عندما تتعطل السخانة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ٠١:١٧ مساءً

الكثير منا يذكر حديث الرئيس بورقيبة للقذافي, الذي ذهب لتونس لكي يقنعه بالوحدة العربية. كان بورقيبة ناضج في كلامه يقول في محتواه من حيث الفكرة لابد من تغيير الفكر اولا عن طريق العلم لاننا لازلنا مخنوقين مش قادرين نتنفس و الجهل مسيطر على شعوبنا قبل الحديث عن الوحدة. و حاول يفهمه بمثل بسيط انه عندما تتعطل السخانة في القصر نجيب مهندس من فرنسا لتصليحها, مش قادرين نتحرر من التبعية. 

القذافي كان يضحك لانه لم يدرك مايقصد الرئيس بورقيبة, لم يفهم ان تجميع العرب بحالتهم هذه الغير منتجة و الغير متعلمة مستحيل. الفقر و الجهل و مفهوم الفيد و القبيلة ترجمة حرفية للتخلف, الذي يسبب التسلط و اختطاف المجتمع تحت مشاريع صغيرة دينية و مناطقية و طائفية و اسرية وحتى حزبية. فنحن في حرب بسبب ذلك و كان يمكن نكون بين البشر نعيش بكرامة و نحن في مرحلة تمزق ايضا بسبب ذلك, و نحن في ارتهان بسبب ذلك, ونحن في ضنك وفقر ولجوء ونزوح وهروب بسبب ذلك, و نحن خسرنا الماضي بسبب ذلك, نخسر الحاضر ايضا بسبب ذلك, و سوف نخسر المستقبل لو استمرينا بنفس النهج.

نحن مخنوقون و محبطون من الوضع, الذي يستشرس معنا و يتجسد بمشاريع صغيرة تجعلنا نرتهن لمن يدفع. نتحدث عن الماضي و ندمر الحاضر ولا نطول المستقبل, نتحدث عن المجتمع و الامة دون ان نعطي العلم و التنمية اي حجم. نتحدث عن الدولة و وحدة المجتمع ونمارس الاقصاء والفساد بحجج مختلفة وقبل ذلك دون ان ندرك ان العلم و الاقتصاد و التنمية هم ما يوحد المجتمع و يهدم المشاريع الصغيرة, العلم و الاقتصاد و التنمية هم ما يوحد الدول بحسب المصالح المشتركة مما يغير في بناء القيم و يجعلها قوية و منافسة في ميزان القياس العالمي, اي المصالح و ليس غير ذلك. اليوم مضحك الحديث عن حجم الوطن من حيث المساحة, و مضحك الحديث عن مجتمع متماسك و دولة و ديمقراطية و ركائز التخلف لازالت تتمدد, و مضحك الحديث عن الثروات و الموقع, لان العصر اثبت ان الثروة هي الانسان و تأهيله.

و اضرب لكم مثال بالمانيا الفقيرة بالثروات و الخارجة من حروب عالمية طاحنة و المنبوذة في اوروبا سابقا و الصغيرة من حيث المساحة, فهي اليوم بوزن ١٦ دولة لحالها بسبب الانسان و تأهيله. تستغرب من كلامي خذ ورقة و قلم رصاص و سجل انه لو وضعنا هذه الدول التالية بمساحتها و شعوبها و امكانياتها و ثروتها الطبيعية الكبيرة اي بناتجها القومي كمقياس اقتصادي لقوة الشعوب حسب ارقام البنك الدولي في كفة, اي السودان بناتج قومي ٨٩ مليار يورو, و تنزانيا بناتج قومي ٤١ مليار يورو, و الكويت بناتج ١١١ مليار يورو, و قطر بناتج ١٢٩ مليار يورو, و ايرلند بناتج ٢٦٤ مليار يورو, و المجر بناتج ١١٨ مليار يورو, و الارجنتين بناتج ٥٦٨ مليار يورو, و السويد بناتج ٤٧٧ مليار يورو, و الجزائر بناتج ١٣٩ مليار يورو و ايضا اليمن بناتج ٣٥ مليار يورو, و تركيا ب ٦٧٠ مليار يورو, و الكنغو بناتج ٣٢ مليار يورو, و غواتيمالا بناتج ٥٩ مليار يورو, و اوزبكستان بناتج ٦١ مليار يورو, و سلطنة عمان بناتج ٦٩ مليار يورو, كل هذه الدول يمكنكم تضعوها في كفة الميزان تساوي قوة المانيا الاقتصادية برغم ان المانيا اصغر من اليمن و افقر بكثير بالموارد الطبيعية, لكن العلم و الاهتمام بالانسان جعلها تعادل ١٦ دولة في اوروبا و العالم بقوتها الاقتصادية فحمت كرامة مجتمع عبر بوابة الانسان و تأهيله .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي