الأزمة اليمنية الأسباب والحل

د. عبده مغلس
الأحد ، ١٥ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٥:١٣ مساءً

المتابع لوسائل التواصل والإعلام السمعية والبصرية، المهتمة بالأزمة اليمنية، يجد كم هائل من كتابات وأقوال ومقابلات الكثير من الكتاب والمحللين والمثقفين والسياسيين، ويجد فيها الكثير من صراع المتناقضات، ومعاركها الكلامية، ويجد أغلبها تمثل ظاهرة صوتية، فجل ما يكتبونه ويقولونه ناتج عن هوى متبع أو مصلحة شخصية أو سياسية، وهو ما يعكس خلفية ثقافتهم وعصبياتهم، وتحيزهم ومصالحهم ومشاريعهم، فهم يطوعون الأزمات والحروب، التي تعصف باليمن وشعبه وحلولها، وفقا لما يخدم ثقافتهم المُكَوّنة وأهدافها، ولذلك لا يستندون في قراءتهم للأزمة اليمنية، بجذورها وأسبابها وحروبها وطرق حلها، على رؤية  تتميز بالصدقية والموضوعية والحيادية والوطنية.

إن قراءة أي أزمة سياسية تطلب قدر من المعلومات والمعرفة -على الأقل في حده الأدنى- في علوم التاريخ والجغرافيا، والإقتصاد والإجتماع، ففي أزمتنا اليمنية، يلعب التاريخ دورًا مهما فيها، فالحسين رضي الله عنه، وفقه إمامة أهل البيت المغلوط، يلعب دوراً رئيسيا فيها، والإقتصاد كالإقتصاد الأزرق (البحار وممراتها)، كناقل للطاقة والتجارة العالمية، واقتصاد الطاقة، واقتصاد التجارة العالمية، الممتد من بحر الصين الجنوبي، وخليج ملقا، حتى البحر المتوسط وأوروبا، وبوابته باب المندب وقناة السويس، يلعب دوراً رئيسيا فيها، إلى جانب اقتصاديات المصالح، الوطنية والإقليمية والدولية وصراعها، ومشروع تفكيك جغرافية اليمن والمنطقة ومجتمعاتها، كهدف للصهيونية لإقامة الدولة الدينية لليهود بفلسطين، يلعب  دورًا هامًا فيها، والمجتمع اليمني بعصبياته، القبلية والحزبية والمناطقية والمذهبية، يلعب دورا مهما فيها، وغياب فلسفة دراسة الربط والترابط بين هذه العوامل منفردة ومجتمعة وتأثيراتها المركبة والمتداخلة يلعب دورا رئيسيا فيها.

وعلى ذلك فإن عوامل الإقتصاد والجغرافيا والتاريخ، هي التي تدفع اللاعبين المحليين، الإقليميين والدوليين وأدواتهم المحلية والمباشرة، ليمارسوا دورهم وفق مصالحهم في الأزمة اليمنية.

 فكيف لمن ليس لديه إلمام بالحد الأدنى لهذه المعارف وارتباطاتها، أن يقرأ الأزمة اليمنية بتشابكاتها أو يضع الحلول لها.

إن هذه الإشكالية هي نتاج الإشكالية الأساس للنخب اليمنية، كإمتداد للمشكلة الحقيقية، المكونة لعقل الأمة، والمتمثلة في غياب أدوات ومنهج التفكر والتدبر والتعقل، والرؤية الموضوعية والمتكاملة، لقراءة الواقع، وفهم قوانينه ومتغيراته .

إن جوهر الحروب في اليمن وأسبابها والصراع وأسبابه، مرتبط بالتاريخ والجغرافيا والإقتصاد والعصبيات المجتمعية، وكل الحروب والصراع الذي يتم على السلطة والثروة، يستند عليها.

وحده مؤتمر الحوار الوطني، الذي تمت فيه عملية عصف ذهني للعقل اليمني، لمواجهة جذور الصراع والحروب في اليمن، والخروج لحلول لكل ذلك، وقدم رؤية موضوعيه للصراع وأدواته ومسبباته في اليمن وطريق الحل، ومورست فيه من خلال بحوثه وأوراقه، عملية نقد بناء، ومعالجات لجذور وأسباب الصراع اليمني، بتشابكاته المختلفة، وعلى رأسها الصراع حول السلطة والثروة، ونتج عن ذلك مخرجات الحوار الوطني، والتي تعززت بمشروع الدستور الإتحادي، كمنهج للحل العملي والمقنن للصراع والحروب في اليمن، من خلال مشروع اليمن الإتحادي بأقاليمه الستة.

ولهذا نجد كل القوى بأطرافها الإقليمية والدولية وأدواتها المحلية، والتي لا تريد لليمن حل أزمته وحروبه وصراعه، ولا بناء دولته القادرة والوازنة، ولا كرامة ابنائه واستقرارهم، حفاظًا على مصالحها،فهي تعمل على ضرب هذا الخيار اليمني للحل، من خلال استهدافها وهجومها المباشر وغير المباشر، على الشرعية اليمنية برئيسها وحكومتها، والمخلصين من رجالها، ومشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة، محاولين بذلك إسقاط الشرعية ومشروعها، لإبقاء اليمن في دائرة الحرب والصراع، للإبقاء على مصالح ومشاريع المتنفذين، المحليين والإقليميين والدوليين.

هذه هي حقيقة الصراع والحروب في اليمن عبر تاريخه وطريق الخروج منها بالحل المؤسس للسلام المستدام والتنمية والإستقرار وبناء المستقبل. اليوم على جميع المؤمنين بوطنهم وشعبهم ومستقبلهم، واجب إدراك كل ذلك من أسباب للصراع وجذوره، وعليهم التمسك بالشرعية والمشروع، كحل يخرج اليمن من صراعه وأزماته وحروبه، لبناء يمن المستقبل اليمن الإتحادي فهو مشروع إنقاذ اليمن، الأرض والإنسان، والجمهورية والتعددية والوحدة الوطنية.

ولذا من واجب كل القوى السياسية اليمنية، بمكوناتها الحزبية والمجتمعية، أن تجعل مشروع الشرعية ودستورها الإتحادي، خيارها السياسي والبرامجي وخطابها الإعلامي، وبدون ذلك كلنا سنفقد كل شيئ أنفسنا والوطن والشعب والثروة. 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي