اليمن ونكبة الجهل والسياسة القاصرة

د. عبده مغلس
الخميس ، ١٦ مايو ٢٠١٩ الساعة ١٢:٤٦ صباحاً

آ 
تلعب المعارف والمعلومات، دوراً في نهضة الأمم والشعوب، وقراءة الواقع، وإتخاذ القرارات الصائبة، في كل مناحي الحياة العلمية والفكرية والسياسية والإقتصادية ولهذا كان أول أمر من رب العالمين (إقرأ).
لكنا نجد مشكلة عند بعض المكونات السياسية والسياسيين في اليمن، بأنهم لا يمتلكون لا المعرفة السياسية، ولا المعلومة ولا الخبرة، فبينهم وبين مصادر المعرفة والمعلومات قطيعة، فلا يتابعون ما تنشره المراكز البحثية، ولا ما ينشره اعدائهم، وليست لهم مراكز بحثية حقيقية، وإن وجدت فهي تهدف إلى كسب المال، وتقديم المعلومة لخصومهم وأعدائهم، أو الدفاع عن توجهاتهم دون موضوعية، وبالتالي تنطلق توجهاتهم وقراراتهم عن جهل، لا يستند على أرضية معرفية، منتجاً رؤى قاصرة وقراءة مغلوطة للواقع، وقرارات خاطيئة وقاتلة، وبسبب نقص المعرفة والمعلومة والخبرة، تكون قراراتهم ومواقفهم، نكبة عليهم، وعلى الأمة ومكوناتهم، لقد نُكب اليمن بمثلهم، لم يستطيعوا قراءة خطر الحركة الحوثية، ولا خطر مليشياتها ودورها وارتباطاتها بالمشروع الإيراني، ولا إدراك أهداف ومشروع أنقلابها الذي أعلن نهابة الجمهورية باختيارهم لانقلابهم يوم تنصيب البدر إماماً يوم ٢١ سبتمبر ١٩٦٢، ولذا لمآ  يتمكنوا من اكتشاف خطرها لمواجهته، كما لم يستطيعوا قراءة الواقع بتشابك صراعاته المحلية والإقليمية والدولية، والذي جعل منهم أدوات لهذا الصراع، وجعل من وطنهم وشعبهم مسرحاً له، كما لم يستطيعوا قراءة وفهم توجه الشرعية اليمنية بقيادة فخامة الرئيس هادي ولا فهم مشروعه لإخراج اليمن من هذا الصراع، على المستويين الإقليمي والدولي، باتخاذ سياسة المصالح المشتركة، التي جعلت من كل الدول الفاعلة تصوت جميعها لقرارات بناء اليمن الإتحادي الجديد، وعلى المستوى المحلي قدم مشروع الدولة الإتحادية، الذي يُنهي الصراع على السلطة والثروة، وبناء اليمن الإتحادي، الوطن الواحد والمواطنة المتساوية، الذي لا يخضع لهيمنة العصبية سواء المذهبية أو المناطقية أو الطائفية أو القبلية أو الحزبية، ونتيجة جهلهم، لم يستطيعوا إستيعاب وفهم مشروع الدولة الإتحادية، ليتبناه خياراً ومشروعاً سياسياً، وليحموه ويدافعوا عنه، أمام خطر الداخل والخارج، وهاهم مستمرون بنفس مسلسل الجهل والقراءة الخاطيئة، فيهاجمون الشرعية ومشروعها، في وقت هم والوطن بأمس الحاجة للشرعية ومشروعها، لإنقاذ اليمن، والمحافظة عليه كوطن وشعب، من التشضي وصراع الدم، الذي سيطال كل قبيلة وقرية ومحافظة، وما زال اليمن يدفع وندفع جميعنا ثمن نكبة الجهل والسياسة القاصرة، وسيدفع اليمن الوطن والأرض والإنسان، ثمناً مضاعفاً في استمرار نكبة الجهل والساسة القاصرة، ولا مخرج لليمن الوطن والأرض والإنسان غير التمسك بالشرعية ومشروعها طريقاً للخلاص والمستقبل والبقاء.
د عبده سعيد المغلس
١٠ رمضان ١٤٤٠
١٥ مايو ٢٠١٩

الحجر الصحفي في زمن الحوثي