر غريب لايسفر  إلا بعدم إدراك الخطر الإيراني الحوثي .  

 لقد ذكرت  في مقال سابق أن الفرق بين الشرعية والتحالف من جهة  وبين الحوثيين من جهة أخرى  هو الإدارة الواحدة والقيادة الواحدة وهي التي يتميز بها جانب الإنقلابيين  وينطلقون  من خلالها وفق رؤية واحدة وسيناريو واحد، لأنهم تحت قيادة واحدة في كل الظروف بينما الشرعية والتحالف ليسوا على إدارة واحدة ولا قيادة واحدة فتعز لها إدارتها وقيادتها والساحل الغربي له إدارته وقيادته ومارب لها إدارتها وقيادتها ونهم والجوف والمناطق الأخرى لكل إدارته وقيادته  والإمارات في جانب والمملكة في جانب والشرعية في جانب والحوثيين يحققون الانتصارات في ظل هذه التباينات والاختلافات ، وسقوط نهم والجوف  مؤشر خطير في انحراف البوصلة وظهور الهوة والشرخ ويخطئ التحالف اذا تنصل من الشرعية وتخطىء الشرعية إذا لم  تتحاور مع التحالف لمعرفة مكامن الخلل في العلاقة فلابد من تصحيح العلاقة و عودة التكامل والتجانس فيما بين التحالف والشرعية هذا  إذا أرادوا هزيمة إيران وأذنابها، أما التباين الحاصل فهو يصب في قالب إيران وانتصارها في حربها ضد القومية العربية وعودة نار فارس لتشتعل من جديد وهذا يقوض أركان المنطقة العربية برمتها .   انتصار الحوثي يعني انتصار فارس يعني انتصار الساسان يعني عودة القومية الفارسية على حساب قوميتنا العربية فهل ندرك حجم الخطر  ؟؟

الحجر الصحفي في زمن الحوثي