مرة أخرى- تطوير المناهج التعليمية!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الأحد ، ٢٠ اكتوبر ٢٠١٩ الساعة ٠٢:٣٠ مساءً

 

اطلعت بالتفصيل على المناهج الالمانية للمدارس الى الثانوية العامة و فهمت سر تفوق الالمان في الجامعة, راقبت بصمت منذ كنت طالب و باحث و مشرف و مدرس جامعة  لهم لتخريج مهندسين و دكاترة.  فمن يريد يعرف سر المجتمع يبحث عن محتوى مناهجهم في المدرسة و سوف يجد العجب, فما ننشره من ابحاث و مشاريع بشكل قبل ان يكون حقيقة مطلقة تجد طريقها للمناهج. ولا انكركم انني اشعر برتياح عندما اجد سرعة مواكبة المنهج لما يصل اليه البحث و الاستخدام مثل الطاقة المتجددة و الخلايا العصبية و مفهوم المعلومة و تنقيح المعلومات في المخ, اي امور طالب الجامعة يحتاج له وقت يفهمها وقد وصلت لمنهج المدرسة, مما يعني سوف يصل لنا جيل للجامعة بمكانيات افضل. 

المانيا قوية و سوف تكون افضل و السبب ليس الجامعات فقط و انما المدرسة. فالمدرسة فهمت وظيفتها بدفع الطفل الى تعلم مهارات يحمي نفسه و ينمي قدرته و يجعله قادر ان يقف لوحده في الحياة دون اسرته متزن و متلائم فكر و قدرة, يشق طريقه كمكينة مكتملة يعرف اين يتجه. و الاسرة عرفت ان مهمتها توصيل ابنها او ابنتها للاستقرار والاستقلال, اي لايدخروا لهم مال و انما طريق تعليم او تأهيل, لدرج ان الطفل في الصف التاسع يكون مدرك, ماذا يريد؟ حيث يتم بعثهم في بداية الصف العاشر لعمل تطبيق في مختلف الاتجاهات في الجامعات و المعامل و المصانع و العيادات و الرعاية وغيرها, اي كل طفل يعود بعد اسبوعين تطبيق ليعرف, اذا كان هذا طريقه ام يغير. 

 المناهج الالمانية حتى التاريخ و الجغرافيا تم صياغتهم بشكل احترافي و علمي يجعل العقل يفهم ما حوله من ظواهر او سلوك او احداث، يجعل الشخص يحلل و يستنبط و يربط و ينتقد و يتجرد في التحليل بعيد عن رغبته, كيف يريد الشيء ان يراه؟. و على سبيل السرد، الجغرافيا هنا في المدرسة تهدف الى تفسير الظواهر البيئية و الطبيعية و الديمغرافية بشكل علمي و العولمة و تشكيك المدن و تفككها و اعادة تخطيطها من منطلقات اقتصادية و ديمغرافية و بيئية، بنظريات يفهم الطالب بموجبها الارض من مركزها الى كل شيء في سطحها الى ظواهر الغلاف الجوي و ترابط العوامل المناخية و الطبيعية في انظمة بيئة معقدة، اي من دراستي للجغرافيا لقيت العمليات الفزيائية و الكيمائية و غيرها في المنهج و كانك تدرس علوم, لدرجة اني تعلمت اشياء لم اكون اعرفها و فهمت اكثر التطور الاقتصادي الصناعي و السكاني و العولمة البيئة و الاقتصادية و الثقافية  و انواع الانظمة البيئة و الهجرات و اثارها في تشكل الاحياء و المدن و غيرها. 

اما التاريخ فهو ليس سرد باسلوب قصصي و فقط للجوانب الجميلة و انما تحليل لما حصل في التاريخ الانساني كما حصل و دون زيادة, الذي وصل الحضارة لما نحن فيها. الطالب هو من يستنتج و يحلل و يضيف و يناقش, و مهمة منهج التاريخ زرع افكار مهمة, مثل اهمية الحفاظ على ما نحن عليه من ثوابت و دستور و سلام و تعايش كون ذلك اهم انجاز بشري وصلنا اليه. و لذلك التاريخ مادة اساسية الى نهاية الثانوية مثلها مثل الرياضيات بموجبه يعرف الطالب تطور الثورات الصناعية و تغير اوروبا و عصر التنوير و الحركات الثورية كمنهج تغيير و الحروب الكونية و تشكل الدولة الوطنية و المرحلة الاستعمارية و المعاناة البشرية وغير ذلك, ليؤمن ان المستقبل لن يكون افضل من الماضي و الحاضر, الا اذا تجنبنا ما اخفقنا به و منعنا عدم تكرر كوارث الماضي.

اما المجتمع يفهم الطالب فيه تركيب الدولة و مفاصلها و العلاقات و القانون و الثوابت و منظمات المجتمع المختلفة و انظمة الانتخابات و الاحزاب و صناعة القرارات و البرامج الانتخابية و الهياكل المجتمعية، و هناك مواد اختيارية في المدرسة مثل علم النفس او الاقتصاد او الحاسوب او غير ذلك. و اما المواد العلمية ففيها ما هو حديث من ما ترسخ في الجامعة و الصناعة, و بصراحة لا تقارن من حيث الحداثة و جودة المعلومة و اشياء درستها انا في الجامعة و كنت استغرب, ليش الالمان فاهمين الموضوع و انا جالس اعك؟ و على سبيل المثال دوائر التحكم الالي من الانظمة البيولوجية او النظريات الاحتمالية او الزمرة و منطقها او الدلات التفاضلية و غيرها. 

اما اللغات الاجنبية فتجد الطفل او الطالب يتعامل مع الانجليزي و لغة او لغتين حسب ميوله. اما الرسم او مادة الفن فهي تفجر مواهب الطفل و يكفي ان تعرفوا ان في مادة الرسم في صف ثالث ثانوي يتعلمون فيها المناظير و المجسمات و التقسيمات الهندسية كأنهم معمارين اي عمارة مع تقسيمها حسب مخطط معين و هكذا,  و في صفوف مبكرة يتعلمون صناعة الافلام و الاعلانات و الرسوم المتحركة. و اما الرياضة ففي الصف الثاني و الثالث  ابتدائي يكون سباحة اي مهارة السباحة, و يكفي ان تعرفوا انني تعلمت السباحة هنا و انا في الجامعة و كانوا الاطفال يضحكون علينا اننا كبار و ننزل بمسبح الاطفال و المدربة تشرح لنا.  و لا يكتفي الامر هنا فطلاب المدرسة يعتمدون بشكل مستمر على مشروعات بحث, اي تجميع معلومات و تنسيقها و تحليلها و الدفاع عن ذلك كمحاضرة يعملها الطالب تعزز ثقته بنفسه يقف امام غيره و غير ذلك و مختصر الموضوع الرياضة و الموسيقة و الرسم يخرج لنا هنا جيل صحيح و ذو امكانيات و هويات مختلفة. والمناهج تختلف من ولاية لاخرى في التفاصل و ليس في الاتجاهات والاهداف والثوابت المجتمعية و الدولة و المهارات , التي يجب ان يتعلمها الطالب .

 نحن نفهم العملية التعلمية في اليمن بشكل عبثي, نرتكب كارثة دون ان نشعر بحق ابنائنا  بمناهج لا تواكب العصر و موضوعات لا تفيد، و سرد ممل ومعلومات قديمة و مثاليات كاذبة و خطابات ذات نكهة مريضة و عدائية تصنع وعى مزيف. نشغل ابنائنا بصراعات و تفكير مليشيات مذهبية و مناطقية و باشياء غير حقيقة لا تنمي مهارة ولا تفجر طاقة ابداع و لا تجعل الطالب معتمد على ذاته في استنباط الحقيقة و لا تجعله قادر يواجه مجتمع بفكر و ليس بلوك و مكارحة و لا تجعله معتمد على ذاته و يستعد للدخول عالم المهن و الجامعات و المنافسة و غير ذلك. 

طلابنا في اليمن لا نجهزهم للننافس بهم في صراع العقول كون تنتهي العملية التعليمية بالغش و تنتهي جامعته بالوساطة و هذا يكون في يوم ما مقرر تنمية او تخطيط وهو مجرد كارثة متنقلة, عندما يصل لمفصل في الدولة يتصرف بغريزة انانية و بالاصح حيوانية لا تهدف الا الاستحواذ على الوظيفة و امكانيتها له و لاهله حتى لو تدمر المجتمع. البلد تشجع الفشل, فالدولة لم تكلف حالها تقول نجمع عقول اليمن في الخارج و الداخل يجهزون طلابنا بالمناهج العصرية و ينقلون افضل ما يكون. فعندنا برفيسورات في الخارج نفختر بهم يستطيعون عمل الكثير للبلد اقل عمل هو تطوير المناهج التعليمية في اليمن و نقل التجارب التعليمية الناجحة في بناء جيل يمني قادر على فهم العلوم و المعارف و القدرة على الابداع, جيل يعتمد على استخدام المنطق و العقل و استنباط المعلومة و تحليلها بدل التلقين والحفظ و في النهاية الغش. 

تطوير المناهج عملية مرحلية معقدة تقتضي تطوير المدرس و البيئة و الرقابة بجانب المنهج و لكنها ليست مستحيلة, لو تم تحديد ذلك على مراحل نتكفل بها مع الحكومة بخطط و مهمات موزعة و اضحة و مجدولة. لذلك البرفيسورات في مقدمة المشهد العلمي في الخارج عليهم مهمة اصلاح المناهج التعليمية و التركيز على الشباب الصغير, الذين لن يقدروا على الصمود في الاسواق المفتوحة القادمة كعمالة منافسة و بالتعاون مع برفيسورات من الداخل. نخبة اليمن لابد ان تترك اثر في المجتمع و المناهج التعليمية هي البوابة الاولى في بناء جيل للثورة الصناعية القادمة.

الان بيطلع واحد يقول, طيب تحركوا و نحن معكم, وسوف نحاول نقنع فلان وعلان. و الاجابة بالمختصر, الدولة موجودة في هذه الصفحة كانت سلطة صنعاء او الشرعية, و التعليم مهمة الدولة, و هي خانة تصب في صميم الامن القومي, اي الموضوع استراتيجيات لابد تنهجها الحكومة ممثلة بوزارات التعليم المختلفة, ولا يمكن نقول لمغترب اترك عملك و قوم بواجب الدولة. لذا اكتب لكي يتحسن عملهم و ليس للتعجيز و البحث عن ثغرات.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي