لصناع القرار .. عدن تريد أن تكون بخير..!!

نسيم البعيثي
الثلاثاء ، ٠٥ نوفمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٤:٤٨ مساءً

بعد انقطاعي ومنذ سنوات عن الحضور والمشاركة في اية فعاليات «ندوات - مؤتمرات - ورش عمل - احتفالات» الرسمية منها أو الخاصة، وبعد ان ضللت ملازما منزلي في عدن طيلة شهور، نتيجة للوضع المجنون الذي شهدته وتشهده - حضرت بالأمس صدفة ودون ترتيب مسبق، فعالية ورشة العمل الخاصة بـ«مناقشة محاور مؤتمر ومعرض عدن الأول للبناء والمقاولات»، التي جرت فعالياتها في فندق «كورال عدن»، وذلك تلبية لدعوة وجهها لي احد الزملاء، وبعد الحاح كبير منه .. وبصراحة هالني ما رأيته وما لاحظته وقرأته في عيون المشاركين، واطروحاتهم وتصوراتهم.

ففي الوقت الذي كنت اتوقع ان اجد فيه فعالية صورية هزيلة وحضور ضئيل وبسيط، ومشاركة شكلية ورتيبة وغير منهجية - صدمت بالعدد الكبير والنوعي من المشاركين في هذه الورشة، والذين اغلبهم من المسئولين والقيادات الحكومية البارزرة، وكذا الشخصيات الأكاديمية التي تعد من اهم الكفاءات المتخصصة بالشأن الاقتصادي، الى جانب رجال الأعمال وممثلوا القطاع الخاص، وعلى رأسهم قيادة الغرفة التجارية والصناعية بعدن، ناهيك عن جمهور عريض من المثقفين والمهتمين بالشأن الاقتصادي والاستثماري، وكذا الاعلاميين وغيرهم - وهو حضور ملفت وغير متوقع ومثير للإهتمام سيما في مثل هذا الظرف الصعب والاستثنائي الذي تمر به عدن واليمن بشكل عام.

أما الأمر الذي لفت نظري وأثار إهتمامي فتمثل في طبيعة الاهتمام الكبير الذي ابدته تلك النخب النوعية من المشاركين بموضوع الورشة، والذي تجلي في حرصهم جميعا على حضور جلسات النقاش التي تلت الجلسة الافتتاحية وعدم مغادرة ايا منهم، وكذا تفاعلهم واثرائهم لموضوعها بالمقترحات والملاحظات والأفكار القيمة، التي تصب جميعها في كيفية انعاش الحركة الاستمارية في العاصمة المؤقتة عدن، وتهيئة المناخات والاجواء المناسبة للمستثمرين، وتدشين مرحلة اعادة الاعمار بشكل جدي .. وهو الأمر الذي كشف لي حقيقة توق ورغبة وشغف الناس في عدن بمختلف توجهاتهم وفئاتهم لعودة الحياة فيها لما كانت عليه، ووضع حد للفوضى وعدم الاستقرار والعبث الذي اصبح يمثل كابوسا جاثماً على صدور الجميع.

أما ما اثار دهشتي من خلال ذلك كله، فتمثل في طبيعة الحرص الذي ابداه جميع المشاركين على اهمية «مؤتمر ومعرض عدن الأول للبناء والمقاولات»، وتأكيدهم على ضرورة تهيئة كافة المناخات والاجواء المناسبة لإقامته، وكذا الآمال الكبيرة التي يعلقونها عليه، والتي افصحوا عنها في مداخلاتهم .. حيث اعتبره الغالبية منهم المدخل والمنطلق الأول لإحياء النشاط الاستثماري في عدن، واخراجه من حالة الركود، فيما وصفه آخرون بأنه يمثل المحطة الأولى لبدء مرحلة الاستقرار واعادة الاعمار .. الامر الذي يعني ان عدن تريد أن تكون بخير، وأن اهلها باتوا متعطشين للحياة بشكل طبيعي والتعايش بمعزل عن العنف والفوضى والصراعات والمهاترات التي لم يجنوا من ورائها سوى الخراب والدمار والشتات والضياع. 

ومن خلال ما سبق ارتأيت ان من واجبي نقل تلكم المشاعر والآمال والتطلعات السامية والنبيلة التي افصحت عنها وجوه تلك النخب ومشاركاتهم ورؤاهم وتصوراتهم ومقترحاتهم ايضا، والتي هي اصلا لسان حال كل العدنيين والجنوبيين بشكل عام - وذلك لكل المعنيين وصناع القرار سواء قيادات الشرعية أو قيادات المكونات الجنوبية عامة .. عدن والجنوب واليمن عامة ايها الانقياء والنبلاء سئمت الفوضى والاقتتال والصرعات والمناكفات، والناس بمختلف توجهاتهم ومناطقهم وفئاتهم وانتماءاتهم ملوا وتعبوا وانهكوا من هذا الوضع وهذا الركود، وجميعهم يتطلعون لبدء مرحلة الاستقرار والبناء والاعمار والتعايش الخلاق .. فكونوا عند مستوى المسئولية والامانة الملقاة على عاتقكم وضعوا حد لهذا العبث، وتسامحوا واطووا صفحة الماضي، ولننطلق سويا لبناء المستقبل وتحقيق تطلعات واحلام البسطاء في التأسيس للدولة المدنية والحياة الكريمة.

ختاما اتوجه بجزيل الشكر والتقدير لصديقي الذي وجه لي الدعوة والح عليا لحضور هذه الفعالية، التي عدت منها صراحة وعلى غير العادة وانا ممتلئ بالفرح والتفاؤل، والشكر والتقدير والثناء للاخوة في «مؤسسة المستثمر للمؤتمرات والمعارض» الذي يعود لهم الفضل في اطلاق فكرة هذا المؤتمر الهام، واقامة مثل هذه الفعاليات التمهيدية له، ولا انسى ان نشكر قيادة الغرفة التجارية والصناعية بعدن، والهيئة العامة للأستثمار، التي تقام هذه الفعاليات بالتنسيق معهم، وجميع الجهات الرسمية والخاصة المساهمة والمشاركة في انجاح هذه الورشة، وكذا فعالية المؤتمر الذي وبصراحة ومن خلال ما شهدته ولمسته اليوم بت اعتبره المحطة الاكثر اهمية في تاريخ عدن الحديث، وما اتمناه هو ان يقام وقد استقرت الاوضاع في عدن، وعادت الحياة فيها لوضعها الطبيعي، وانزاحت هذه الغمة الجاثمة على صدور الجميع.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي