اقتصاد عملاق مبني على سياسة الخوف!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ٠٩ سبتمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٩:٥٥ صباحاً

المانيا تصر على سياسة التقشف مع العلم إن اقتصاد المانيا يسجل ارقام تدعوا للتفائل و ليس القلق و الخوف. فمعدل البطالة انخفض إلى 3.5 ٪ أي أقل من جميع الدول الغنية تقريبا, و نسبة نمو الناتج القومي ضعف اليابان تقريبا واكثر من فرنسا, و معدل التضخم في ألمانيا تحت حدود المسموح به و الناتج القومي يرتفع كل سنة عن التي قبلها ب 142 مليار دولار سنويا. كما ان الاقتصاد العالمي يعاني بشدة ليس الان و انما منذ ازمة العقارات في عام 2008 لكن لا القوى العاملة الالمانية و لا سوقها تأثرت بشكل ملحوض بذلك و هذا تناقض صارخ مع الدول الأخرى, التي يهتز اقتصادها و مجتمعاتها. و برغم الصدمات السياسية في بريطانيا و أميركا و بقية العالم, و التي ترتبط دائما بالفقد المستمر للوظائف ذات الأجور الرفيعة المدفوعة الأجر إلى التشغيل الآلي و الواردات الأرخص ولاسيما من الصين, لكن ألمانيا تخالف هذا الاتجاه ايضا , اي لم تنخفض حصة وظائف التصنيع إلى حد بعيد و لا ارتفعت الواردات الأرخص من الصين. لكن ماهي الاسباب للنمو و الاستقرار الاقتصادي في بلد ليس لديه ارث استعماري ولا موارد طبيعية؟

و لفهم النموذج الألماني الاقتصادي يجب ان نعود الى أواخر التسعينات عندما فشل الاقتصاد العالمي و منه الالماني ايضا. كانت البطالة في المانيا مابين 4 الى 5 مليون أي عُشر القوى العاملة, كانت حصة ألمانيا من صادرات البضائع تتقلص, كان الحساب الجاري في عجز نادر, كانت صراعات الاقتصاد تدور في خفض قيمة العملة مقابل المارك الألماني في وقت سابق من هذا العقد, عندما كسر المضاربون حدود آلية سعر الصرف الأوروبية, كانت الأزمات في آسيا و روسيا تتمدد بشكل حاد لاسيما و هما سوقان تصديريان كبيران لألمانيا فلم تساعد في حل المشاكل الاقتصادية هنا, حيث كانت المشاكل أعمق. كان ينظر الى ألمانيا على أنها رجل أوروبا المريض, و مع ذلك و على نحو لافت, تماماً كما بدت الأمور ميؤوس منها بدأ رد الفعل القديم ينطلق, بدأت الشركات في اعادة صياغة العلاقات الرسمية بين الاستراتيجيات و الخطط و البرامج و السياسات, اي ما يطلق عليه المكونات التنظيمية, التي تهدف لتخفيض التكاليف و تحسين كفاءة الأداء و الجودة. 

و عندما نتحدث عن شركات فنحن نتحدث عن خلايا اقتصاد المانيا, نحن نتحدث 3 مليون 476 الف شركة مختلفة الاحجام .فلم تكتفي الشركات الالمانية بالهيكلة بشقها الاداري و انما ايضا تبع ذلك هيكلة مالية, اي بدأ من اعادة تقييم الاصول و زيادة راس المال, و زيادة التدفقات النقدية الداخلة و في نفس الوقت خفض التدفقات النقدية الخارجية. كل ذلك نجم عنه علاقات العمل الجيدة, التي تحكمها القواعد بدلاً من التشريع, و التي تعتبر مرنة بدرجة تكفي للتكيف مع التحديات الجديدة في السوق و مع حلول أواخر التسعينيات, بدأت الشركات و النقابات بالفعل في الابتعاد عن نظام صفقات الأجور على مستوى الصناعة. هنا لعبت التكلفة المنخفضة لمصنعي الخدمات المحلية حيث تكون الأجور مقيدة للغاية دورا كبيرا في إحياء الصادرات الألمانية, و الى هنا لم تكن هذه القصة كاملة لميلاد اقتصاد الماني عملاق مبني على سياسة الخوف وانما الحلقة الاولى في السلسلة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي