عِبَر التاريخ

محمد بالفخر
الخميس ، ٢١ نوفمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٤:٠٩ مساءً

 تاريخ الأمم والشعوب مليء بالقصص والأحداث المثيرة تستفيد منها الأجيال اللاحقة فتأخذ من الإيجابيات فتستفيد وترى السلبيات فتتعظ منها حتى لا تقع في المهالك التي وقع فيها من سبق والاّ لما قال الله سبحانه وتعالى (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)

وكثيرا ما نسمع بالمثل الشائع التاريخ يعيد نفسه

وطبعا ليس بالضرورة تتكرر الأحداث على شكل صورة طبق الأصل لأن هذا ليس ممكنا للاختلاف الكلي الذي حصل في مسارات الحياة بكافة وسائلها.

في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي وفي آخر أيام الدولة السلجوقية كانت قبيلة الكايي التركية من أقوى القبائل وكان لها شرف الدفاع عن بقايا الدولة التي تتعرض بين الحين والآخر للهجمات الصليبية ثم المغولية التي كانت أكثر شراسة بعد أن تمددت واستشرى خطرها في كل بلاد المسلمين،

كانت قبيلة الكايي سدا منيعا في الحفاظ على منطقتهم سوغوت وكان المغوار ارطغرل ابن سليمان شاه يصنع تاريخا جديدا للأمة بأكملها فما كان من المغول الا التسلل عبر ضعاف النفوس من بعض القبائل الأخرى وقد تحقق لهم ما أرادوا من خلال قبيلة اومورو التي اغروها بالسيطرة على المنطقة وازاحة قبيلة الكايي واسقاط ارطغرل من الزعامة سواء بالقتل او النفي واحلال عميل المغول بيبولات والذي كان نزقا في تصرفاته فأنشأ المليشيات من قومه ومن قطاع الطرق وعلمهم طرق الارتزاق والارتهان للأجنبي،

 وبدأت مسلسلات الاغتيالات الغادرة والتي تقيد كما هو الحال في زماننا ضد مجهول وتنسب الى اسم مجهول الباستي وتدفقت عليه صناديق الذهب المغولية وأنواع الأسلحة والخيول وكثرت عمليات التقطعات للقوافل التجارية حتى وصل بهم الحال الى فرض السيطرة على مدينة سوغوت ورفعوا علمهم وأسقطوا علم قبيلة الكايي وفرضوا الضرائب على الأهالي وتقاطعت مصالحهم من القوى الصليبية في البيزنطية وكان المستهدف من هذا الحلف المشؤوم ارطغرل وقومه، وفي الوقت نفسه كان ارطغرل يحاول جاهدا للإبقاء على ما تبقى من هيبة الدولة فقام بعمليات بطولية في مناطق متعددة قضى فيها على كثير من الجيوب المغولية والبيزنطية وفلول المرتزقة حتى جاءت ضربة مغولية غير متوقعة خسر بسببها الكثير من رجاله ووقع ارطغرل في الأسر وانتشى المغول وعملائهم بهذا الانتصار المؤقت وحزن المؤمنون  وطلب بيبولات من المغول احكام السيطرة وإدخال جيوشهم وإخراج كنوز الذهب واعطائه ما تبقى فقط،

لكن ذكاء القائد الذي تخلص من الأسر وجمع شتات قومه وأعاد تنظيم جيشه وضرب ضربته المنتظرة بالقضاء على رمز العمالة والارتزاق بيبولات الملقب بالباستي ثم تفرغ للحبل السري الذي كان يمد فلول المرتزقة بأسباب البقاء حتى طهر البلاد والتي انطلقت فيما بعد لمرحلة جديدة من العالمية خلدها التاريخ.

فهل نعي ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرون انه لن يفلح من اعتمد على الغير على حساب اهله ووطنه.

وما نعيشه الآن من مرحلة الهوان والضياع لم يعد أمامنا الا واقع لا يحسن بنا الوقوف امامه مكتوفي الايدي فاستذكار التاريخ المضيء لأمتنا الإسلامية والتي سادت من خلاله على أمم الأرض بعد أن أخذت بأسباب التمكين وهوت بعد ذلك لضياع الأسباب ذاتها وتخليها عنها دروس يجب ان نتأمل فيها ونأخذ منها قوة للتغيير والانطلاق.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي