القائد العظيم الذي إفتدى بولده لأجل الوطن

علي هيثم الميسري
الثلاثاء ، ٠٩ ابريل ٢٠١٩ الساعة ٠٨:٥٧ مساءً

   عندما أرادت مليشيا الإنقلاب الحوثية أن تدخل العاصمة عدن لإجتياحها وإحتلالها .. إختارت أن تكون مدينة الضالع نقطة إنطلاق بإتجاه العاصمة عدن .. فوصلت إلى أطراف مدينة الضالع الحصن الحصين لمدينة عدن وأرسلت عيونها تتقصى عن أخبارها .. فوجدوا رجلاً تبدو عليه ملامح الهيبة والشجاعة ترتسم على محياه الحدة والصرامة ، وبدأ الإسمرار على هيئته من بعد بياض والعرق يتصبب من جبينه وكان يرافقه فتىً صغيراً لم يبلغ الحُلُم .. فقالوا له :
أخبرنا عن بلدك ، وكم عدد قواتكم ، وكيف نستطيع أن ندخل مدينة عدن وماهي منافذها ؟

فقال لهم : سأخبركم عن كل أسئلتكم ولكن بشرط أن تقتلوا هذا الفتى قبل أن أقول لكم أي شيء كي لا يكون شاهداً على ما سأقوله لكم ، فقالوا لك ذلك ..
 فأخذ أحدهم سلاحه الرشاش وقتل الفتى ، فسال الدم من جسده النحيل ليملأ الأرض ويشربه ترابها والقائد العظيم ينظر إلى الأرض وقد تملكه الألم ورباطة جأش في آنٍ معاً وهي تشرب دمه وروحه ينازعها الموت حتى فاضت إلى خالقها .

 

    ثم قال لهم : أتدرون من هذا الذي جعلتكم تقتلوه ؟
فقالوا له : لسنا أعلم بالجواب من السائل ، فأجابهم قائلاً : هذا ولدي .. خشيت أن تقتلوني أمامه فتنتزعون منه ماتشاءون من المعلومات ففضلت أن يُقتل على أن ينطق بحرفاً واحداً يساعدكم في غزو عاصمتنا الحبيبة عدن .

 

    ترك الجنود الرجل الشامخ يحتضن جثة ولده والدموع تنساب من مقلتيه على خديه دون أن يصدر منه صوت البكاء وهكذا هم الرجال العظماء ، فعاد بعض القيادات أدراجهم إلى جبال مران وقصوا القصة على عبدالملك الحوثي .. فقال لهم أعيدوا الجيش وأنسحبوا من هناك ، فبلدة يضحي بها الآباء بالأبناء لأجلها لن نستطيع غزوها وإن غزوناها فلن ننتصر .. وهكذا سَلِمَت العاصمة عدن من الإجتياح الحوثي وإحتلالها عبر مدينة الضالع .

 

    بعد عودة مليشيا الحوثي الإنقلابية لقواعدها أشار بعض القادة لسيدهم عبدالملك الحوثي بأن يكون إحتلال عدن عن طريق البحر ، فبدأت المليشيا بتجهيز قواتها وعتادها من سواحل ذمار ، فإنطلقت قوة ضخمة بإتجاه العاصمة عدن بسفن وزوارق حربية حتى وصلت إلى سواحل عدن وإحتلتها دون مقاومة تُذكَر من قِبَل أهالي عدن الذين لا يجيدون مسك السلاح ولم يخوضوا معركةً قَط بقدر إجادتهم صناعة العُشار ومضغ التمبل والتجليب "إصطياد السمك بالوتر" .

 

    وصلت الأخبار إلى مسامع ذلك الرجل الشامخ الذي إتضح فيما بعد أنه قائد عظيم عن إحتلال مليشيا الحوثي العاصمة عدن فإستشاط غضباً وصرخ صرخة قوية وصل مداها أصقاع المعمورة وبلغت عنان السماء وسمعتها قوات المليشيا الحوثية في عدن فتسلل الرعب إلى قلوبهم ، ثم جهز القائد العظيم قوة صغيرة لا يتعدى عدد أفرادها بضع مئات بأسلحتهم الشخصية ، فتوجهت تلك القوة التي أسموها "فدائيو الجنوب" إلى العاصمة عدن بقيادة القائد العظيم الذي إفتدى بولده لأجل الوطن .

 

    بمجرد أن وصل الفدائيون إلى عدن دارت معركة حامية الوطيس بينهم وبين قوات الإحتلال الحوثية ، وبعد كر وفر سُمِعَ فيهما أزيز الرصاص ودوي المدافع  إنتهت المعركة بهزيمة نكراء لمليشيا الإحتلال الحوثية ، فقُتِلَ من قُتِلْ وأُسِرَ من أُسِرْ وهرب الآخرين يجرون أذيال الخيبة والهزيمة ، وإنتشرت جثث أفراد المليشيا في شوارع العاصمة عدن ولكثرتها تم إنتشالها بالشيولات وتعالت زغاريد النساء وسُمِعَت صيحات أبناء عدن في سمائها وهم يهللون ويكبرون ويحمدون الله أكبر ولله الحمد ، وأُعلِنَت عدن عاصمة محررة وحينها إستطاع فخامة رئيس الجمهورية العودة إلى عدن آمناً مُستَقِراً مصطحباً معه الحكومة بوزرائها ومسؤوليها .

 

    في نهاية القصة بقيَ لنا أن نكشِف عن ذلك القائد العظيم الشجاع الذي إستطاع بحنكته العسكرية والقتالية وبشجاعة وبسالة أفراد قوته العسكرية أن يحرروا العاصمة عدن ويُعيدوا إلى أهلها الأمن والأمان والطمأنينة .. إنه القائد العظيم عيدروس الزبيدي ورفاقه الأبطال شلال شائع وهاني بن بريك ومنير أبو اليمامة وآخرين من قرية زُبيد والقرى المجاورة .

من كتاب : لصوص التحرير من واقع عدن المرير .

علي هيثم الميسري

الحجر الصحفي في زمن الحوثي