هل من مُدَّكِر

علي هيثم الميسري
الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠١٩ الساعة ٠١:٠٣ صباحاً

 

    قبل أمس كانت الذكرى الرابعة لعاصفة الحزم والعزم في اليمن التي كانت سبب رئيس لإيقاف تمدد مليشيا الحوثي وعفاش في كافة بقاع الأرض اليمنية ، وبهذه المناسبة إنبرى العديد من مسؤولي ومثقفي وإعلاميي الحكومة اليمنية وكتبوا بهذه المناسبة وعبروا عن آرائهم وشكروا ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بارك الله فيه وفي عمره لتلبيته نداء فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي .

    كل ذلك الشكر والعرفان طبيعي جداً وظاهرة صحية لا غبار عليها ولكن !!! ألا ينبغي أولاً أن نشكر الله عز وجل في أن سَخَّرَ للشعب اليمني ملك كالملك سلمان ودولة شقيقة كالمملكة العربية السعودية ؟ وألا ينبغي ثانياً أن نشكر رجاحة وحنكة صاحب الشرعية الوحيدة في تشريع هذا التدخل وإعلان عن عاصفة الحزم ؟ وألا ينبغي أن نترحم على كل الشهداء الذين سقطوا على تراب اليمن الطاهر وضحوا بأرواحهم الروحانية ليدافعوا عن ديننا وأرضنا وكرامتنا ؟ فلولا شهدائنا الأبرار ما كان لهؤلاء أن يكتبوا كلمة شكر واحدة ، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله .

    ما دعاني للكتابة في هذا الموضوع هو سؤال خَطَرَ على بالي وأنا أتأمل الأربع السنوات الماضية وهو : هؤلاء الذين كتبوا وشكروا وغنوا وترنموا بإنطلاقة عاصفة الحزم لو أنهم كانوا في الداخل اليمني أو لم يكونوا موظفين أو مسؤولين في الحكومة اليمنية أو لا يستلموا رواتب أو مكافاءات بأي شكل من الأشكال هل كانوا سيكتبوا أو يشكروا ؟ والسؤال الثاني : بقية أبناء الشعب اليمني الذين يعيشون تحت وطأة طغيان وجبروت مليشيا الإنقلاب الحوثي في المناطق المحتلة وأولئك الذين يعيشون تحت وطأة غطرسة وعنجهية مليشيا دويلة ساحل عمان ما بالهم لا يكتبون ولا يشكرون ؟ في رأيي الشخصي "من يده في الماء ليس كمن يده في النار" .


    كل أولئك الشاكرين سنصدق مشاعرهم إن عادوا وأسرهم إلى الداخل اليمني ليشاركون إخوتهم في معاناتهم اليومية وخصوصاً في المناطق المحررة ، أو على الأقل إن أتبعوا شكرهم إنتقاد سياسات الطرف الثاني "دويلة ساحل عمان" في المناطق المحررة من تأسيس مليشيات وإحتلال للموانئ والجزر .. بإختصار خروجها عن أهداف عاصفة الحزم والتي كانت فيها طرف دخيل في عاصفة الحزم ، فهل أولئك الشاكرين الصامتين يرضون أن دويلة ليس لديها تاريخ تطمع في جغرافية أرض لها تاريخ وهي بلدهم ووطنهم ؟ وهل أولئك طموحهم يتوقف عند وظيفة أو منصب أو راتب أو مكافأة مالية مقابل الصمت عن نهب بلدهم وإنتزاع السيادة وغض الطرف عن معاناة أكثر من ثلاثين مليون .


    بعد حوالي ثلاثة أشهر ونصف سنحتفل أيضاً بذكرى مناسبتين وهما مناسبة إنطلاق عملية السهم الذهبي ومناسبة تحرير عدن وبهما ستكتمل ذكريات المناسبات السنوية ، وسنكون قد إحتفلنا بإثنا عشر مناسبة خلال أربع سنوات كان فيها مسؤولين في الحكومة اليمنية يحتفلون ويكتبون ويشكرون وحينما خُلِعوا من مناصبهم إلتزموا الصمت ، ومنهم من إنتقد العاصفة ويطالب بإيقاف الحرب ومنهم من ذهب بعيداً وإنظم في ركب القوى المعادية للشرعية وإرتهن لها بل ورهن أسرته ، إلا شخص واحد يمتلك من المبادئ والقيم والثوابت الوطنية التي بلغت عنان السماء لا يزال يدافع عن الشرعية ولم يرتهن للقوى المعادية ولا يزال يذكر محاسن عاصفة الحزم "لن أذكر إسمه" .

    أما نحن الشاكرين والناقدين المحافظين على مبادئنا وقيمنا وثوابتنا الوطنية المستشعرين لمعاناة الشعب اليمني منذُ إنقلاب الميشيات لا زال يحدونا الأمل في بزوغ فجر اليمن الإتحادي طالما وأن فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي روحه النقية الطاهرة تسري في جسده ، ولن نفقد الأمل إلا إذا مسه الشر وإستطاع المتربصين به النيل منه ، حينها سنترحم عليه ثم سيُفرض علينا أن نقول يا "حُسيناه" ليس نحن اليمنيين فقط بل كل دول الإقليم .. فهل من مُدَّكِر ؟ .
 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي