ننظر للموضوع من باب العدل في الطرح!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاربعاء ، ٠٤ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ٠١:٤٢ مساءً

الحضارة بشكل عام كانت اسلامية او اوروبية او ما كانت هي نتاج تفاعل ثلاثة عوامل انسان و جغرافيا اي ارض و وقت لاخلاف حول ذلك. ننظر كيف كانت هذه العوامل قبل الحدث و اثناء الحدث. نراقب استمرارها و نكامل الامور و الاحداث خلال الزمن كم قرن اين الاثر. لا ننظر للتفاصيل كون لا نعلم هل هي تدليس لتشويه ذلك ام حقيقة أي ليس هناك حقيقة مطلقة لما وثق, و لا تاخذ في المجمل الا كحدث نرفضه لنتعلم ونصلح لكن لانقف أمامه و لا يعمم. فالانسان العربي القديم في الصحراء مثلا لم يكن له قيمة بمفهوم الاثر, اي مجرد شخص لن تتاثر بقية البشر ان اختفى او ظل, فليس له اي انتاج عسكري او فكري او تاريخي او اخلاقي او قانوني يمكن ان يظل لقرون. انسان يعيش دون قواعد الا ما يعرفه هو في محيطه المحصور او المتنقل. كان قاطع طريق كريم بما يسرقه عن غيره بحجة غارة. و هنا لو كنت في زمانهم, كان مثلا يمكن يكون وضعك عبد للبيع او سيد او شخص عادي تستند الى عشيرة او اسرة. اما اذا كنت امرأة فليس هناك قيمة تذكر لك في صحراء غير قيمة الصدفة, اي في اي غارة ممكن تتحولي الى جارية تدحرج من قدر الى قدر مجهول لمن يدفع.

علاقات المجتمع كانت اسرية, اي العبد عبد و السيد سيد و هناك طبقات لا يمكن ترتفع فيها او ترتقي, اي نظام اجتماعي عنصري و بدائي و معقد لا يوجد ما يبعث الامل ان تتغير جينات و تركيبات تلك البيئة ولا يكون للضعفاء كرامة. اما من ناحية الارض او الجغرافيا فهي كما تعرفها مجرد قبائل يأكل بعضهم بعض في صحراء. و الان لو اغمضت عينك و انت تدرك ذلك و فتحتها بعد ٢٠ سنة من البعثة مثلا سوف تسمع عن عقد اجتماعي جديد ليس اساسه الاسرة و انما الفكرة, عقد اجتماعي طرح المساواة امام الكل. سوف تسمع عن ميلاد دولة عن ثورة حدثت في المفاهيم و عن حقوق و عن دستور و عن جيش و قائد يرسل رسائل لملوك الارض جبابرتها و يطلب منهم الدخول فيما يقول كان رسالة ربانية لك, او فكرة بشرية لا نناقش ذلك الان وفي نفس الصحراء اي نفس الجغرافيا.

عندما مات مؤسس هذه الدولة لم يورثها لاهله و كان اتباعه اكثر شورى و انتصرت الفكرة على العشيرة و الاسرة و القبيلة و بعد اقل من ٦٠ سنة كانت هذه الدولة قد غيرت الانسان و الارض اي الجغرافيا و الوقت و جعلتهم يتفاعلون بشكل سريع متناسق. فوصلت هذه الدولة الى الصين و الى اوروبا و وسط افريقيا في اقل من ١٠٠ عام. و لم تكون انتفاشة فراشة و انما ظلت لعصور تسير امم بنظام دولة و رعاية اجتماعية لم يعرفه البشر من قبل. حصل تجاوز او اخطأ كبيرة او صغيرة فهم بشر مثل بقية الحضارات و نحن نتحدث بشكل تكاملي تام و بقانون العصر و الحضارة . حضارتهم لم يغلوقها على انفسهم و انما صهروا فيها الكل كان بشر او لغة او فكر. الفكر الفلسفي الاغريقي مع الفارسي و الهندي تم غربلته بقالب عربي اسلامي كان اساس لمن بعدهم في مرحلة النهضة في اوروبا.

و حتى ان نظرت لما بين يدنا من معارف فهي ارتكزت على ما قدموه هم لنا, كان ذلك في الاحياء او الطب او الفلسفة او الجبر و الهندسة و الادب. و كمثال لذلك تتحدث اليوم عن الذكاء الاصطناعي و نحن نعرف ان اساس الفكر هو الخوارزم, و نتحدث عن الطب و نعرف ابن سيناء و الرازي, و الكيمياء ابن حيان, و الفلسفة ابن رشد,و البصريات ابن الهيثم, و الاجتماع ابن خلدون وغيرهم الكثير, و اذا نظرنا الى علم التشغيل الذاتي أي الأوتومات و الإنسان الآلي فقد كان ابن الجزري هو أبو علم الأوتومات والآلات للميكانيكا وصناعات الربوت. واعطيك مثال عندما وصلت الحملة الصليبة لبيت المقدس كان العلم و المعرفة العربية بقدرتها تقيس بعد القمر عن الارض و يقومون بعمليات جراحية بينما في الغرب يقرأون الطلاسم على المريض و غير ذلك اما عن المدن و ما تركوه فا اذهب الى اسبانيا, لن تجد الاسبان الا يرتكزوا في تسويقهم للتاريخ على اثار ابائنا. و من هذا المختصر نقول ان الحضارة الاسلامية بقياس تفاعل هذه العوامل الثلاثة مع بعضها و على العنصر الاخلاقي و تكوين أشكال النشاط العام و توفر امكانيات الفن التطبيقي لكل نوع من أنواع الصناعة و تواجد البناء العمراني و توسعه انها حقيقة مطلقة لا نقاش حولها و انها جذر مهم في التاريخ البشري تدرس في الغرب في مناهجهم المدرسية و ان مؤسس هذه الحضارة بالمفهوم البشري هو رقم واحد في التاريخ ببقاء تأثيره وما حدث الى اليوم, و الى الان طرحت الامر لك بعيد عن الدين و انما بسياق مفهوم الحضارة البشرية و بمنطق محايد. فمن تكون انت لتنتقد و تزدري عصور لها خصوصيتها وضروفها وصراعها في السلم البشري, غير انك بالمفهوم الحضاري مجرد صفر دون معنى ولا فكر ولا اثر. في الانتقاد والتحليل يجب ان يكون الانسان عادل كونه يريد يصلح خلل وسلوك لا يهدم و يعك.

و الان ننظر للموضوع من باب العدل في الطرح و نتصور انه واحد منهم اي ابائنا يتحدث معنا بعد ان سمعك و انت تتهكم بما عمل و بما صنع قبل عقود من الان اي بحضارته بمكونتها المختلفة , سوف يطرح سؤال, مالذي يجعل انسان من الاحفاد يكون غير عادل في نقده لبيته و لمجتمعه و حضارته؟ ان رجعنا ٧٠٠ سنة, فسوف يقول ابائنا انتم الاحفاد عرة البشر, ماذا صنعتم غير الاكل و الشرب و النوم و الرقص و الغناء و الفسبكة و كثرة الهدرة ؟. و بدل ان تتعلموا مثل بقية الشعوب و تقاتلوا الجهل و الامية و الشعوذة شغلتم حالكم بامور لا تدركوها. و بدل ان تتعلموا بصمت و تصلحوا انفسكم و تتعلموا مهن تصلحوا حالكم و تكفوا حالكم من طوابير الرعاية الاجتماعية او مركز اللجوء في الغرب تثرثرون على الطالع و النازل على الحضارة الاسلامية بتفاهات لا تبني. ابائكم ان نظروا لكم ولنا سوف يقولوا لكم و لنا, خلفنا لكم أوطان من أقصى الأرض إلى اقصاها و ضاعت منكم. خلفنا لكم علم و دستور و هيكل سياسي شامل و رغم ذلك فشلتم. من دون حضارتنا و حصارنا لفينا كان الغرب سحبوكم كالعبيد اي كالخرفان بقانون العصر كما فعلوا مع ٤٠ مليون افريقي. ابائكم ان نظروا لكم سوف يقولون بمقياس العلم و الحضارة و المعرفة انتم في زمانكم عرة اخر الامم, اما نحن فمن حيث القوة و العلم و التأثير كنا في المقدمة بمقياس و ادوات عصرنا, اصابنا أو أخطأنا لا يحاسبنا من هم افشل منا. فسوف يقول ابائنا ليس من حقكم تقيسون عملنا بمقياس عصركم . تركنا لكم ما تتفلسفوا به و تستدلوا على جذوركم مثل العلوم والاثر والتأثير وشعوب تؤمن بدستورنا بقناعتها رافد لكم اي لم نكن عرة او وصمة عار مثلكم, اما انتم فاجالسين تبحثون عن حجج وتثرثرون ليل ونهار وانتم أفشل البشر لاتنتجون خبز يكفيكم. اصلحوا انفسكم و انظروا الى تركيا و كوريا والصين والهند وايران فيتنام و عملوا مثلهم فلم ينتقدوا لا اديانهم ولا حضارتهم و هذه واحدة. ركزوا على مكافحة الجهل كون الكهنوت هناك يترعر. اما النقطة الثانية مني كختام للموضوع, اليابان لم تدمر جذورها ولا ديانتها و لا معتقداتها فهم في صورة الشنتويين والبوذيين في نفس الوقت اي رسميا يمكن تحسبهم حوالي ٨٥ ٪ من السكان بوذيين و اكثر من ٩٠ ٪ من الشينتو اي مجتمع لديه تراث ديني معتقدي فيه مافيه من امور لاتقاس بالعلم.

ومختصر الموضوع علينا الا نبدأ بسذاجة من افكار العصور الوسطى و الصراع الديني والفلسفي مع الكنيسة و صالونات النقاش ذلك لم يعد يهم أحد في هذا العصر وقبل ذلك لايوجد اصلا بينكم لا فولتير و لا روسو و لا هيجل ولا كانت ولا نيتشيه مثلا أي طرحكم بسيط على قدركم. علينا ان ننظر لبعضنا بعض كفقراء ومدوخين في بيت واحد فيه ما فيه من تخلف وجهل وتسلط، نصلحه من داخله بانفسنا خطوة خطوة دون تعقيده اكثر ودون أن ينتبه لنا الغير حتى لايشغلونا بتفاهتنا أكثر ، علينا ننشر العلم والاخلاق بقدر ما نقدر و ناخذ أفضل ما عند الغرب لنستمر بجانبهم كبقية الامم لاسيما و نحن نعيش في عالم يباع فيه أوطان وثروات دول بالبورصة وبالجملة وعالمنا الضعيف هو السلعة ونحن نهتف ونصفق ونشغل حالنا بالماضي الذي لا يهم احد الان كيف ما كان.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي