رئيس الجمهورية ، وزير التخطيط نافذة إلى ثقب المعونات الدولية!!

د. عبدالحي علي قاسم
الاربعاء ، ٣١ يوليو ٢٠١٩ الساعة ٠٤:٠٠ مساءً

  من واقع الإنصاف والإعلام التنموي البناء، أن نجيب العوج وزير التخطيط والتعاون، يبذل قصارى وسعه في تعبئة جهود وزارته للاضطلاع بدورها التنموي والتخطيطي، لترميم جدار البناء الإقتصادي، بتفعيل خيوط التعاون الدولي، وتحسب له ثمرة الزيارة الأخيرة للبنك الدولي التي جلبت معونات تقدر ب٤٠٠ مليون دولار. مبلغاً لا بأس به إن تم توظيفه  بحكمه وتبصر، وبما يحول واستفادة الصناديق المثقوبة حوثيا في صنعاء.
   ووسط جلبة الواقع السياسي والاقتصادي، غالبا ما يطال النقد لوزارة التخطيط، واتهامها بالتقصير، وتوجه لها انتقادات عديدة في ضوء التحديات المحيطة بطبيعة عمل الوزارة وملحقات فروعها جغرافيا.
   في ظروف حساسة كهذه تمر بها البلاد، ومعطيات خطيرة وكارثية في أداء صناديق المشروعات المرتبطة بالوزارة، نضع ثمة علامات استفهام يتوجب على الوزير العوج الإسراع في الإجابة عنها، أو بالأحرى تبديد الصورة القاتمة والمضللة، التي دائما ما تغطي المشهد عند الحديث عن وصول منح وتمويلات جديده،  قد لا يلمسها المواطن، واستفسارات منطقية يسألها المتابع البسيط للشأن في أروقة المؤسسات، وعلى سبيل المثال لا الحصر حجم الخصومات من هذه المليارات تحت مسمى استقطاعات ضريبية، يتم استحواذ خصمها، وتورد إلى مصلحة الضرائب في العاصمة صنعاء، والكارثة أن معظم هذه الأموال تدفع بمساهمة كبيرة من عضو التحالف العربي المملكة العربية السعودية، كمساهمة منها للتخفيف من اضرار الحرب، ومعاناة الإنسان اليمني من نافذة المنظمات الأممية، كبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أو مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، والتي تتسلمها الحكومة الشرعية ممثلة بوزارة التخطيط، وبدورها تُسلمها للأجهزة التنفيذية التابعة لها في صنعاء مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الاشغال العامة، كمنظمتين وطنيتين تابعتين للوزارة، واللتين تقومان بخصم هذه المبالغ كضرائب تدفع في صنعاء.
تضع تقديرات دقيقة أن حوالي خمسين في المائة من إجمالي ما تسلمته الحكومة من مبالغ  تخص برنامج الاستجابة الطارئة للأزمة الإنسانية في اليمن، والتي وصلت بحسب بعض التقارير إلى أكثر من مليار ونصف المليار دولار منذ العام ٢٠١٦ يتم تنفيذها عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة، اللذان يعملان من صنعاء، ويمارسان مهامهما التنفيذية تحت سلطة الأمر الواقع هناك، وهو ما يعني أن ما يقارب ستمائة الى سبعمائة ألف دولار حسب تقدير أحد المختصين في وزارة التخطيط  تذهب إلى جيوب حسابات في البنوك التجارية صنعاء تخص الجهتين المذكورتين، وفي حال ثبت صحة هذا المبلغ الذي يعطي عند ضربه في ٦% (كضرائب دخل على المقاولين بحسب أحد الباحثين في الشأن الضريبي) يعطي مبلغ 42 مليون دولار بما يعادل ٢١ مليار ريال يمني وفقا لسعر صرف 500 ريال للدولار الواحد.
وعليه، فإن الوزير اليوم أمام مسئولية تاريخية تقتضي  مراجعة عاجلة  لآليات خصم تلك الضرائب، والجهة المستفيدة منها فعليا، خصوصا وأن  تقديرات دقيقة تشير إلى أنه يتم خصم مابين ٦ الى ١٥ بالمائة من تلك التمويلات، كضرائب يتم تحصيلها في صنعاء.
وبرغم أن تلك المبالغ معفاة أصلا من الضريبة كونها منح، وبحسب تفاهمات سابقة مع البنك الدولي، حسب إفادة الباحث الضريبي المشار إليه أعلاه. وتأكيدا على ذلك، يشير مصدر موثوق في أحد البنوك العاملة في صنعاء، بأن مبالغ شهرية بالفعل يتم تحويلها إلى مصلحة الضرائب في صنعاء، يتم استقطاعها عبر حسابات بنكية متعلقة بتمويلات أجنبية وثيقة الصلة بمشاريع الاستجابة الطارئة للازمة الإنسانية في اليمن .
 قمنا بطرح هذا السؤال على أحد المختصين في وزارة المالية، وبعد أسبوعين من البحث والتحري، أكد بالفعل أن نحو عشرين مليار ريال يمني على أقل تقدير تم تحويلها من الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة إلى مصلحة ضرائب صنعاء، وهنا يأتي دور وزارة التخطيط، لتأكيد أو نفي، أو تصحيح المبالغ والمعلومات أعلاه، وعمل اللازم.
وللوقوف على معلومات دامغة، فقد تكلف أحد الشباب المختصين للتحري ميدانيا، وتسنى له أن يلتقي بأحد المتعهدين المتعاقدين مع مشروع الاشغال العامة، والذي قام بتنفيذ مشروعين بمبلغ ٢٥٠ ألف دولار، كشف له من خلال الوثائق التي بحوزته، تبين أن المشروع قام فعلا بخصم مبلغ ١٥٠٠٠ دولار  كضرائب، متسائلا بدوره (أنا من أبناء عدن، ونفذت هذه المشروعات في محافظات جنوبية بينما تخصم علينا تلك الضرائب لصالح جهات لاتنتمي للشرعية)، وهذه الحالة لاشك تؤكد صحة المعلومات والمبالغ الوارده أعلاه، ونحتاج إلى بيان من الوزارة يشرح هذا الموضوع لاسيما أن هناك  معلومات متواترة تم جمعها أيضا من خلال الهاتف لمكاتب خدمات تعمل مع الصندوق الاجتماعي بصنعاء، أكدوا بصريح الحقيقة أنهم يخضعون لخصم دوري يصل إلى ١٥% من مستحقاتهم حسب العقود الموقعة.
 ولأن هذه المبالغ لا تورد الى البنك المركزي في عدن فإن وزارة التخطيط بطريقة أو بأخرى، تحتاج إلى مراجعة سريعة وشفافة لآليات العمل التنفيذية عبرالجهات التابعة للوزارة والعاملة في العاصمة صنعاء.
في الأخير فإنه لاشك أن هناك جهودا مبذوله من الصندوق والمشروع لا تعفيهم من الحقيقة الثابته أنهم كمشروعين ممولين عبر الحكومة، يتوجب عليهما الايفاء بأي التزامات ضريبية للحكومة نفسها عبر البنك المركزي في عدن، أو أن يستفيد المواطن من الإعفاءات الضريبية، وليس من المنطقي أن توفر الحكومة و المجتمع الدولي ودول التحالف العربي تلك التمويلات من أجل أن تذهب لجيوب ضريبية في صنعاء الحوثي.
و قراءة واقعية للمشهد برمته لا مناص سيادة الرئيس ووزير الاخطيط من حل جذري للمشكلة طالما بقيت المراكز الرئيسية في صنعاء  سواء للصندوق، أو المشروع، مالم فإنهم سيبقون مجبرون لدفع الضرائب في صنعاء، وعليه فإن أحد الحلول يقتضي نقل المراكز الرئيسية إلى عدن وممارسة أعمالها من هناك، مع بقاء الفروع كماهي في سائر المحافظات بحيث يتم التحكم والسيطرة بتلك الأموال، وأوجه صرفها، وبما يحقق تنمية حقيقية على كافة الأصعدة .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي