فرح منقوص ذو شجون

د. فائزة عبدالرقيب
الاربعاء ، ٠١ يناير ٢٠٢٠ الساعة ٠٢:٢٨ مساءً

للمرة الخامسة على التوالي اودع اعواما محسوبة من عمر الزمن خارج اسوار بلادي وبنفس ينغص عليها الحزن ، كيف لا ومن يعيشون في الداخل يعانون الامرين في كل شئ، يضاعفه غياب الأمن والامان وتغييب الحكومة التي يمكنها ان تقوم بالدور الرئيسي والحيوي المطلوب منها .. لا يعني ذلك ان احتفالي بالاعوام التي سبقت العام 2015 كانت جميلة وخرافية لكنها وبكل ببساطة كانت تعكس جزء من السلوك الاجتماعي المكتسب في حياتنا وجزء من وعيي وثقافتي خاصة وان الاحتفاء بالعام الجديد يمنحني شحنة امل وتفاؤل بما هو آت، مودعة كافة احداث العام الماضي بكل اتراحه وفي ذات الوقت اختزن في ذاكرتي تلك الافراح التي شهدتها التي تعزز لدي معنى التواصل في الحياة.. اودع فيه كل هم ازعجني او  وجع المني او كبوة صادفتني وبمقابل ذلك اشحد همتي وباصرار لتجاوز تلك المصاعب التي واجهتها في العام الماضي.   كنت أدرك أن حياتنا لا تخلو من المنغصات التي فرضت علينا بسبب التباين في الوعي والسلوك وبسبب التصادمات السياسية في بلد ارهقه الفقر والفساد والتخلف وشيطنة السلطة التي كتمت على أنفاسنا، واختارت لون واحد لتشكل به حياتنا وتقوده بمعرفتها مع شراكة محدودة صورية لرموز  وكأنهم جاؤا من وحي التاريخ في التطور الاجتماعي والاقتصادي لمجتمعات قد شرب عليها الدهر واكل مضيفة اليه عبء لموروث اجتماعي وثقافي وافكار  تجاوزها الزمن بقرون، تعمدت تزييف الوعي والصورة في الداخل ومغالطة العالم الخارجي كما كانت تراه و كما يحلو لها ان تصوره لهم بعكس ماهو عليه وانه مجتمع متقدم متطور ، فقد صورت الشيخ القبلي انه القائد المدني الحديث صورت التمنطق بالسلاح في اطار الموروث الشعبي، صورت الرضوخ الاعمى للشيخ  هو القانون والعرف الذي يتفوق على القانون والدولة المدنية .. صورت وصورت وصورت ولكن ما كانت تخفيه بين ثنايا الواقع كان شئ مشين وبعيد عن العالم الحر المتقدم بآلاف السنوات الضوئية..

لقد كشفت سنوات الحرب الخمس العجاف، ان  الشعب هو من يدفع ثمنها قتلا وجوعا وتشريدا .. لقد كشفت الحرب مجتمع مشوه تقوده قيادات غالبيتها نفعية وانتهازية فاسدة لا يعنيها من هذه الحرب إلا الاستيلاء على السلطة والثروة والثراء الغير مشروع والشعب هو  آخر همها..

عشت حياتي بالطول والعرض، حياة بسيطة لكنها مفعمة بالفرح والأمل والحيوية والنشاط والتفاؤل والحلم نحو مستقبل جميل مشرق..  لم تكن حياتي كلها افراحا، بل اكتنفتها بعض من الاتراح التي كانت بمثابة كسر رتم الواقع، كي تجدد فينا الاحساس بالفرح وتغسل ارواحنا وتعمق فيها قيمة ودلالة معنى الفرح في حياتنا بصورة عامة و هو ما ينبغي أن يكون ملازما دائما لنا وهو الأصل في الحياة وعلينا ان نسعى كي يكون مرافقا لنا ما حيينا..

تهيات للاحتفاء بالعام الجديد منذ ايام اراسل الاصدقاء والاهل والاحبة، اذكرهم بقدوم المناسبة واهنئهم بها .. كنت ادرك ان الفرح هو  استجابة ورد فعل عاطفي يغذي ارواحنا ويجدد حياتنا ويمدنا بطاقة ايجابية تجعلنا نتفاعل مع الحياة، لتمنحنا الفرح وتمدنا بقوة تمكنا من تطويعها وننهل منها حاجتنا كيفما نشاء خاصة اذا ادركنا قواعدها و قوانينها والحدود التي تفصل بين كل ماهو ايجابي وسلبي فيها.. كنت اريد ان اشعر بالفرح وان اخرج من دوامة الاكتئاب والقلق اللذان تدفعني إليهما الأحداث.. كنت اريد ان اكسر العزلة التي وضعتني فيها الأقدار .. كنت اريد ان اتمرد على الواقع المؤلم باختلاس الفرح من عمق المعاناة ..  ساعتان تفصلني عن العام الجديد التواصل بيني مع الاصدقاء لم ينقطع، التهاني تصلني من كل حذب وصوب .. عقارب الساعة تسير ببطء لم اعتاده لكن مشاعري مازالت متبلدة تسير بمعية نبضات القلب ترتفع لحظة استلام الرسائل تزيد الفرحة من خفقان القلب والنبضات والرسم البياني لها يصعد ويهبط بحسب وقع  تبادل الكلمات والأماني التي كنت احرص ان نسعد بها بعضنا، وان نمني انفسنا بالتغيير والسعادة في المستقبل القريب القادم الذي نتمنى الولوج اليه في الدقائق القادمة ومع ذلك وجدت نفسي لم تكتسب اي قوة روحية في جميع محاولاتي البائسة لاصطياد الفرح رغم الاستعداد النفسي والروحي لذلك وما ان بدأ شحوب الكلمات يسيطر على الموقف وشرع الوقت يداهمها و البرودة تتوشحها بعد اول كلمة وداع ثم اعقب ذلك تهاد وسقوط مدو  للكلام لم يترك أثرا في النفس سوى خوف من ان يعقب هذا العام ، عام سادس وسابع و و   ..  اغمضت عيني خوفا والما  والساعة تقرع دقيقة التحول الزمني وجاهدت نفسي كي اقبض على الدمع حتى لا تخرج من مآقيها بشعور ذلك المقاوم الذي يعشق  التفاؤل و الامل الفرح .. نعم كنت اريد ان انتصر للفرح لكنه مازال فرحا منقوصا..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي