( يا ليالي ) طغت على ثقافتنا

محمد بالفخر
الخميس ، ٠٤ ابريل ٢٠١٩ الساعة ٠٧:٣١ مساءً

  لم استغرب وانا اشاهد مقطع متداول في وسائل التواصل الاجتماعي احد الشباب الإعلاميين الهواة يسال في أماكن متفرقة بعض الشباب من الجنسين السؤال الأول عن أغنية يمنية حديثة غناها فنان خليجي فكانت سرعة البديهة في الرد الفوري عندهم ابتداء بالفتاة الجامعية كما يبدو ان التصوير تم في حرم احدى الكليات وانتهاء بآخر من اجاب في المقطع  انها أغنية ( ياليالي ) وسألهم السؤال الثاني ماهي الآية الأولى من سورة المسد فكانت الطامة الكبرى على ذوي السرعة البديهة في الرد الفوري عن السؤال الأول بانتهاء ثقافتهم العامة الواسعة واذا بتلك الثقافة وسعة الاطلاع تنتهي عند ياليالي وانا اجزم لو ان المذيع توسع  معهم بالأسئلة وسألهم أسئلة أخرى عن البرشا والريال واليوفي وميلان ومانشستر وليفربول لحصلنا على معلومات وافرة عن بطولاتهم ونجومهم اللامعة والشهيرة وفي الوقت نفسه 
لو كانت أسئلة أخرى عن احداث تاريخنا البعيد والقريب قطعا ستكون النتيجة مخيبة للآمال. 
للاسف هذا واقعنا هو مشابه لواقع الكثير من المجتمعات العربية التي ضربت فيها سياسة التجهيل المتعمد أطنابها في كل زوايا المجتمع لانها في النهاية تحقق لصناع هذه السياسات مرادهم فتصبح هذه المجتمعات كالقطعان السائبة لا هم لها الا البحث عن لقمة العيش والتي لا تأتي بسهولة ويسر والانغماس في الملذات الوقتية والترنم ب ( ياليالي ) واخواتها والاستمتاع بمهارة ميسي ورونالدو ورفاقهم 
وأما الجنس اللطيف فهمهن الأبرز التسوق في المولات ومتابعة ماتم اغراق السوق به من معامل الأزياء والمساحيق المتنوعة الخادعة لأعين الرجال والناهبة لمدخراتهم المالية.  
اما مايجري داخل الوطن وماهو الواقع المرير في الكثير من جوانب الحياة ومنها ماتمس فريق ( ياليالي ) مباشرة 
فهذه من آخر اهتماماتهم وآخر مايمكن ان يتم التفكير فيه. 
اما قضايا الأمة المصيرية وما يجري في بعض مناطق الوطن العربي وبلادنا معهم  من حروب مدمرة منهكة لكل شي  واستنزاف لثرواتها وتضييع لمقدراتها  ولا يسلم من ذلك الا ارباب السلطة وذوي القربى منهم. 
وهذا في المحصلة امر طبيعي لسياسة التجهيل الممنهج كما اسلفت. 
طبعا مقطع الفيديو السالف الذكر  صحيح انه ابرز لنا شريحة معينة من شبابنا وفتياتنا ونوعية اهتماماتهم وانحصار ثقافتهم في جوانب محدودة وهذه لا تعني ان المجتمع باكمله او بأغلبيته تمثله تلك الشريحة. 
لكنها في الحقيقة جرس إنذار طالما حذر منه العقلاء حتى نفيق وننتبه لمكامن الخلل ومواطن الداء لتتم معالجته قبل ان يستشري في الجسد كاملا وبأقل التكاليف الممكنة والمتاحة. ولا نقول لهم لا يستمتعوا بالليالي والحب الحالي لكن لا تغيب الأولويات عن الهدف  كما ضاعت في الجيل الماضي الذي انغمس في ثقافة الحب وسيرة الحب وهل رأى الحب سكارى مثلنا  حتى طالت السكرة ولم تعيد الينا الهزائم والنكبات المتتالية شيء من ادراكنا حتى صرنا الى هذا الواقع المزري والله المستعان.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي