الهدف مكة وليس القدس

سام الغباري
السبت ، ٠١ فبراير ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:٠٦ مساءً

ما الجديد، فالقدس في قبضتهم منذ عقود، لم تبعها السعودية ولم يُسلّمها زايد آل نهيان - رحمه الله - ، كانت أطراف المعركة معروفة، مصر وسوريا، وبعيدًا عن الخيبات التي تحدث عنها "محمد حسنين هيكل" وهو الشاهد المطّلع على أسرار الحرب المُدوّنة في كتابه "حرب السويس" فإن بائع الأسرار الحربية لتلك المعركة التي انتهت بالسيطرة على القدس معلوم بالاسم ومضبوط بالدليل والبرهان، ومن شاء كشف حجابه فليذهب إلى براهين "هيكل"

يتحدث المذيع الفلسطيني "جمال ريان" عبر منصته في تويتر بمقطع مُسجّل يشكر "جلالة الملك الهاشمي على بلاد الأردن" الذي "لم ولن يساوم على حقوق الشعب الفلسطيني" متهمًا السعودية والإمارات بـ "التفريط" في "القدس"، ثم يبكي "جمال" !

لا تروق لي دموع التماسيح، لأنها تغمط الحقيقة وتستعطف القلب لإلغاء العقل، فما تكشفه معاهدة فيصل بن الشريف حسين والصهيوني عايزر وايزمان أن "فيصل" أول من وطّن الصهاينة في أرض فلسطين وباعها لهم مقابل أمانيه من أجل اعتلاء والده عرش "مملكة الجزيرة العربية" ، ذلك كان وعد "لورانس العرب" لهم، ولمّا فاجأ الملك العربي الراحل "عبدالعزيز آل سعود" الجميع بتوحيده أراضي المملكة تحت راية التوحيد، وإقامة أول حكم عربي منذ قرون على هذه الأرض العربية، إندحرت آمال عائلة "الشريف حسين" ، وعائلات أخرى كانت تستقي مشروعيتها من الإحتلال والتأثير العثماني، تحركت عليه "عائلة حميدالدين" من اليمن في حرب العشر سنوات التي بدأت في العام 1924

كان "يحيى حميد الدين" مؤمنًا أن مكة والمدينة لا بد أن تحكم من رجل ينتسب إلى من يوصفون بأنهم من "آل البيت"، وطالما لم تستطع بريطانيا تنفيذ وعدها بحكم "الشريف حسين بن عون" فإن مكة والمدينة حقه المشاع الذي ينتظره !

  نعود إلى دموع التمساح العجوز، فبالقدر الذي يسعى من خلال تأثيره الإعلامي في خلق وعي عام لدى العامة أن يديّ السعودية والإمارات تُسلمان القدس، فإنه أغفل التأثير التاريخي لعائلة الشريف حسين في القضية كلها، وأن إشرافها الوقفي على المقدسات الإسلامية في القدس، كـ "إشراف المضطر" فلم تكن لهذه العائلة أي وصاية تاريخية على المسجد الأقصى، بل عينها على مكة والمدينة، حيث كانوا قبل مئة عام، وأما سيطرة إسرائيل على القدس فقد باتت بالنسبة لهم في حكم الواقع، ولم يبق أمامهم إلا ممارسة الضغط العالمي لتسليمهم مكة مقابل القدس، ومن أجل ذلك يُجاهد الهاشميون وتيارات اليسار الثوري في تحميل السعودية والإمارات وزر خيبات الزمن الرديء، حسدًا أحيانًا، وطمعًا أحيانًا كثيرة في مال يُدسِم شواربهم ويُغلق أفواههم، ذلك لم يعد ممكنًا، فلا مكة يبلغونها ولا أحلامهم باستهداف الرياض وأبوظبي عبر بوابات العراق واليمن والشام التي باتت بوابات ملتهبة مع الأسف.

ما يجب أن يخشاه هؤلاء التماسيح أن العبث بالخارطة العربية سيمنح إيران الدولة الشيعية الأضخم في المنطقة طاقة هائلة لتنفيذ مخططاتها المنفردة بعيدًا عن عائلة الشريف حسين بن عون، وإن كانت هذه العائلة أو تلك قد وجدت لها فيما مضى أرضًا أقامت عليها دولتها، فإن إيران لن تسعفهم بعمائمها السوداء هذه المرة الوصول إلى "قبرص" بحثًا عن ملاذ آمن لنهاية غير سعيدة .

.. وإلى لقاء يتجدد  

الحجر الصحفي في زمن الحوثي