بلد مشبعٌ بالهزائم

كتب
الجمعة ، ١٣ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:١٨ مساءً
بقلم : عمار الاصبحي 18عاماً مضت من ذلك الصيف الأسود؛ الذي تلطخت فيه أيدينا بدمنا المراق على مذبح "فتوى" وتحالف خبيث؛ استباح الأرض والإنسان وحطم الوجدان الوطني..ها هي تمر من هنا، وقد تحول الحلم كابوساً مرعباً بممارسات "نظام" عسقبلي؛ أكتسب شرعيته من اغتصاب الإرادة واغتيال الحلم؛تم اغتصاب التاريخ ومصادرة الجغرافيا، فساد العنف، وضاقت بنا الحياة قهراً، وغدت كتلة سوداء فاقدة القدرة على تجاوز فواصل الزمن القهقري.. حتى صرنا غرباء نمضي في طريق موحشة ..مذعورون خلف قضبان العنف والفجائع ، نقاوم أحياناً وننكسر طوال الوقت، عاجزين عن استرداد حرية وكرامة وآدمية الإنسان.. ... حقيقة، هي رحلة بائسة في زمن قحط وبلد مكلوم، تغدو الكتابة عنها وعليها طلسماً مبهماً.. بل توصيفاً نظرياً مؤلماً لغدٍ معتم؛ ما لم تستوي لحماً ودماً ووجداناً وفعلاً يستعيد الثقة المفقودة!... اليوم وفي خضم ثورة "الحادي عشر من فبراير"، نظن أن الجميع قد أستشعر الخطر، فنبدو على أمل، رغم إدراكنا أن الإشكالية ربما تتجاوز الحلول الممكنة؛ لا ندري؛ ربما نراهن على ما تبقى من "ثورتنا" للتغلب على فوارق الزمان والمكان؛ وتجاوز الكارثة() لذا، يجب أن نحذر تلك "القوى" التي ساهمت بفاعلية في إنتاج كل مآسينا ، ومازالت تقاسمنا قهوة الصباح، وأحلام المساء.. من فرض منطق حضورها على ذلك النحو المرعب؛ لأن التكرار المزمن لنفس البرامج والأساليب المكشوفة، عبثاً سيعزز حالة التشظي، ويمنح الشرعية لمظاهر التفتت الاجتماعي والديني والطائفي، أن تأخذ على عاتقها، إنتاج مساحات شاسعة من الفواجع.. وإنجاز المزيد من الاندحار والترهل، في بلدٍ مشبع بالهزائم ومثخن بجراحه العميقة(!) ... بوضوح .. أن (اللحظة) هي الفرصة الأخيرة للحياة على هذه الرقعة، بالطبع، إنها مشروع حياة ؛ من يريد أن يحيا أهلاً وسهلاً فيه يكون، ومن لا يريد فهذا شأنه .. ليذهب إلى الجحيم! لا داعي لتسويق الوهم، والاستخفاف بالخطر بضربات العنف الموجعة؛ كما لا مجال للخضوع للأمر الواقع؛ إن التعامل غير الجدي مع الواقع اليوم، وبقاء الوضع بهذه الصورة الكاريكاتورية الممسوخة .. أمرٌ قد يضع الحالمين هنا أمام ضرورة البحث عن خيارات أخرى؛ تمكنهم من انتزاع وطن وتقرير المصير! بالتالي، على الجميع أن يعي جيداً، أنه إذا لم نتجاوز اليوم المنطقة الرمادية؛ بمشروع وطني، يحقق الآمال والمنشود من الأهداف، بعيداً عن المحاصصة والمقايضة والمصالح الانتهازية، فأننا بالتأكيد، سندخل في دوامة متجددة من العنف والفوضى وعدم الاستقرار ، وعليه ..لن نشهد فقط مزيداً من التخلف في واقع متغير كهذا، بل ستؤول بنا الظروف أكثر من ذي قبل؛ إلى تنمية التخلف بحيث تصبح معالجته أكثر صعوبة. *** .. لم تكن مجرد مشاكسة للجرح.. أو هباء توحدنا به على شارع الهذيان كي يعم الضجيج؛ هي ليست محض انفعال طافح أو حالة مؤقتة أستبد بها وهمنا الفائض هنا.. أبداً، إنها الفرصة الأخيرة لفيضان أوجاعٍ لم يعد يحتملها العمر.. بل هي الأمل الوحيد.. فتباً لـ"شمسٍ" تسرقُ لا تُشرق ويدٍ تذبحُ ثم تلين ().. لا بأس رفاقي؛ إننا نتوجع نعم ، نتوجع لكننا سننسى .. نحزن لكننا سنكبر .. فمزيداً من الصحو إذن؛ حتى لا نتوه، هكذا .. مزيداً من الحزن .. مزيداً من الصحو .. مزيداً من الحزن .. مزيداً من الصحو ، ألمٌ .. وأمل .. ألمٌ .. وأمل... ألـ...أمل ..حتى.............. ننتصر ، فنهجع كحلم.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي