الرئيس هادي ومحمد الربع والخيانة العظمى

محمد قشمر
الخميس ، ٠٩ مايو ٢٠١٩ الساعة ١٢:٠٦ صباحاً


أثارت الحلقة التي قدمها الإعلامي الساخر محمد الربع الكثير من القيل والقال وكثرة السؤال والنقد والتوبيخ والمدح والذم والثناء، كل هذا التفاعل يؤكد أن هناك نوع ولو بسيط من الأجواء الصحية للوطن المنهوب والمكسور. لكن ما يشد الانتباه في الأمر هو التحامل المطلق من قبل البعض للإعلامي والمطالبة بمحاكمته بالخيانة العظمى، والحقيقة ان مثل هذه التهم لا ترمى جزافاً ولا توضع بطرق عشوائية، وكل ذلك الكلام إن دل على شيء فهو يدل على جهل المتحدثين بالدستور اليمني وبالقانون اليمني الذي ينظم هذه العملية بتفاصيلها الدقيقة لما لها من أهمية ٍ عظيمة ترتبط سلباً وإيجاباً باستقرار الوطن أي وطن بلا استثناء.
محمد الربع قد يكون تجاوز في حق رئيس الجمهورية ولكن كما اعتقد جازما أن الأصل الا يتم تحويله للتحقيق لأنه إعلامي ولكن يمكن للجهات القانونية المرتبطة بمكتب الرئيس أن ترفع دعوى تشهير عليه او سب وقذف او غير ذلك من التهم الموجودة في القانون اليمني، رغم أننا بعد ذلك سنكثر من الصراخ بأن السلطة التنفيذية تكمم الأفواه وترفض النقد ولا تقبل الرأي الآخر.
نحن ما زلنا نعيش في عالم ٍ آخر ويجب ان نعترف انم هناك قيم يجب الا تغادر ارواحنا وان نبقى معها متصلين لأنها تساهم في تماسك المجتمع اليمني ، انا مع النقد البناء الذي يحدد الخلل ويحدد المرض يبحث معنا عن الحلول أما النقد الهدام الذي يكون مرتبط اساساً بأجندات معينة خارجية على وجه الخصوص فهنا تكمن الكارثة ويكمن الخلل العظيم لأنه فقط حينها يمكن ان نلج الى عالم الخيانة العظمى للوطن من أوسع الأبواب ، ولا يمكن أن نقول انه لم تكن هناك خيانات إعلامية إن جاز التعبير في كثير من الدول وكثير من القضايا ما زالت قائمة ، كما أنه يجب الا ننسى أن كل إعلامٍ موجهٍ مدفوع الأجر مسبقاً يشكل خطر على الوطن وهو ايضاً يشكل كارثة وطنية وخيانة يتحملها القادة الإعلامين الضالعين في تلك الجريمة والتي يعلمون أنها جريمة، وحالتنا نحن اليمنين يمكن أن أقول بأنها معقدة فالأغلب يعمل من خارج الوطن وهذا الأمر قد لا يكون حميداً خصوصاً إذا توافرت بقية الأركان من محاولات هدم القيم الوطنية أو محاربة القيادة بهدف التمزيق وتسليم الوطن للخونة . ومحمد الربع لا يمكن أن تنطبق عليه أركان جريمة الخيانة أبدأً.آ 
كما أن هناك الكثير من القانونيين الذي تناقشت معهم في هذا الأمر يتحدثون عن الأسباب الحقيقية لما تمر به اليمن الان ومن يتحمل المسؤولية الحقيقية لهذا الضياع اليمني الذي طال أمده.
إذا عدنا الى الدستور فإنا نرى أن هناك جرائم توجه الى رئيس الجمهورية ونائبة وهي متعلقة بشكل كبير بسلامة ووحدة الأرض اليمنية وإذا ذكرناها يمكن أن نوجزها في مادة (3): توجه التهمة إلى رئيس الجمهورية أو نائبه بأي من الجرائم الآتية: -
أ-آ  الخيانة العظمى. ب- خرق الدستور. ج-آ  المساس بسيادة واستقلال البلاد.
نحن نعلم أن كرة النار الحوثية تدحرجت وخرجت من كهوف صعدة حتى ملأت اليمن لهيباً وقتلاً وتدميرا، وهنا يجب أن نقف بكل هدوء لنعاين المشكلة ونتساءل من الذي ساهم في وصولهم الى عمران ثم الى صنعاء ثم الى ذمار ثم الى اب ثم الى تعز وعدن وحضرموت وووو. كما أن بقاء الوضع بهذا الشكل يجب ان يكون له تداعيات لن تمر مرور الكرام. ايضاً بما أن الحوثيين ارتكبوا جريمة الإنقلاب فلماذا حتى الان لم يتم محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى بدلاً عن محمد الربع ، اهمال محاكمة عبد الملك الحوثي ورموز الانقلاب بتهمة الخيانة العظمى قد تفتح الأفاق الواسعة لمحاكمة رموز الشرعية ابتداءً بالرئيس ونائبه كما ان بقائهما بعيداً عن أرض اليمن في هذه الفترة الحرجة قد تدخلهم في دائرة التهمة وعليهم حينها الدفاع عن أنفسهم ، وايضاً هناك قادة عسكرين ومشائخ ووزراء ونواب يمكن أن تطالهم تهمة الخيانة العظمى وبعض الإعلامين الذين جعلوا خيانة الوطن مهنة إعلامية للتربح الشخصي.آ 
نحن نخشى على هادي لأنه قد تحمل مالم يتحمله غيره من رؤساء اليمن وعليه ان يثبُت في مواجهة كل الضغوط التي قد تؤدي في نهاية المطاف الى خروجه من المشهد اليمني خروجاً غير مشرف، وهذا ما يسعى اليه الحوثي الذي حتى لم يصنف كإرهابي رغم كل شيء ولم يحاكم بتهمة الخيانة العظمى.
نؤكد أن الوطن لن ينسى ما مر به من مآسي وأن الحصانات لا تدوم وأنه يجب التعامل مع مثل هذه القضايا بحرصٍ وبحكمة، وان على القانونين المحاطين بالرئيس هادي أن يشرحوا له أهمية ما نتحدث عنه وان يكونوا عوناً حقيقياً له ومواجهته بكل ما يجب، وأول ما يجب أن يمضوا فيه هو توجيه التهمة الى الخونة الحقيقين والبدأ في محاكمتهم والا يجعلوا من المجتمع الدولي شماعة تعيقهم عن أداء واجبهم الوطني في مواجهة الحوثيين في كل مجال وفي كل اتجاه. اليمن الان على جه الخصوص تحتاج الى التكاتف والتضامن والمصداقية والإخلاص أما غير ذلك فلن تجدوا ابداً ما يسركم او يسر الوطن والمواطن.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي